تجاوزت الصين بعدد السكان.. هل يمكن للاقتصاد الهندي أن يفعل الشيء نفسه؟/الصورة: Reuters (Others)
تابعنا

دائماً جرت مقارنة الهند والصين ببعضهما البعض باعتبارهما من أكثر الدول اكتظاظاً بالسكان في العالم. في الأيام الأخيرة، أظهرت بيانات أصدرتها الأمم المتحدة أن الهند ستتخطى الصين قريباً من حيث عدد السكان، مما يطردها من موقعها للمرة الأولى منذ ثلاثة قرون على الأقل.

ووفقاً لتقرير صدر عن الأمم المتحدة، الأربعاء، من المقرر أن تتفوق الهند على الصين أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بحلول منتصف العام بفارق يقرب من ثلاثة ملايين شخص إضافي. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بحجم اقتصاداتها، لا تزال الصين تحتل الصدارة بفارق كبير عن الهند.

وعلى الرغم من أن اقتصاد الصين أكبر بست مرات تقريباً من اقتصاد الهند، فإن الخبراء يتوقعون أن من شأن النمو السكاني في الهند أن يساعدها على اللحاق بالركب، وذلك بعد تصنيفها الجديد خامس أكبر اقتصاد في العالم، بعد أن تجاوزت مؤخراً بريطانيا، حاكمها الاستعماري السابق، وفقاً لما أورده تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

الهند تأخذ الصدارة من الصين

أظهر تقرير حالة سكان العالم الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان أن عدد سكان الهند سيبلغ 1.4286مليار نسمة مقارنة بـ 1.4257 مليار في الصين منتصف العام.

وبعد تقلص عدد الأشخاص في الصين العام الماضي لأول مرة منذ عام 1960 عندما مات الملايين جوعاً في ظل السياسات الزراعية الكارثية للزعيم السابق ماو تسي تونغ، ألقى الكثير باللوم في هذا التباطؤ على ارتفاع تكاليف المعيشة بالإضافة إلى العدد المتزايد من النساء اللاتي يلتحقن بالقوى العاملة ويبحثن عن التعليم العالي.

وعلى الرغم من كل الجهود الرسمية التي تبنتها بكين بإنهاء "سياسة الطفل الواحد" الصارمة، التي فرضتها في الثمانينيات وسط مخاوف من الزيادة السكانية، في عام 2016 وبدأت في السماح للأزواج بإنجاب ثلاثة أطفال في عام 2021، فإن الصين فشلت حتى الآن في عكس الانخفاض الديموغرافي الذي يلوح في الأفق مع انخفاض معدلات المواليد وشيخوخة قوتها العاملة.

تجدر الإشارة إلى أنه لا بيانات رسمية حديثة لدى الهند حول عدد الأشخاص لديها لأنها لم تُجر تعداداً سكانياً منذ عام 2011. كان من المقرر إجراء التعداد السكاني في الهند مرة واحدة كل عقد في عام 2021، لكنه تأخر بسبب جائحة فيروس كورونا وتعثر الآن بسبب عقبات لوجستية وتردد سياسي، إذ يقول منتقدون إن الحكومة تتعمد تأخير الإحصاء لإخفاء البيانات المتعلقة بالقضايا الخلافية مثل البطالة قبل الانتخابات الوطنية العام المقبل.

هل يمكن لاقتصاد الهند اللحاق بالصين؟

للإجابة على هذا السؤال، نحتاج أولاً إلى إلقاء نظرة على الوضع الحالي لاقتصاديات البلدَين. اليوم، يبلغ حجم اقتصاد الصين ما يقرب من خمسة أضعاف حجم اقتصاد الهند. يبلغ متوسط الناتج الاقتصادي للمواطن الصيني ما يقرب من 13000دولار في السنة، في حين أن متوسط الناتج الهندي أقل من 2500 دولار.

ظاهرياً، قد يبدو أن الهند أمامها كثير للحاق بالركب. ومع ذلك، فإن بعض العوامل الرئيسية تشير إلى أن الهند قد تكون قادرة على سد الفجوة في السنوات القادمة، من أبرزها:

1- سكان الهند أصغر سناً من الصين. ففيما أدت سياسة الطفل الواحد في الصين إلى شيخوخة السكان، فإن الهند لديها عدد كبير ومتزايد من السكان في سن العمل، الأمر الذي يعني أن الهند لديها مجموعة أكبر من الأشخاص القادرين على المساهمة في الاقتصاد، مما قد يمنحها ميزة على المدى الطويل.

2- خطت الهند خطوات واسعة في مجالات مثل التكنولوجيا والابتكار. البلد موطن لصناعة التكنولوجيا المزدهرة، كما نفذت الحكومة الهندية باستثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة، والتي يمكن أن تساعد في دفع النمو الاقتصادي في المستقبل.

ما التحديات التي تواجه الهند؟

ستحتاج الهند إلى التغلب على عدد من التحديات إذا كانت تأمل في اللحاق بالاقتصاد الصيني. واحدة من أكبر العقبات هي البنية التحتية. غالباً يُستشهد بالبنية التحتية في الهند على أنها عائق أمام النمو الاقتصادي، مع سوء الطرق وعدم كفاية إمدادات الطاقة التي تعيق الشركات ورجال الأعمال.

مشكلة رئيسية أخرى هي أن معدل التنمية في جميع أنحاء البلاد الضخمة لا يزال غير متكافئ على نطاق واسع، إذ تشبه بعض الولايات الهندية الدول ذات الدخل المتوسط والبعض الآخر يكافح لتوفير الأساسيات.

التحدي الآخر للهند هو المواطنة. أدت القومية الهندوسية للحزب الحاكم برئاسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، إلى الإسراع بحملة عمرها قرن من الزمان لإعادة تشكيل التقاليد الديمقراطية التعددية في الهند وإبعاد المسلمين والأقليات الأخرى إلى الدرجة الثانية.


TRT عربي