العالم يترقب نظام الحكم الذي ستؤسسه طالبان بعد وصولها إلى السلطة مجدداً (AFP)
تابعنا

في الوقت الذي اكتمل فيه انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان بعد نحو 20 عاماً من الحرب، تتجّه أنظار العالم بقلق صوب النظام الذي ستشكّله حركة طالبان بعد استيلائها على السلطة خلال أسابيع قليلة أعقبت إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عزمه الانتهاء من سحب قوات بلاده بنهاية أغسطس/آب الماضي.

القائد الأعلى.. كما في إيران

على الرغم من عدم إعلان طالبان حتى اللحظة طبيعة النظام الذي ستؤسسه لإدارة المرحلة الجديدة في أفغانستان، فقد لفتت بعض التقارير الإعلامية إلى أن الحركة التي حكمت البلاد بين عامي 1996 و2001، تعتزم اعتماد نظام جديد يكون على قمته "قائد أعلى"، على غرار النظام المعمول به في الجمهورية الإسلامية في إيران.

ونقلت قناة CNN-News18 الهندية عن مصادر قريبة من طالبان أن زعيم الحركة هبة الله أخوند زاده سيترأس على الأغلب المجلس الذي سيحكم البلاد، وسيكون منصبه قريباً من منصب المرشد الأعلى الإيراني الذي تجتمع في يديه كلتا السلطتين السياسية والدينية.

وقد اختار مجلس شورى طالبان هبة الله أخوند زاده زعيماً للحركة عام 2016، بعد اغتيال القوات الأمريكية سلفه اختر محمد منصور في باكستان. وأخوند زاده رجل دين متخصص في الحديث وعلومه، وكان يترأس المحاكم الشرعية في ما يُعرف بـ"إمارة أفغانستان الإسلامية".

وأشارت وسائل إعلامية إلى أن أخوند زاده قد وصل، الأحد، إلى قندهار قادماً من باكستان حيث كان يختبئ، ولا يُعرف مكانه حتى الآن على وجه الدقة، كما أنه لم يُلقِ أي خطابات علنية من قبل.

مجلس الحكم

أشار تقرير لـ"فورين بوليسي" إلى أن قادة طالبان سيشكّلون مجلساً مكوّناً من 12 شخصاُ لحكم أفغانستان، وسيقدّمون وزارات لبعض الأعضاء المطيعين في الحكومة السابقة التي دعمتها الولايات المتحدة، في محاولة لتقديم صورة عن إدارة مقبولة من المجتمع الدولي، حسب مصادر مقربة من قيادة الحركة.

ووفقاً للمصادر، سيضم المجلس 3 من أبرز قيادات طالبان، هم رئيس المكتب السياسي وأحد مؤسسي الحركة الملا عبد الغني برادار، ورئيس اللجنة العسكرية الملا محمد يعقوب نجل مؤسس الحركة الملا محمد عمر، بالإضافة إلى القيادي في شبكة "حقاني" المتحالفة مع طالبان، خليل حقاني.

ووفقاً لتقرير "فورين بوليسي"، من المستبعد أن تستحدث طالبان مناصب على غرار "رئيس" أو "أمير" وهو اللقب الذي حمله قادتها قبل ذلك، بمن فيهم المؤسس الملا عمر.

وقالت مجموعة من المصادر المؤيدة والمناهضة لطالبان، إن قيادة الحركة تريد أن تبدو شاملة قدر المستطاع، لافتة إلى أنها بدأت بالفعل محادثات غير رسمية مع ما يُعرف بمجلس التنسيق الذي شكّله الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، وعبد الله عبد الله وزير الخارجية السابق الذي قاد وفد الحكومة السابقة إلى محادثات سلام فاشلة، وقلب الدين حكمتيار زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني، حسب ما ورد في تقرير فورين بوليسي.

وأكّدت طالبان في أكثر من مناسبة، عدم رغبتها في الانتقام من خصومها السابقين والحاليين بمن في ذلك من تعاون أو عمل مع الحكومة السابقة والقوات الأمريكية، واحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحرية التعبير، إلا أن كثيرين من معارضي الحركة وخصومها يشككون في جديتها في التزام تلك التعهدات.

ونقلت فورين بوليسي عن مصدر مقرّب من قلب الدين حكمتيار، قوله إن الاعتراف الدولي بنظام طالبان يجب أن يكون مشروطاً باعتراف الحركة "بالجمهورية وإجراء الانتخابات وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحرية التعبير"، مستدركاً بأن طالبان على الأغلب لن توافق على معظم هذه الشروط، لأنهم "لا يؤمنون بالديمقراطية، ويعلمون أنهم لن يفوزوا في الانتخابات أبداً"، حسب تعبيره.

حقائب وزارية متوقّعة

صرّح مصدر رفيع في طالبان لوكالة أنباء نوفوستي الروسية، بأن الحركة تعتزم ترشيح بعض الأسماء لتتولى حقائب وزارية بعينها. وأشار المصدر إلى أن الملا عبد الغني برادر يُتوقّع أن يتولى وزارة الخارجية، فيما يتولى الملا محمد يعقوب وزارة الدفاع، ويتولى خليل حقاني الداخلية.

يُذكر أن البيت الأبيض أعلن الثلاثاء أنه لن يتعجل بالاعتراف بالحكومة التي تعتزم طالبان تشكيلها في أفغانستان، حسب تصريحات أدلت بها المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي خلال مؤتمرها الصحفي اليومي.

وقالت بساكي في تصريحاتها: "لن نتعجل بالاعتراف بحكومة طالبان"، مؤكدة أن قضية فرض عقوبات على الحركة تتوقف على سلوكها.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان تصريح الرئيس جو بايدن الثلاثاء بأن بلاده لن تغادر أفغانستان حتى خروج آخر أمريكي منها، ندماً من الرئيس على قرار الانسحاب من البلاد أم لا، قالت بساكي: "لا يوجد أي تغيير في تعهدنا بإخراج كل الأمريكيين من هناك، سنبقى ملتزمين تعهداتنا".

وفي 15 أغسطس/آب الماضي استطاعت طالبان السيطرة على العاصمة الأفغانية كابل من دون مقاومة تذكر من الجيش الأفغاني، فيما بقيت ولاية "بنجشير" الواقعة شمال شرق كابل الولاية الوحيدة الخارجة عن سيطرة الحركة.

والثلاثاء انتهت عمليات إجلاء القوات الأجنبية والمواطنين الأفغان المتعاونين معها لتبدأ حركة طالبان سيطرتها على مطار العاصمة كابل.

TRT عربي