احتفال المرأة الموريتانية بالطلاق (Getty Images)
تابعنا

بالرغم من أنها تعتبر في الغالب تجربة حزينة للكثير من الأزواج، إلا أن الطلاق بات مؤخراً، في ظاهرة مثيرة للاستغراب، سبباً لاحتفاء الكثيرين، في مراسم وأجواء مماثلة لحفلات الزفاف.

ففي الوقت الذي دقت فيه العديد من البلدان العربية نواقيس الخطر، من ارتفاع مخيف لنسب الطلاق، يتخوف العديد منها اليوم من استفحال هذه الظاهرة وتفشيها في المجتمعات، بخاصة بعد انتشار حفلات الطلاق.

وتتباين في هذا السياق، الآراء والتحليلات، حول الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الانتشار اللافت، الذي بات يستدعي مزيداً من الانتباه.

ماذا وراء انتشار حفلات الطلاق؟

بالرغم من أن حفلات الطلاق كانت مجرد ظاهرة غريبة وجديدة على المجتمعات العربية، إلا أنها قد أصبحت خلال السنوات الأخيرة، ظاهرة منتشرة بشكل كبير فيها.

ووفق ما أشارت إليه العديد من المصادر، فإن فكرة حفل الطلاق، تعود بالأساس إلى الياباني هيروكي تيراي، الذي كان متعهداً لهذه الحفلات، وسرعان ما انتشرت بعد ذلك هذه الفكرة إلى عدة بلدان ودول غربية، وحطت أخيراً في العالم العربي.

وعلى عكس المجتمعات الغربية، فإن المجتمعات العربية انطلاقاً من ثقافتها ومعتقداتها تولي أهمية كبرى لمنظومة الأسرة والعائلة، وبالتالي فإن حدثاً كالطلاق، يعتبر تجربة قاسية ومحطة حزينة، باستثناء الحالات التي يكون فيها الطلاق الحل الأنسب للمشاكل المعقدة التي يمر بها الزوجان.

ولذلك لم تلق حفلات الطلاق التي انتشرت مؤخراً، الترحيب الكافي في البلدان العربية، التي يعتبر كثير منها هذه الظاهرة عبارة عن استخفاف بمنظومة الأسرة، وتأسيس لثقافة الطلاق، التي تهدد تماسك المجتمع واستقراره في أهم مكوناته.

وعلى عكس ذلك، يعتقد اختصاصيون ومحللون، أن هذا النوع من الحفلات يخفي وراءه نوعاً من أنواع محاولات تخفيف العبء النفسي لتجربة قاسية.

وفي هذا السياق، تحدثت الكاتبة تارا آيزنهارد، المختصة في العلاقات، في مقال سابق بأن "الطلاق هو فرصة للتعلم والشفاء والنمو" وشجعت في الأثناء متابعيها على القيام بشيء ما، سواء كان "حفلاً أو تجمعاً بسيطاً"، حيث إنه حسب رأيها "يساعد إقامة حفل المطلقين على بداية جديدة وهم يشعرون بدعم الأسرة والأصدقاء".

فيما تتعارض أراء مختصين آخرين مع هذا الرأي باعتبار أن الاحتفال بنهاية العلاقة مع طرف ما يتعارض مع مشاعر الغضب والأذى والحزن المرتبطة عادة بالطلاق والتي من شأنها التأثير على النساء أكثر من الرجال" وأشار مختصون في ذلك، إلى أن هذا النوع من السلوك قد يوفر شعوراً مؤقتاً بالانتقام لكنه لا يساعد في معالجة المشاعر السلبية.

ويقيم في المقابل، محللون ومختصون، الظاهرة باعتبارها مجرد موضة عابرة، ساعدت في انتشارها بشكل كبير، وسائل التواصل الاجتماعي.

حفلات الطلاق.. انتشار واسع في العالم العربي

فاقمت حفلات الطلاق من مخاوف العديد من الجهات في المجتمعات العربية، التي تشهد بلدانها ارتفاعاً مقلقاً في نسب الطلاق، ناهز 500 حالة يومياً.

ووفق آخر إحصائيات لعام 2021، سجلت السعودية 7 حالات طلاق كل ساعة، أي بمعدل 162 حالة يومياً. فيما سجلت تونس 940 حالة طلاق شهرياً، أي بمعدل 4 حالات كل 3 ساعات. و بلغت حالات الطلاق فى الجزائر 64 ألف حالة سنوياً، أي بمعدل حالة كل 12 دقيقة. أما فى الأردن فقد وصلت حالات الطلاق إلى 14 ألف حالة طلاق سنويا.

وكانت السعودية، من بين أكثر البلدان العربية التي انتشرت فيها مؤخراً حفلات الاحتفال بالطلاق، في مراسم شبيهة بحفلات الزفاف تناقلت مشاهد منها العديد من منصات التواصل الإجتماعي.

وتعليقاً على هذه الظاهرة، قال حسن سفر، عضو المجمع الفقهي الدولي وأستاذ السياسة الشرعية ونظم الحكم في جامعة الملك عبد العزيز: "حفلات الطلاق "سنّة اجتماعية غير حميدة"، ولا تليق بمقام من ينتمي إلى الإسلام عقيدةً وشريعةً ونظاماً". على حد تعبيره.

وأكد مستشارون نفسيون سعوديون أن حفلات الطلاق التي انتشرت في المملكة، مجرد تعبير خاطئ عن الرغبة في الانتقام لمن تعرضت للإهانة في زواجها.

وشهدت كذلك مصر والعراق والإمارات وموريتانيا والعديد من المجتمعات العربية الأخرى، انتشار الظاهرة ذاتها، وسط تباين شديد في الآراء.

TRT عربي