أعمال التشجير لزيادة المساحات الخضراء بتركيا (TRT 2)
تابعنا

في عام 2020 أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، يومًا وطنيًا للتشجير في تركيا.

بالتزامن مع حرائق الغابات التي اندلعت في مقاطعات جنوب تركيا، تم إطلاق حملات جمع التبرعات سواءً عبر المؤسسات الحكومية أو الجمعيات الشعبية، وذلك من أجل تشجير وإعادة إحياء الغابات المحترقة. وعلى الدوام، سواء كان هناك حرائق أم لا، تقوم وزارة الزراعة والغابات التركية بالتعاون مع الجمعيات غير الحكومية بزراعة مئات الملايين من الأشجار سنوياً في عموم تركيا من أجل زيادة رقعة المساحات الخضراء، ضمن ما أسمته بمشروع "الوطن الأخضر".

وضمن المساعي والجهود الحكومية الرامية إلى زيادة الرقعة الخضراء في تركيا، تطلق وزارة الزراعة والغابات التركية بالتعاون مع المؤسسات الحكومية الأخرى والهيئات والجمعيات الشعبية حملات عديد ومتنوعة ليس فقط من أجل جمع التبرعات لتمويل حملات التشجير في عموم البلاد، بل أيضاً لزيادة وعي المجتمع بالغابات وأهميتها، بالإضافة إلى إطلاق العديد من برامج التدريب والتأهيل التي تستهدف أفراد المجتمع في خضم مساعيها للحفاظ على الرقعة الخضراء في تركيا وزيادتها.

وعلى مدار العقود الأخيرة، أطلقت الحكومات التركية المتعاقبة حملات متنوعة من أجل التشجير وإعادة إحياء الغابات المحترقة، كان أبرزها "نفس المستقبل" و"الوطن الأخضر". ونتاجاً لهذه الجهود فقد شهد عام 2020 زراعة نحو 603 ملايين شجرة جديدة في عموم تركيا، حسبما ذكرت "المديرية العامة للغابات (OGM)" على حسابها الرسمي على موقع تويتر، بينما شهدت السنوات الـ16 الماضية زراعة نحو 4 مليارات و300 مليون شجرة جديدة.

حملات تشجير ضخمة

حملات تشجير كبيرة وواسعة تشمل جميع المدن التركية أطلقتها الحكومة التركية باسم "نفس المستقبل" بهدف جعل تركيا أكثر خضرة. ففي السنوات الـ16 الماضية ما بين عامي 2003-2019 تم زراعة ما يقرب من 4 مليارات و300 مليون شجرة جديدة في ما يقرب من 5 ملايين و300 ألف هكتار من الأراضي في عموم تركيا، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى نحو 7 مليارات بحلول عام 2023، بحسب بيانات وزارة الزراعة والغابات التركية.

وفي إشارة إلى أن تركيا هي واحدة من البلدان النادرة في العالم التي تزيد أصولها من الغابات الحرجية، قال المدير العام للغابات بكير كاراجابي: "إن تركيا تنفذ أنشطة تشجير مخططة ومنضبطة منذ عام 1946. فيما شهدت السنوات الأخيرة تحقيق اختراقات جادة وكبيرة في أنشطة التشجير. ومقارنة بالسنوات السابقة، إذا ما نظرنا إلى المتوسط ​​السنوي لأعمال التشجير، فإننا نقوم بأعمال تشجير أكثر بخمس مرات". وأضاف كاراجابي: "من أجل تركيا أكثر خضرة، تم زراعة 603 ملايين شتلة عام 2020، ونهدف إلى زراعة 600 مليون شتلة على الأقل في عام 2021، سنكون بذلك قد زرعنا 7 مليارات شتلة جديدة بحلول عام 2023".

وإلى جانب حملات التشجير التي تقوم بها وزارة الزراعة والغابات التركية والمديرية العامة للغابات، أطلقت العديد من الجمعيات الخيرية التي تعنى بالغابات، حملات تشجير كبيرة لاقت رواجاً شعبياً واسعاً، من أبرزها جمعية "وقف تيما (TEMA Vakfı)" التي أطلقت حملة "لا تدع تركيا تكون صحراء"، والتي بفضل جهودها توجد اليوم غابة واحدة على الأقل في 81 مقاطعة في تركيا. فمنذ تأسيس الجمعية عام 1992، ساهمت في زراعة ما يقرب من 18.6 مليون شتلة في مساحة تقارب مساحة 22 ألف ملعب كرة قدم.

