يساهم قطاع السياح بـ7% من موازنة المغرب (Grant Faint/Getty Images)
تابعنا

منذ اكتشافه، يدفع متحور فيروس كورونا الجديد "أوميكرون"، العالم إلى التسارع نحو إغلاق حدوده أمام الوافد السيئ الذكر الذي حذّرت منظمة الصحة العالمية من سرعة تفشيه. والمغرب بدوره لم يخرج عما أصبح اليوم قاعدة عالمية، وخلال الأيام الأخيرة، أقر إغلاقاً تدريجياً لحدوده مع عدد من الدول، قبل أن يعلن عن إغلاقها بشكل كامل لمدة أسبوعين.

وجاء في بلاغ للسلطات الصحية في البلاد أنها قررت "تعليق جميع الرحلات المباشرة للمسافرين في اتجاه المملكة المغربية، لمدة أسبوعين، ابتداءً من يوم الاثنين 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 على الساعة الحادية عشرة ليلاً و59 دقيقة". وأردف بأن هذا القرار "يأتي جراء التفشي السريع للمتحور الجديد لفيروس كوفيد-19 "أوميكرون"، بخاصة في أوروبا وإفريقيا، ومن أجل الحفاظ على المكاسب التي راكمها المغرب في مجال محاربة الجائحة وحماية صحة المواطنين".

يأتي هذا الإجراء متزامناً مع إحدى أكثر الفترات حيوية للسياحة المغربية، فترة عطلة أعياد الميلاد بمختلف الدول الأوروبية، مما يهدِّد استمرار القطاع في الانتعاش بعد سنتَي الكساد اللتين تسببت فيهما الأزمة الصحية، مما ينذر بكساد جديد وخسائر أخرى تثقل كاهلهم.

إغلاق.. وسياحة مهددة بالانهيار

بدأ المغرب سلسلة إغلاق حدوده الأخيرة منذ يوم الجمعة 26 نوفمبر/تشرين الأول، إذ أعلن وقف جميع الرحلات من فرنسا وإليها، بسبب الحالة الوبائية المقلقة هناك. إثر ذلك وصف الفاعلون السياحيون بالمغرب القرار بـ"القاسي" لتزامنه مع فترة تشهد عادةً ارتفاعاً في توافد السياح الفرنسيين.

واعتبر لحسن حداد، وزير السياحة المغربي السابق، أن تأثير قرار الإغلاق "سيكون قوياً وسيقضي على بصيص الأمل في السوق الفرنسية التي كانت أساساً تشهد تراجعات في الوافدين منذ مدة".

ومع أن "الضرورة القصوى حتّمت الأمر" أضاف الوزير السابق في تصريح لموقع "هيسبريس"، فإن "السياحة الفرنسية أساسية لعديد من الأسواق، على رأسها السوق المغربية، لكونها مهيكلة، وبالتالي لا بد من تأثيرات سلبية".

واحتجت "الكونفيدرالية الوطنية للسياحة" المغربية على قرار الإغلاق، معتبرة أن "تطور الوضع الوبائي في البلدان المصدرة لا ينبغي أن يكون معياراً، لأنه لا يُقبل الولوج إلى الأراضي المغربية إلا للأشخاص الذين تلقوا جرعتَي التطعيم مع اختبار PCR".

وقبل شهر، تزامناً مع قرار وقف الرحلات بين المغرب وكل من هولندا وألمانيا وبريطانيا وروسيا، حذَّرت ذات الكونفيدرالية من "انهيار قطاع السياحة المغربي" جراء هذه القرارات، وعبَّرت عن أسفها لاعتذار المغرب عن استضافته الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية التي كان من المزمع انعقادها بمراكش نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.

إجراءات تعرقل بداية الانتعاش

تأتي هذه القرارات وسط بداية حركية تعافي قطاع السياحة بعد رفع السلطات المغربية تدريجياً القيود التي فرضتها الأزمة الوبائية الجارية. وحققت السياحة المغربية خلال الأشهر الثمانية الأولى لسنة 2021، حسب أرقام الحكومة، انتعاشاً قدرت نسبته بـ16% عما حققته سنة 2020، وانخفض العجز المسجل في عدد السياح سنة 2020 من سالب 78.5% إلى سالب 11 % مقارنة بين نفس الفترة من السنتين.

وبلغ عدد السياح بمراكز الحدود المغربية خلال الفترة بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب من السنة الجارية 2.5 مليون. وأظهرت إحصائيات حديثة لـ"مديرية الدراسات والتوقعات المالية الحكومية" المغربية زيادات ملحوظة لمداخيل السياحة بلغت 1.73 مليار دولار، بنسبة ‏‏202 % مقارنة بالربع الثالث من السنة الماضية.

وتسبب الإغلاق الشامل للحدود سنة 2020 في خسائر كبيرة لقطاع السياحة المغربي، قُدّر بنحو 4 مليارات دولار، بتراجع لعوائده بلغ 53.8%. ولم يتعدّ عدد السياح الذين زاروا المغرب في تلك السنة 2.8 مليون سائح، مقابل 13 مليوناً سنة 2013.

TRT عربي