محطة لتوليد الكهرباء من النفايات في تركيا (Others)
تابعنا

خلال العقد الأخير، ولأجل الحدّ من اعتمادها على مصادر الطاقة المستوردة من الخارج التي تشكّل العنصر الأبرز المسبّب للعجز في الميزان التجاري، فضلاً عن مساعيها الرامية إلى تعزيز أمن إمدادات الطاقة لديها، بذلت تركيا جهوداً كبيرة من أجل تشجيع الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة لتوليد الكهرباء، والتي بفضلها أضحت تركيا واحدة من أكبر 10 دول في إنتاج الطاقة الخضراء وتكنولوجيتها على مستوى العالم.

وتتجه تركيا بخطى سريعة وثابتة نحو توطين امدادات الطاقة لديها من خلال تكثيف البحث عن مصادر الطاقة الطبيعية التقليدية في أعماق وطنها الأزرق والبدء في استخراجها، والاعتماد على المصادر المتجددة في توليد الطاقة الكهربائية، حيث باتت تركيا اليوم قادرة على توليد نحو 53% من احتياجاتها للكهرباء من خلال مصادر متجددة.

من جانبه، شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء الماضي، في افتتاح سلسلة من مشاريع توليد الكهرباء من خلال مصادر طبيعية متجددة في عدد من الولايات التركية، كان من ضمنها محطة "باليكاسير" لتوليد الكهرباء من خلال غاز الميثان الناتج عن تدوير النفايات الصلبة.

تحويل النفايات إلى طاقة كهربائية

تمتلك محطة باليكاسير التي تعمل بغاز القمامة، والتي تُعدّ جزءاً من استثمارات شركة "Biotrend AŞ"، سعة لإنتاج طاقة كهربائية مركبة تصل لنحو 11 ألفاً و312 ميغاوات من الكهرباء من خلال تشغيل محركاتها الـ8 الفاعلة. كما للمحطة قدرة على التخلّص من 1600 طنٍ من النفايات يومياً.

وهناك طريقتان أساسيتان لتوليد الطاقة الكهربائية والحرارية من النفايات، الأولى طريقة تقليدية تقتصر على حرق النفايات بشكل مباشر لتوليد طاقة حرارية تُستخدم في التدفئة فضلاً عن طاقة كهربائية مركبة، إلا أنّ هذه الطريقة تُعدّ خطيرة نظراً لاحتمال تسرّب الغازات الضارة التي تُساهم في زيادة حدّة الاحتباس الحراري.

والطريقة الثانية، تتلخص في المحطات التي تبنيها تركيا في معظم ولاياتها، حيث يتلخّص عمل هذه المحطات في جمع غاز الميثان الناتج عن تحلل النفايات العضوية مثل الخضروات الطازجة والفواكه والأغذية الناشئة عن المنازل في المستودع في بيئة خالية من الهواء، وتجميعها في خزانات ضخمة استعداداً لتحويله للمحرّكات التي تحرقة منتجةً طاقة حرارية لتوليد الكهرباء. والميثان من أخطر الغازات التي تُسبب الاحتباس الحراري، فالتخلّص منها بهذه الطريقة من أفضل الطرق الحالية لمكافحة هذه الظاهرة.

أمن إمدادات الطاقة

لطالما شكّلت معضلة امتدادات الطاقة لتركيا قلقاً كبيراً على مدار العقود الماضية، فتركيا لا تملك الكثير من مصادر الطاقة الطبيعية التقليدية كالنفط والغاز، وهي بحاجة لاستيراد أكثر من 95% من احتياجها للطاقة من الخارج، من بلدان مثل الجزائر وروسيا وإيران وأذربيجان وقطر والعراق وغيرها. الأمر الذي يُسبب عجزاً في ميزان تركيا التجاري، جراء فاتورة الطاقة الباهظة التي تدفعها تركيا سنوياً والتي تصل لقرابة 40 مليار دولار سنوياً بالمتوسط.

فالبحث عن مصادر طاقة محلية كان شغل تركيا الشّاغل طوال السنوات الماضية لتوطين هذه المصادر والحدّ من اعتمادها عن الخارج بشكل تدريجي، ولذلك ضخّت ميزانية ضخمة من أجل بناء وشراء سفن متخصصة في عمليات البحث والتنقيب عن النفط والغاز على نطاق واسع في "الوطن الأزرق" الذي يشمل البحر الأبيض والأسود وإيجة، قبل أن تنجح مؤخراً باكتشاف أكبر مخزون من الغاز في تاريخها بالبحر الأسود، وسط تفاؤل باكتشاف مزيد من الحقول في المياه التركية.

إلا أنّ جهود تركيا لم تقتصر على البحث عن مصادر طاقة محلية وحسب، بل امتدت لوضع خطط استراتيجية من أجل توليد الكهرباء وأشكال أخرى من الطاقة من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة التي تذخر بها تركيا، فزادت من بناء السدود للاستفادة من الطاقة الهيدروليكية لتوليد الكهرباء، وزيادة حقول الخلايا الشمسية وحقول مراوح الرياح، بالإضافة للاستفادة من الطاقة الجوفية وطاقة إعادة تدوير النفايات.

وفي سياق متصل، قال أردوغان: "إنّ أكبر التحديات التي تواجهها تركيا في مسيرة التنمية هي الاعتماد بدرجة كبيرة على الخارج لسدّ احتياجاتها من الطاقة"، مضيفاً: "أطلقنا حملة كبيرة في مجال الطاقة الشمسية لزيادة قدرات طاقتنا المحلية والمتجددة وضمّ الموارد غير المستغلة إلى اقتصادنا".

مراتب متقدمة

تسعى تركيا بحلول عام 2025، إلى رفع قدرتها على إنتاج الطاقة المتجددة إلى 66.8 غيغاوات، لتكون ضمن البلدان الأوروبية الخمسة الأكثر رفعاً لقدرتها الإنتاجية في الطاقة النظيفة بزيادة 22.2 غيغاوات، وفي المرتبة الثانية عشرة عالمياً.

ووفقاً للتقارير الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، فإنّ إنتاج تركيا من الطاقة المتجددة بلغ بنهاية 2019، نحو 44.6 غيغاوات، 28.5 منها طاقة كهرومائية، و7.58 غيغاوات من طاقة الرياح، و6 غيغاوات من الطاقة الشمسية.

وفي الأشهر الـ7 الأولى من هذا العام، وبينما بلغت قدرة الكهرباء المركّبة في البلاد نحو 99 ألف ميغاوات، جرى توليد قرابة 52 ألف ميغاوات منها من مصادر الطاقة النظيفة المستخرجة من المصادر الطبيعية.

فيما حلّت تركيا في المرتبة الأولى أوروبياً في توليد الكهرباء من خلال الاعتماد على الطاقة الحرارية الجوفية، والثانية أوروبياً في توليد الكهرباء من خلال الطاقة الهيدروليكية التي تولّدها السدود.

وبحسب المقال الذي نشرته مجلة "FDI" التابعة لمجلة "فاينانشال تايمز"، حلّت تركيا في المرتبة الـ7 أوروبياً في قائمة الدول الأكثر جذباً للاستثمارات في قطاعات الطاقة المتجددة، حيث بلغ عدد مشاريع الطاقة النظيفة من خلال الاستثمارات الأجنبية المباشرة 19 مشروعاً.

TRT عربي
الأكثر تداولاً