سياسة التشجير المتبعة

تأخذ المديرية العامة للغابات المناخ في الاعتبار عند القيام بأعمال التشجير. فنظراً لأن مناطق مثل مرمرة والبحر الأسود تتلقى كميات وفيرة من الأمطار في موسم الشتاء، فإنهم يفضلون زراعة الأشجار عريضة الأوراق، أما في مناطق مثل وسط الأناضول وشرق الأناضول، حيث كمية الأمطار منخفضة، فهناك ميل نحو زراعة أنواع الأشجار الصنوبرية التي تحتاج إلى كميات أقل من المياه.

وفي هذا الصدد، يقول الخبراء إن الطرق الطبيعية هي أفضل طريقة لتجديد أراضي الغابات. فبحسب عضو هيئة التدريس في كلية الغابات بجامعة إسطنبول، البروفيسور دووانأي تولوناي، الذي تحدث لموقع (BBC Türkçe) قائلاً: "إن أشجار الصنوبر الأحمر الموجودة في غابات البحر الأبيض وبحر إيجة تعلمت التكيف مع الحرائق"، وأضاف: "لا تحترق بذور الصنوبر الأحمر بفعل حرائق الغابات، بل إن البذور التي تسقط على الرماد تنبت في التربة بعد فترة. إن تجديد غابات الصنوبر الأحمر ناتج في الواقع عن الحرائق الطبيعية التي تحدث منذ ملايين السنين".

في النهاية، واعتماداً على شدة حرائق الغابات بتركيا، قد تتعافى الغابات بسرعة إذا ما تعرضت لحرائق منخفضة الكثافة، كما يمكن التسريع من فترة التعافي إذا ما تم منح مغذيات إلى التربة تساعد على تجديد الحياة النباتية. ولكن في حالات الحرائق الكبرى والأكثر تدميراً غالباً ما تكون هناك حاجة إلى جهود نشطة للمساعدة في التعافي، بدءاً من جهود منع التعرية، وصولاً إلى إنشاء غطاء نباتي جديد من خلال إعادة البذر أو إعادة الزراعة.

طبيعة الغابات في تركيا

وفقاً للبيانات والإحصائيات التي أصدرتها وزارة الزراعة والغابات التركية عام 2019، فإن مساحات الغابات في تركيا وصلت إلى نحو 22 مليوناً و621 ألفاً و935 هكتاراً، أي ما يتوافق نسبته من 29% من إجمالي أراضي تركيا.

وعندما ننظر إلى توزيع الغابات في تركيا حسب المناطق، فإن منطقة البحر الأسود، المعروفة بتلقيها كميات وفيرة من الأمطار، تحتل الصدارة دون منازع، حيث إن 5 ملايين و598 ألفاً و295 هكتاراً من مناطق البحر الأسود مغطاة بالغابات. تليها بالمرتبة الثانية منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​بمساحة 4 ملايين و371 ألفاً و880 هكتاراً، أما منطقة بحر إيجة فتحتل المرتبة الثالثة بمساحة 3 ملايين و632 ألفاً و893 هكتاراً، تتبعها مناطق مرمرة ووسط الأناضول وشرق الأناضول وجنوب شرق الأناضول على التوالي.

كما تظهر غابات تركيا أيضاً تنوعاً كبيراً من حيث أنواع الأشجار. فوفقاً للترتيب الذي يراعي أنواع الأشجار يحتل شجر البلوط، الذي يمكن زراعته في معظم مناطق تركيا تقريباً، صدارة الترتيب بنسبة تصل إلى نحو 26.25% من إجمالي الأشجار في جميع الغابات. ويتبع البلوط أشجار الصنوبر الأحمر، التي تغطي مساحة 5 ملايين و686 ألف هكتار في تركيا، وهذا يعني أن 25.13% من أشجار الغابات التركية هي أشجار الصنوبر الأحمر. تليهما أشجار الصنوبر الأسود والزان والتنوب والصنوبر الأسكتلندي والأرز، بالإضافة إلى أشجار الكستناء والحور وغيرها الكثير من الأنواع.

TRT عربي