النّحافة.. هل تُعدّ آفة كالسّمنة؟ وما طرق علاجها؟ (Others)
تابعنا

ترجع النحافة لمسببات عديدة، ويُعتبر تحديد المسبب مهم جداً لتحديد الطريقة العلاجية الأمثل لكل حالة بشكل فردي، وتعود أهم مسببات النحافة إلى عوامل وراثية مشتركة بين شخص أو أكثر من أفراد العائلة وظاهرة بشكل واضح.

وترتبط النحافة بمسبب صحي، ومن أهم العوامل الصحية المؤثرة على النحافة فقر الدم، ونقص الحديد، وخلل في هرمونات الجسم، والديدان المعوية، والالتهابات المزمنة، وأمراض سوء الامتصاص الهضمية، والسكري غير المُعالَج. ولا يقلّ تأثير المسبب الصحي عن العوامل النفسية، حيث يُعتبر كلٌّ مِن القلق والاكتئاب والتوتر والصدمات النفسية مِن مسببات النحافة.

أما تغذوياً، فإن المسبب قد يكون استهلاك كمية طاقة غير كافية وغير متناسبة مع احتياجات الجسم اليومية، إضافة إلى بعض السلوكيات غير الصحية مثل العشوائية في نظام الوجبات اليومية وتناول طعام غير صحي وغير متنوع. ويعود هذا لعدم كفاية احتياجات الجسم من العناصر الغذائية الكبرى وهي البروتين والدهون والكربوهيدرات، والعناصر الصغرى وهي الفيتامينات والمعادن التي تُعتبر مهمة جداً لبناء الجسم وللنمو السليم، ومِن ثمّ الحفاظ على وزن صحي في مراحل الحياة اللاحقة.

أضرار النحافة على الصحة

للنحافة أضرار صحية كثيرة جداً. وتختلف من مرحلة عمرية لأخرى. فمثلاً في سنّ الطفولة تؤثر النحافة سلباً على نمو الجسم السليم وبالتالي تُسبب نقصاً في النمو إضافة لمشاكل صحية قد تظهر في مراحل لاحقة مثل الخلل الهرموني، والأنيميا، وهشاشة العظام، والقلق والتوتر والاكتئاب، ومشاكل في التركيز والتحصيل الدراسي والذاكرة. وقد تتفاقم المشاكل الصحية السابقة في حالات متقدمة من النحافة خاصة عند ارتباطها بسوء التغذية.

إضافة للأضرار الصحية، تترافق النحافة مع أعراض مصاحبة لها تعيق الحياة الطبيعية مثل ضعف العضلات، والغثيان والدوخة، والشعور المستمر بالتعب، وضعف مناعة الجسم وزيادة فرصة الإصابة بالأمراض المعدية، والشحوب وتعكر المزاج.

الطرق الشائعة لعلاج النحافة

على غرار السمنة ومشكلة زيادة الوزن، فإن البحث عن علاج لمشكلة النحافة يقود الشخص إلى مجموعة كبيرة جداً من الحميات الشائعة والوصفات التي لا تُعدّ ولا تحصى، والتي أصبحت مادة لجذب القراء والمتابعين دون أي وعي بالمضار الصحية المترتبة على اتباع بعض الوصفات المتداولة، البعيدة كل البعد عن كونها علاجاً ناجحاً لهذه المشكلة الصحية.

أما الحميات الشائعة لعلاج النحافة، فتعتمد اعتماداً تاماً على منح الشخص النحيف كمية سُعرات حرارية كبيرة جداً بهدف زيادة الوزن، بغضّ النظر عن مُسبب النحافة لديه الذي قد يكون صحياً أو وراثياً، وبالتالي لا يُعتبر استهلاك نسبة سُعرات حرارية عالية علاجاً ناجحاً في حالته. كما أن استهلاك السُّعرات الحرارية بكميات كبيرة ضمن حمية غير فردية يتضمن استهلاك نسبة دهون عالية مما يؤدي لاكتساب الوزن على شكل ترهلات دهنية.

وفي عالم الوصفات المخصصة لعلاج النحافة فإن الوصفات لا حصر لها. وتنقسم بين الوصفات عالية السُّعرات، كوصفة خرز البقر التي تتكون من العسل، والحُلبة، والبطاطا، واللوز، والخميرة وسكر الفركتوز. والوصفات التي تتكون من الأعشاب التي تساعد على فتح الشهية. وبشكل عام لا تُعتبر أيّ من هذه الوصفات على اختلافها علاجاً للنحافة كمشكلة صحية.

والأكثر سوءاً هو انتشار الوصفات التي تعتمد على علاجات دوائية مثل الكورتيزون الذي يعمل على فتح الشهية واحتباس السوائل في الجسم مما يوهم الشخص باكتسابه الوزن وعدم إدراكه لكون اكتساب الوزن هذا مجرّد عَرَض جانبي للدواء المستهلَك وهو وزن غير صحي سرعان ما يفقده عدا عن الآثار الجانبية له كتسببه بهشاشة العظام.

الطريقة الصحية والصحيحة لعلاج النحافة

تعتمد الطريقة العلاجية الصحيحة للنحافة بداية على تحديد المسبب. فمثلاً، إن كان المسبب فقر الدم/الأنيميا فلا يمكن للشخص اكتساب الوزن بطريقة صحية بأي شكل دون التوجه أولاً لعلاج الأنيميا بطريقة صحيحة بناءً على إرشادات الطبيب المعالِج، وتِبعاً للفحوصات الطبية الدورية.

تالياً يجب أن يدرك الشخص أن استهلاك السُّعرات الحرارية لا يُعتبر كافياً، لأن اكتساب الوزن بطريقة صحية يحتاج لمنح الجسم كمية سعرات حرارية تفوق طاقته مع ضرورة تزويده بجميع احتياجاته من العناصر الغذائية الكبرى والصغرى بتنوّع وتوازن، وهذا من خلال اتّباع نظام غذائي صحي متنوع وموزون وغني بالطاقة والعناصر الغذائية.

تُعتبر ممارسة التمارين الرياضية مهمة جداً لاكتساب الوزن بشكل صحيح لتجنب اكتسابه على شكل ترهّلات دهنية. ولهذا يجب على الشخص النحيف مزامنة النظام الغذائي بتمارين رياضية لبناء العضلات بما يتناسب مع الجنس من ذكر أو أنثى كحمل الأوزان الثقيلة أو الخفيفة.

بعض السلوكيات تُعتبر مؤثرة جداً على الوزن ومانعة لاكتسابه مثل التدخين بشراهة، والإسراف في مصادر الكافيين، والسهر لساعات طويلة ليلاً، حيث يجب على الشخص أن يحرص على النوم ثماني ساعات متواصلة ليلاً وتجنّب السهر.

إن البحث العشوائي عن طرق علاج النحافة بين أفراد المجتمع وعبر الإنترنت لا يؤدي للعلاج بطريقة صحيحة. وقد يُسبب أضراراً صحية عديدة. لهذا يجب دائماً الحرص على التوجّه لاستشارة مختص للوصول للنتائج المرجوّة دون أي ضرر، مع ضرورة إدراك عدم وجود أي نوع علاج دوائي مخصص لعلاج النحافة على الرغم مما يُشاع من معلومات ذات مصادر غير موثوقة.

TRT عربي