"حراس الدفاع".. كيف تسلح حكومة الهند مليشيات هندوسية لترهيب مسلمي كشمير؟ / الصورة: PTI Photo (Others)
تابعنا

منذ أن قسمت كشمير بين الهند وباكستان قبل 76 عاماً، والبلدان يتنازعان سيادة الإقليم بالكامل، ما لم يتسبب في حربين بين الدولتين وحسب، بل تسبب في ظهور جماعات انفصالية من سكان الإقليم قاتلت القوات الهندية طوال العقود الثلاثة الماضية مطالبةً باستقلال كشمير أو إلحاقها بباكستان.

وبينما كانت كشمير مسرحاً لعقود من الصراع الذي راح ضحيته آلاف المدنيين والعسكريين، شهدت السنوات الأخيرة تفاقم التوتر بعد فرض نيودلهي سلطتها المباشرة على الإقليم في أغسطس/آب 2019، ما دفع الحكومة الهندية إلى تبني استراتيجية جديدة أعادت بها إحياء المليشيات الهندوسية المحلية المعروفة بـ"حراس الدفاع عن القرية"، بتسليحها وتشكيلها رسمياً وعلنياً لتخويف ومضايقة السكان المسلمين في كشمير.

وحسب مسؤولين بقوات الأمن سُلح أكثر من 5 آلاف هندوسي بمنطقتين حدوديتين من قبل القوات شبه العسكرية الهندية. فيما سلحت القوات الحكومية الهندية مؤخراً ودربت 150 شخصاً في أعقاب هجوم قرية دنغاري بكشمير، ما أدى إلى مقتل 7 هندوس، وفق تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية مؤخراً.

أصل الحكاية

جرى إنشاء مليشيات "حراس الدفاع عن القرية" (VDGs) في البداية منتصف التسعينيات كقوة أمنية هندوسية لحماية القرى في جامو وكشمير من تسلل المسلحين، فضمت ذلك الوقت نحو 4000 عضو وأكثر من 27000 متطوع.

ومع ذلك، على مر السنين، أصبحت هذه المليشيات مسيسة بشكل متزايد واتُّهمت باستهداف ومضايقة السكان المسلمين في المنطقة. وتوجد تقارير عديدة عن تورط مجموعات الدفاع عن القانون بعمليات قتل خارج نطاق القضاء وأشكال تعذيب أخرى من العنف ضد المسلمين في كشمير.

وقد اتُّهمت هذه الجماعات بالتعاون الوثيق مع قوات الأمن الهندية للحفاظ على السيطرة على المنطقة وقمع المعارضة. فيما شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً بعدد مجموعات (VDGs) في كشمير، وشجعت الحكومة الهندية بنشاط على نموها.

وبدعم من حكومة ناريندرا مودي القومية شُكلت العام الماضي مليشيات هندوسية جديدة بالقرى التي تضم عدداً كبيراً من الهندوس بمبادرة من وزير الداخلية الهندي أميت شاه بعد سلسلة عمليات استهدفت رجال الشرطة الهنود في كشمير.

إرهاب ممنهج

عندما جردت نيودلهي كشمير التي تديرها الهند من حكمها الذاتي المحدود عام 2019 دافعت حكومة حزب بهاراتيا جاناتا اليمينية عن هذه الخطوة، مدعية أنها ستقضي على تمرد مسلح استمر لعقود في المنطقة المتنازع عليها. وبعد ثلاث سنوات فقط، ها هي الآن الحكومة نفسها تحيي مليشيا هندوسية لترهيب السكان المسلمين.

وبعد أن أعلنت الحكومة عن خطط لتدريب وتسليح آلاف الشباب من القرى في جميع أنحاء المنطقة ليعملوا في صفوف هذه المليشيات، جرى انتقاد هذه الخطوة على نطاق واسع باعتبارها محاولة لتمكين المليشيات الهندوسية من قمع المعارضة الإسلامية في المنطقة.

وعلى الرغم من نفي الحكومة الهندية ارتكاب أي مخالفات، مدعية أن مليشيات "حراس الدفاع عن القرية" ضرورية للحفاظ على القانون والنظام في المنطقة، فإن نشطاء وجماعات حقوق الإنسان أعربوا أكثر من مرة عن قلقهم من أن الحكومة تستخدم هذه الجماعات لتنفيذ أجندتها الخاصة وقمع المعارضة.

ووفقاً لتقرير وكالة الصحافة الفرنسية، اتهمت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان أعضاء هذه المليشيات بارتكاب فظائع ضد مدنيين. ورُفعت 210 قضايا على الأقل متعلقة بالقتل والاغتصاب والابتزاز، حسب أرقام رسمية، ولكن جرت إدانة أقل من 2% من المتهمين.

مخاوف المسلمين

نمت مطالب حل المليشيات المدنية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عندما بدأ التمرد يتضاءل وفقدت الجماعات المتمردة نفوذها. لكن بالتزامن مع إعلان حكومة نيودلهي فرض سيطرتها الكاملة على الإقليم عام 2019 زادت هجمات الانفصاليين، ما أعطى زخماً للأصوات المطالبة بإحياء مليشيات "حراس الدفاع عن القرية".

وبينما تحظى خطط إحياء هذه المليشيات المتطرفة بشعبية كبيرة في أوساط السكان الهندوس، يتخوف المسلمون من أن هذه المليشيات ستفاقم التوتر والمشكلات في كشمير.

وعلى الرغم من تصريحات مدربو هذه المليشيات، وهم من قوات الشرطة الاحتياطية المركزية شبه العسكرية، بأن أعضاء هذه المليشيات سيتعرضون للعقاب حال سوء استخدام هذه الأسلحة، فإن مسلمي المنطقة قلقون من الطريقة التي يجري بها توزيع الأسلحة على الشبان، وذلك وفقاً لمسن مسلم يعيش في دنغاري تحدث لفرانس برس مشترطاً عدم الكشف عن اسمه.

TRT عربي