صورة جوية تظهر تعرض منشأة آزوفستال للحديد والصلب في مدينة ماريوبول الساحلية الواقعة جنوب شرق أوكرانيا للقصف (Reuters)
تابعنا

أعلنت وزارة الدفاع الروسية الخميس، سيطرتها على مدينة ماريوبول الأوكرانية بعد حصارها لأيام طويلة. وقالت الوزارة إن الوزير سيرغي شويغو، أخبر الرئيس الروسي فلادمير بوتين بالسيطرة على المدينة المطلة على بحر آزوف.

بدوره وصف الرئيس الروسي سيطرة قواته على المدينة بأنها "نجاج"، كما أمر بمحاصرة آخر المقاتلين الأوكرانيين بدلاً من اقتحام موقع آزوفستال الصناعي حيث يتحصنون.

وقال فلاديمير بوتين لوزير الدفاع سيرغي شويغو إن "نهاية عمل تحرير ماريوبول نجاح"، وأبلغه أن اقتحام موقع آزوفستال "غير مناسب"، ومن الضروري محاصرة "المنطقة بطريقة لا تسمح بمرور ذبابة واحدة".

وأمر بوتين الجيش الروسي بإلغاء خطط اقتحام مصنع آزوفستال في مدينة ماريوبول الساحلية الأوكرانية، وقال إنه يريد استمرار حصارها بشكل آمن بدلاً من ذلك.

تخضع مدينة ماريوبول الساحلية الواقعة جنوب شرق البلاد للحصار منذ 2 مارس/آذار. وفيما تمكنت القوات الروسية من فرض سيطرة بشكل شبه كامل على المدينة التي يعد سقوطها جائزة استراتيجية ضخمة لموسكو، إذ إن الاستيلاء عليها سيمكّن من ربط المناطق الشرقية التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون للروس بمنطقة القرم (جنوباً) التي ضمتها روسيا في عام 2014.

يذكر أن جهود القوات الروسية حالياً تتركز على الاستيلاء على ماريوبول والوصول إلى الحدود الإدارية لمنطقة خيراسون، وفقاً لوكالة إنترفاكس الأوكرانية.

وحسب التقارير الواردة ماريوبول، فإن آخر بقايا القوات الأوكرانية التي تدافع عن ماريوبول، إلى جانب نحو 1000 مدني معظمهم من النساء والأطفال والمسنين لا يزالون متحصنين في ملاجئ تحت الأرض أسفل مصنع الصلب في "آزوفستال" الذي يوصف بـ "القلعة".

آزوفستال.. قلعة الصلب الأوكرانية

أنشأ الاتحاد السوفيتي في ثلاثينيات القرن الماضي مصانع آزوفستال (Azovstal) للحديد والصلب في شرق مدينة ماريوبول، التي دمرتها أسابيع من القصف، داخل منطقة صناعية تطل على بحر آزوف وتغطي أكثر من 11 كيلومتراً مربعاً.

وتعتبر مصانع آزوفستال للحديد والصلب، والتي أعيد بناؤها بعد الاحتلال النازي للمدينة خلال الحرب العالمية الثانية، واحدة من أكبر مصانع التعدين في أوروبا، إذ كان يضخ أكثر من 4 ملايين طن من الصلب الخام سنوياً ويوفر العيش لعشرات الآلاف من الناس.

ومصانع آزوفستال مملوكة الآن لشركة (Metinvest) التي يسيطر عليها الملياردير رينات أحمدوف، أغنى رجل في أوكرانيا.

وتحتوي أرض مصانع آزوفستال الشاسعة على عدد لا يحصى من المباني وأفران الانفجار وخطوط السكك الحديدية، وكلها متصلة ببعضها البعض من خلال شبكة الأنفاق الجوفية. يذكر أن المصنع خلال الحرب الباردة صُمم بأربع طوابق أرضية محصنة لحماية عمال المصنع الذي كان عددهم 40 ألف عامل في حال تعرض المنطقة لقصف نووي.

آخر الحصون على وشك السقوط

في مارس/آذار 2022، وأثناء الحصار الروسي لماريوبول وما رافقه من قصف روسي العنيف استهدف المناطق الحيوية بالمدينة، تعرضت منشأة آزوفستال لأضرار بالغة، إذ صرح عضو البرلمان الأوكراني سيرهي تاروتا بأن القوات الروسية "دمرت المصنع عملياً".

وفي أعقاب سيطرتها على معظم المناطق الحيوية بالمدينة، نقلت القوات الروسية المدعومة من الانفصاليين عملياتها العسكرية إلى أرض مصنع آزوفستال في ميناء ماريوبول المحاصر. ونقلت رويترز عن وكالة أنباء تاس (المقربة من الكرملين) عن ممثل قوات دونيتسك الانفصالية، إدوارد باسورين، قوله أمس الثلاثاء: "إن مجموعات هجومية خاصة بدأت اقتحام منشأة آزوفستال".

وبحلول 16 أبريل/نيسان الجاري، أصبحت منشأة آزوفستال آخر جيب للمقاومة الأوكرانية في ماريوبول. وبينما أعطت القوات الروسية المدافعين حتى الساعة 6 صباحاً بتوقيت موسكو من يوم 17 أبريل/نيسان لتسليم أنفسهم، رفضت القوات الأوكرانية الاستسلام وظلت أجزاء من المصنع تحت سيطرتها. الأمر الذي دفع موسكو للإعلان لاحقاً أن الحكومة الأوكرانية منعت المحاصَرين من التفاوض على الاستسلام.

القوات الأوكرانية المتحصنة بـ "آزوفستال"

بعد تجاهل القوات الأوكرانية الإنذار الثاني لوزارة الدفاع الروسية لسحب القوات الأوكرانية من المنشأة يوم الثلاثاء، عادت وزارة الدفاع الروسية وجددت عرض الانسحاب مقابل الحفاظ على الحياة ابتداءً من الساعة 14 بتوقيت موسكو اليوم الأربعاء 20 أبريل/نيسان.

فيما أكدت وزارة الدفاع الروسية الإثنين، أن نحو 400 من المرتزقة الأجانب محاصرون في مصنع آزوفستال إلى جانب مقاتلي الكتائب القومية.

روسيا من جانبها تعتبر السيطرة على منشأة آزوفستال وتدميرها من بين الأهداف الرئيسية للحرب، وذلك لأن فصيل آزوف القومي، الذي تطلق موسكو على مقاتليه اسم "النازيون الجدد"، يربط ارتباطاً وثيقاً بآزوفستال، خصوصاً وأن أحد مؤسسي الفصيل القومي، أندريه بيلتسكي، كان قد أطلق على المجمع الصناعي اسم "حصن آزوف".

TRT عربي