انطلاق قطار النقل الذي سيربط إسطنبول بإسلام أباد عبر الأراضي الإيرانية. (AA)
تابعنا

في ظل الخلل الذي ضرب سلاسل الإمداد العالمية بسبب تأثيرات كورونا، باتت الرؤية الجاعلة من تركيا مركزاً لوجستياً محورياً لربط آسيا بأوروبا أكثر وضوحاً عما قبل. فعلى مر العقديين الماضيين سعت تركيا لمد ممراتها البرية وسكك قطاراتها لربط مناطق الشرق الأوسط والقوقاز ووسط آسيا من أجل تعزيز قدراتها التجارية عبر تسهيل وتسريع نقل بضائعها إلى العالم أجمع.

وفي الأشهر الأخير خطت تركيا خطوات غاية في الأهمية ضمن هذه الرؤية، فمع قرب انتهاء المباحثات مع أرمينيا بخصوص ممر زنغازور البري الذي يربط تركيا بأذربيجان عبر أرمينيا ومن ثم إلى منطقة القوقاز، تتباحث أنقرة وأبوظبي إمكانية تفعيل مشروع خطّ نقل بري بين البلدين عبر الأراضي الإيرانية، من شأنه إذا أن يقلّص مدة الشحن بين تركيا والإمارات إلى 7 أيام فقط.

وضمن خططها الرامية إلى لتحول إلى واحدة من الاقتصادات الإقليمية والعالمية الكبرى عبر مد شبكات مواصلاتها العابرة للقارات، تنتظر تركيا وصول قطار الشحن الذي انطلق الثلاثاء 21 ديسمبر/كانون الأول من العاصمة الباكستانية إسلام أباد، والذي سيمر بطهران قبل أن يصل إسطنبول نهاية الشهر الجاري، في رحلة تستغرق 10 أيام فقط.

خطّ إسلام أباد - إسطنبول

استأنف مشروع خط قطار إسلام آباد-طهران-إسطنبول، الذي نفذته باكستان وإيران وتركيا الثلاثاء، رحلاته عبر قطار انطلق من محطة "مارغالا" في العاصمة إسلام أباد. وانطلق القطار ضمن مراسم شارك فيها وزراء ومسؤلون آخرون من البلدان الثلاثة.

وفي كلمة له، وصف وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي هذا التطور بالتاريخي، مؤكداً أن هذه الخطوة ستفتح آفاقاً جديدة للتعاون والتجارة في المنطقة. وأشار إلى أن المشروع لن يشجع التجارة بين البلدان الثلاثة فحسب، بل سيفتح طرقاً جديدة للتجارة مع أوروبا.

ومن شأن هذا الخط الجديد الذي يبلغ طوله نحو 6 آلاف و543 كيلومتراً أن يقلل تكلفة النقل بنسبة 50% إذا ما قورن بالنقل البحري، كما وأن مدة النقل ستتقلص لتصل إلى 10 أيام في البدء، على أن تتقلص إلى 7 أيام بعد تحسين البنية التحتية. ومن المقرر أيضاً أن الخطوة التي ستلي نقل البضائع ستكون رحلات نقل المسافرين.

وتجدر الإشارة إلى أن المشروع الذي يحمل القطار اسم (ITI) في إشارة إلى أسماء المدن الأساسية التي يمر بها في البلدان الثلاثة، ويطلق عليه أيضاً اسم (Eco Container Train)، دخل حيز التنفيذ عام 2009 قبل أن يتوقف لمدة 10 سنوات بسبب التأخيرات التي شهدها في باكستان.

بلدان أخرى مهتمة

يتمتع خط السكة الحديدية الجديد بإمكانيات كبيرة، فإلى جانب قطعه مسافة 6 آلاف و543 كيلومتراً في مدة تتراوح من 10 إلى 12 يوم فقط، يُمكن للقطار أن يجر 20 مقطورة تحمل حاويات بطول 40 قدماً. كما اعترفت الأمم المتحدة بالطريق كممر دولي.

ومن المتوقع ألا يربط خط السكة الحديدية هذا البلدان الثلاثة فحسب، بل سيشكل أيضاً رابطاً بين أوروبا وآسيا على غرار قطارات النقل بين الصين وأوروبا التي تمر من إسطنبول.

وتمتاز مدينة إسطنبول بامتلاكها لمرافق مواصلات حيوية تساهم بتسريع عملية التسليم، ومن أهمها نفق مرمرة الذي يربط بين قارتي آسيا وأوربا من تحت مياه البوسفور.

ومن ناحية أخرى، أعربت الهند وبنغلاديش عن اهتمامهما بالربط بالخط الجديد، وذلك من أجل تحقيق رابط نقل أسرع إلى الشرق الأوسط وأوروبا، الأمر الذي من شأنه أن يفتح خطوط تجارية جديدة لهم في مناطق كانوا يواجهون صعوبات في الوصول إليها.

شبكات نقل متشعبة

تدرك تركيا جيداً أهمية موقعها الجغرافي الذي يعمل كحلقة وصل بين قارتي أوروبا وآسيا، ولهذا نجد أنقرة منذ عقود تركز مساعيها لاستغلال هذه الأهمية لجعل تركيا مركزاً لوجستياً محورياً في المنطقة، وهو ما سيمكن أنقرة من استعادة تحكمها في طريق الحرير التاريخي الذي كان يربط الصين بالموانئ الأوروبية مروراً بالموانئ التركية على البحر المتوسط.

فبعد أن تحولت تركيا إلى نقطة عبور مركزية للرحلات الجوية الدولية عقب افتتاح مطار إسطنبول أواخر عام 2018، ها هي الآن تعلن عن خططها الطموحة والاستراتيجية لتوسعة شبكات نقلها البرية الواصلة لعمقي آسيا وأوروبا. وذلك من خلال الممرات البرية وخطوط السكك الحديدية، وعلى رأسها خطّ قطار نقل البضائع الدولي الذي استخدم تركيا كمحطة ترانزيت عبر نفق مرمراي في رحلته الأولى التي انطلقت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 من الصين إلى أوروبا.

فإلى جانب الخط الجديد الذي يربط باكستان بتركيا عبر إيران، هناك 10 قطارات دولية تتحرك اليوم بين الصين وأوروبا عبر الأراضي التركية، ووفقاً لبيانات إدارة السكك الحديدية التركية (TCDD)، الأمر الذي يجعل أنقرة مركز تحكم تجاري ولوجستي محوري للغاية على طرق التجارة الدولية البرية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً