"تأثير الباب".. حالة النسيان التي تصيبنا عند المرور عبر مدخل من غرفة إلى مكان إلى آخر. (Others)
تابعنا

نسيان سبب دخولك إلى الغرفة أو مقاطعة حديث صديقك أو حتى الشيء الذي كنت تريد أخذه من الثلاجة، يسمى "تأثير الباب"، وعلى الرغم من أن هذه الأخطاء يمكن أن تكون سبباً في شعورنا بالإحراج، فإنها شائعة الحدوث. الحالة التي ربما تشير مع مزيد من المعلومات والخصائص إلى قوة الذاكرة البشرية أو ضعفها، وفقاً لعالم النفس توم ستافورد.

فيما يعتقد علماء النفس أن المشي عبر الباب ودخول غرفة أخرى يخلق "انسداداً عقلياً" في الدماغ، مما يعني أن المشي عبر الأبواب المفتوحة يعيد ضبط الذاكرة لإفساح المجال لظهور حلقة جديدة. يشار إلى هذا عموماً باسم تأثير الباب أو المدخل.

ومن المعلوم لدى العلماء أن هذه الحالة هي أكثر من مجرد مصدر للإزعاج، إذ يرون أن حالة النسيان التي تنتج بسبب ما سمّوه "تأثير الباب" تنبُع بالأساس من مبدأ عمل العقل البشري، إذ يخزن العقل الأحداث والأفكار بشكل منفصل ويربطها بالبيئة، لكن عندما تتغير البيئة يجد صعوبة في تذكُّر معلومات البيئة القديمة على الفور.

تأثير الباب

هل سبق لك دخول إحدى الغرف لإحضار شيء ما، ثم فوجئت بأنك نسيت ما أتيت لأجله، أو أصابتك حالة من الذهول بسبب وجودك في مكان ما؟ من المؤكد أن معظمنا مر بمثل هذه المواقف المليئة بلحظات النسيان غير المفسَّرة، الأمر الذي دفع فريقاً من الباحثين بجامعة نوتردام تحت قيادة البروفيسور غابرييل رادفانسكي إلى إجراء عدة دراسات عام 2011، في محاولة منهم لإيجاد تحليل علمي لهذه الحالة.

وفي نهاية بحثهم توصل الفريق من خلال التجارب التي أجروها على مئات المشاركين إلى نظرية "تأثير الباب"، وهي حالة من النسيان المؤقت عند الدخول عبر مدخل إلى مكان جديد، تماماً كالدخول إلى غرفة أو الخروج منها، وقد استطاعوا تفسير هذه الحالة بأن العقل يبدأ تكوين ذاكرة جديدة بمجرد دخوله المكان الجديد، فيما يزيح القديمة إلى الذاكرة البعيدة.

ورجحوا أيضاً أن السبب الثاني من الممكن أن يكون وجود طاقات كهربائية في البوابات الجديدة التي نعبرها، والتي تؤثر سلباً في الذاكرة قصيرة المدى ليحولها إلى أخرى جديدة، وهو ما يكشف عن مدى قوة ذاكرة الشخص أو ضعفها، كما ذكر عالم النفس توم ستافورد.

تجربة نوتردام

في سلسلة من الدراسات التي أجراها غابرييل رادفانسكي وزملاؤه في جامعة نوتردام ، لوحظ أن تغيير الغرف والمشي عبر الأبواب يجعلنا في الواقع ننسى الأشياء.

في الدراسة الأولى، جنّدوا عشرات المشاركين لاستخدام الكمبيوتر للتنقل في بيئة مبنية خلال الواقع الافتراضي المصورة على شاشة تليفزيون، تتكون من إجمالي 55 غرفة، بعضها كبير وبعضها صغير. وعلى كل طاولة كان عنصر لم يعُد مرئياً بمجرد أن يلتقطه المشارك. كانت مهمة المشاركين هي التقاط عنصر ونقله إلى طاولة أخرى، حيث يجب عليهم إيداعه واختيار عنصر جديد.

وقد لوحظ أن أداء الذاكرة لدى المشاركين كان أسوأ عندما مروا عبر باب مفتوح منه عندما ساروا على نفس المسافة داخل نفس الغرفة، أي عندما لم يمشوا عبر الباب.

في الجزء التالي من الدراسة اختبر الباحثون تأثير فتح الباب على أساس الغرف الحقيقية التي كان المشاركون يتجولون فيها في بيئة حقيقية. ومن المثير للاهتمام تسجيل الملاحظات نفسها، إذ كان من الصعب على الأشخاص تذكُّر الشيء السابق في أثناء مرورهم عبر أحد الأبواب.

أسباب حالة النسيان

حتى الآن لا تفسير ملموساً وراء هذه الظاهرة، لكن علماء النفس يعتقدون أن المرور عبر المدخل والدخول إلى غرفة مختلفة يخلق كتلة دهنية في الدماغ. تدعم هذه الفرضية دراسة أخرى عن الذاكرة كانت أظهرت أن الأشخاص الذين يمرون عبر المداخل واجهوا "انقساماً" في ذاكرتهم.

الخبر السارّ هو أن مرحلة النسيان التي تصيبك بعد دخول غرفة أخرى لا تخبرك بأي شيء عن ذاكرتك أو ذكائك أو قدراتك المعرفية. لذلك عندما تدخل غرفة وتنسى فجأة سبب وجودك هناك، يجب أن لا تعتقد أن مرض آلزهايمر بدأ يزحف نحوك!

الدماغ البشري

في السنوات الأولى لأبحاث الدماغ أواخر القرن العشرين، اعتقد العلماء أن ذاكرة الإنسان تشبه الخزانة، مع عديد من الأقسام التي يمكننا فيها تخزين صناديق صغيرة من الخبرات والذكريات التي اكتسبناها طوال حياتنا، متخيلين أن هذه الصناديق ستبقى هناك إلى الأبد، وكلما اضطُررنا إلى النظر فيها أمكننا فقط الذهاب إلى هذا القسم المحدَّد واستعادة صندوق الذاكرة هذا.

على الرغم من جمال هذا الوصف لتكوين الذاكرة البشرية، فإن السنوات اللاحقة كشفت أنه ليس صحيحاً، لكون دماغنا أكثر تعقيداً، إذ أظهرت الدراسات الحديثة أن الدماغ البشري لديه القدرة على التغيير على مدار حياة الشخص.

كما أن ذكريات الإنسان عرضية على عكس السرد الخطي الواضح، بما يعني أنها مجزأة وتعتمد بشدة على الشخص الذي يصنعها. فعلى سبيل المثال، من المرجح أن تختلف الطريقة التي يتذكر بها المرء حادثة معينة عن الطريقة التي يتذكر بها شخص آخر الحادثة نفسها.

TRT عربي