"حرب البطاطس" تشتعل في متاجر شركة ماكدونالدز باليابان (Others)
تابعنا

نقلت وكالة "كيودو" اليابانية يوم الأحد 23 يناير/كانون الثاني الجاري أن الشركة المشغّلة لمطاعم ماكدونالدز في اليابان أعلنت أنها سوف تُقلل كمية البطاطا المقلية المُقدّمة مع وجباتها السريعة لمدة شهر على الأقل اعتباراً من 9 يناير/كانون الثاني في جميع مطاعم السلسلة، التي يبلغ عددها 2900 في أنحاء اليابان.

وأشارت الوكالة إلى أن هذه هي المرة الثانية خلال شهرين التي تفرض فيها الشركة المالكة للعلامة التجارية قيوداً على مبيعات البطاطا التي تحظى بشعبية كبيرة باليابان. ولفتت إلى أن السبب الذي دفع لأخذ مثل هذا الإجراء الذي أدى لخسارة الشركة بعض زبائنها يرجع إلى الفيضانات بالقرب من ميناء فانكوفر والاضطرابات اللوجستية العالمية بسبب جائحة كورونا التي تسببت في تأخير واردات البطاطا من أمريكا الشمالية.

وقررت الشركة تعليق مبيعات الطلبات متوسطة الحكم والكبيرة من البطاطا المقلية وأوقفت مؤقتاً تقديم صنف البطاطا المعروف باسم "هاش براون" في بعض المطاعم، وهي الخطوات التي أزعجت العديد من المستهلكين في اليابان، وتسببت بانتشار مصطلحات جديدة مثل "حرب البطاطس" و"لاجئو البطاطس" على وسائل التواصل الاجتماعية رفقة صور وفيديوهات كوميدية.

حرب البطاطس ولاجئوها

ما إن أعلنت ماكدونالدز قرارها بتقليص حصة البطاطا المقلية التي ستُقدّمها مع وجباتها، حتى استغلّ المنافسون المحليون والأصغر نسبياً مثل شركة "مينيستوب"، الموقف وبدؤوا الترويج لوجباتهم التي زادوا فيها حصص البطاطا.

وفي هذا الصدد أعلنت سلسلة الهمبرغر "فريشنيس برغر" أنها قد زادت حصص البطاطا المقلية بنسبة 25% حتى 27 فبراير/شباط، أشارت الشركة إلى أنها لا تواجه نقصاً في الإمدادات لأنها تحصل على البطاطا من هوكايدو، الجزيرة المعروفة بمنتجاتها الزراعية والواقعة أقصى شمال اليابان. وكتبت الشركة على موقعها على الإنترنت: "نحن نطلق هذه الحملة لإنقاذ لاجئي البطاطا"، "نريد أن نلبّي احتياجاتهم من البطاطس"، وذلك في محاولة لكسب المستهلكين التي بدأت ماكدونالدز في خسارتهم منذ البدء بتنفيذ قرارها.

ومع اشتعال المنافسة الآخذة بالازدياد، شارك العديد من الأشخاص العديد من المنشورات والصور التي تصف ما أطلقوا عليه "حرب البطاطس"، وهناك الكثير ممن أبدوا سعادتهم بهذه الحرب لأنها تصبّ في مصلحتهم في النهاية كونهم من محبي البطاطا المقلية، حيث غرّد أحدهم كاتباً "إنها حرب مرحّب بها لعشاق البطاطس المقلية".

هل تصل الحرب إلى العالم العربي؟

يبدو أن حرب البطاطا التي اشتعلت شرارتها الأولى في مطاعم ماكدونالدز اليابانية لن تبقى في اليابان بل من الممكن أن يمتدّ لهيبها ليصيب جميع المطاعم الأمريكية التي تقدّم الوجبات السريعة حول العالم، وخصوصاً الأفرع التي تعتمد على واردات البطاطا الأمريكية تحديداً.

وعلى الرغم من الخلل الذي ضرب سلاسل الإمداد العالمية جرّاء جائحة كورونا، وما تلاه من نقص في بعض الواردات وزيادة أسعار الشحن الجوي، إلا أن العالم العربي لم يشهد بعد أضراراً حادة كتلك التي أصابت كبرى الاقتصادات العالمية. وبالعودة إلى حرب البطاطا المستعرة في اليابان، فإن العالم العربي يبدو حتى اللحظة بعيداً عن مثل هذه الأزمة.

وإذا ما حدث خلل في سلاسل التوريد، فإن معظم الدول العربية قادرة على سدّ العجز في البطاطا من خلال مواردها المحلية. فإذا نظرنا إلى حصة الوطن العربي من إنتاج البطاطا عالمياً والبالغ قرابة 377 مليون طن سنوياً، نجد أن دولاً عربية مثل مصر والجزائر قد حلّت في المرتبة الـ14 و15 تباعاً، بواقع إنتاج سنوي وصل لأكثر 5 مليون طن في مصر ونحو 4.8 مليون طن في الجزائر، يتبعهما في المرتبة الـ3 عربياً سوريا (632 ألف طن)، وتليها كلٌّ من تونس (440 ألف طن) والسعودية (432 ألف طن).

البطاطا رابع أهم محصول زراعي

مُزارع يعمل في حقل بطاطا في شمال تريون (The Canadian Press) (Others)

على الرغم من أن الصين والهند تهيمننان على إنتاج البطاطا عالمياً، إلا أن ذلك لا ينفي أن الموطن الأصلي للبطاطا هو جبال الأنديز الواقعة في أمريكا الجنوبية، حيث يرجع استخدام البطاطا كمحصول غذائي لأول مرة إلى نحو 8 آلاف عام تقريباً في البيرو، موطن البطاطا الأصلي. ولم تعرف أوروبا البطاطا إلا في منتصف القرن السادس عشر، وانتقلت منها إلى الشرق.

وتدريجياً تحوّلت البطاطا لتصبح رفقة الذرة، التي جلبها البحّارة الأوروبيون معهم بعد اكتشاف الأمريكيتين، المحصول الغذائي الأساسي والمحلي للقارة العجوز. ففي منتصف القرن التاسع عشر، أتلفت آفة زراعية محصول البطاطا في أيرلندا ومهّدت الطريق لمجاعة أدت إلى تراجع أعداد سكان أيرلندا في غضون سنوات إلى النصف.

وتُعتبر البطاطا اليوم رابع أهم المحاصيل في العالم، بعد القمح والأرز والذرة، واستطاعت أن تستحوذ بنجاح على لقب "المهاجر الأكثر نجاحاً في العالم"، وفقاً لمؤرخة الطعام ريبيكا إيرل، نظراً لسهولة زراعتها وقدرتها على مقاومة العوامل الجوية والآفات الزراعية، بالإضافة لقيمتها الغذائية العالية.

TRT عربي