تركيا تعرضت إلى أكثر من 100 ألف هجوم إلكتروني في عام 2020 (AA)
تابعنا

حتى وقت قريب، اعتقد معظمنا بأن ما شاهدناه في الأفلام السينمائية التي تناولت مواضيع الأمن السيبراني وقدرة المتسللين (الهاكر) على إشعال حرب عالمية جديدة، مجرد خيال ومبالغة وأمر لا يخرج عن حدود التشويق والإثارة، ولكننا عندما بدأنا رؤية الآثار المدمرة للهجمات الإلكترونية وعواقبها على النظام العالمي وعلينا، أصبحنا نفهم بشكل أفضل كيف يمكن لهذه الأشياء أن تؤثر على حياتنا اليومية بشكل جدي وخطير للغاية.

ومنذ بدء جائحة كورونا التي أثرت على العالم بأسره، انتقلت حياتنا العملية والتعليمية والتجارية إلى شبكة الإنترنت بشكل شبه كامل، وازدادت معها فجوات الأمن السيبراني، فوفقاً لتقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، تعتبر الهجمات الإلكترونية من بين أهم المخاطر التي تهدد العالم في الوقت الحالي، حيث يجري ارتكاب جريمة إلكترونية كل 39 ثانية في العالم، فيما يتعرض القطاع العام (الحكومي) وتجارة التجزئة والتكنولوجيا لنحو 95 % من إجمالي الهجمات الإلكترونية.

وفي الوقت الذي ازدادت فيه حدة الهجمات الإلكترونية، حلت تركيا بين الدول الثلاث الأولى التي تتعرض لأكبر عدد من الهجمات الإلكترونية في العالم، فحسب البيانات التي شاركتها وزارة النقل والبنية التحتية، وقع أكثر من 100 ألف هجوم إلكتروني في عام 2020، تركزت الهجمات بشكل أساسي على القطاعات الحكومية والتكنولوجية والتجارة الإلكترونية والمالية والطاقة والصحة، تمكنت تركيا من صد ومواجهة معظمها بفضل الإجراءات المتبعة في السنوات الأخيرة.

حروب إلكترونية

نحن نمر بفترة مثيرة للاهتمام حقاً، حيث حلت أجهزة الكمبيوتر محل الأسلحة الثقيلة، واستبدال ضباط الأركان بقراصنة (هاكر) مجهولي الهوية والموقع، وأصبحت العواصم العالمية تخترق وتحتل بفعل هجمات رقمية تستهدف قطاعاتها الحيوية، بدلاً من استخدام جنود المدفعية والبنادق والطائرات.

ومع ارتفاع حدة الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم أثناء الجائحة، نمت استثمارات الأمن السيبراني على الرغم من الانكماش الذي شهدته الاقتصادات العالمية، ووفقاً لشركة (Gartner) المتخصصة بالاستشارات، فقد بلغ حجم سوق الأمن السيبراني الدولي 120.9 مليار دولار أمريكي في عام 2019، ونما بنسبة 2.4% ليصل إلى 123 مليار دولار في عام 2020.

وإدراكاً لخطورة الهجمات الإلكترونية وتعقيدات الأمن السيبراني وفعاليته والأهمية المتزايدة لمجابهتها وصدها، أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية مكتباً للأمن السيبراني داخل البيت الأبيض، فحسب إرسين جاحمود أوغلو خبير الأمن السيبراني الذي تحدث إلى موقع TRT Haber، فإن واشنطن اتخذت خطوة استراتيجية من أجل مكافحة التهديدات السيبرانية التي تهدد أمنها القومي، القادمة من روسيا والصين بشكل أساسي، وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد أنشأت مظلة شاملة ضمت وكالة الاستخبارات ومكتب التحقيقات الفيدرالي، فضلاً عن المؤسسات ذات القدرات السيبرانية الهجومية والدفاعية لصد مثل هذه الهجمات.

تركيا تخطو خطوات مهمة

تخطو تركيا خطوات مهمة في طريقها لتصبح بلداً رائداً في مجال الأمن السيبراني على المستوى العالمي، فبعد تدشين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمركز الوطني للتعامل مع الحوادث المتعلقة بالأمن السيبراني، في العاصمة أنقرة عام 2020، أشار إلى أن أمن الأنظمة الإلكترونية لتركيا لا يقل أهمية عن أمن حدودها، مشدداً على ضرورة تفعيل نظام جديد لمراكز البيانات في القطاعين العام والخاص، وأضاف: "سنحول بلادنا إلى ماركة عالمية في مجال الأمن السيبراني".

ويساهم المركز الوطني للاستجابة للحوادث السيبرانية في أمن الدولة من خلال المسح الفوري لـ16 مليون عنوان (IP) ضد الهجمات الإلكترونية ونقاط الضعف، وذلك من خلال توظيف وسائل محلية ووطنية بالكامل، حيث لعبت تطبيقات الأمن السيبراني المسماة (Kasırga) و(Avcı) و(Azad) دوراً مهماً في منع الهجمات الإلكترونية التي استهدفت تركيا.

فيما سيجري اتخاذ خطوات مهمة في الأعوام المقبلة، حيث جرى إعداد إستراتيجية وخطة عمل ضمن رؤية 2023، من أجل ضمان الأمن في البيئة الرقمية، وتطوير القدرات الوطنية لحماية البنى التحتية الحيوية بالإضافة إلى إنشاء شبكة عضوية للأمن السيبراني، حيث لفت أردوغان إلى أن تركيا انتهت من تصميم قمرها الصناعي الوطني للاتصالات (Türksat 6A) الذي يتوقع إطلاقه إلى الفضاء بحلول عام 2022، وأوضح أن حجم قطاع التكنولوجيا في تركيا ارتفاع من 20 مليار دولار أمريكي إلى 132 مليار دولار أمريكي خلال 17 عاماً.

والعام الماضي، صعدت تركيا 23 خطوة مقارنة بالعام السابق وفق مؤشر الأمن السيبراني العالمي، وحلت في المرتبة الـ 20 على مستوى العالم وفق تصريحات نائب الرئيس التركي فؤاد أُقطاي، التي أكد خلالها أن الأمن السيبراني وأمن المعلومات بات جزءاً مهماً في حماية الأوطان وتحقيق سيادتها.

الاستعدادات التركية

تجري الاستعدادات التركية على قدم وساق من أجل الإسراع في تعزيز قدرة البلاد على صد الهجمات الإلكترونية التي تستهدفها، فضلاً عن اتباع استراتيجيات حديثة ومتطورة من أجل التخفيف من حدة الخسائر المالية التي قد تتعرض لها القطاعات الحكومية وشركات القطاع الخاص، وفي هذا الصدد، يتعاون المركز الوطني للأمن السيبراني مع مزودي خدمة الإنترنت ومشغلي الاتصالات، خاصةً ضد هجمات إفشال الخدمة أو إيقافها.

وبالإضافة إلى مركز الأمن السيبراني، أنشأت هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الوطنية مركزاً للبيانات وأكاديمية لتدريب خبراء الأمن السيبراني. ونهاية عام 2019، نظمت وزارة النقل والبنى التحتية التركية بالتعاون مع هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مناورات للأمن السيبراني شاركت بها 18 دولة، حملت المناورات اسم "الدرع السيبراني 2019".

وخلال "أسبوع الأمن السيبراني" الذي عقد نهاية العام الماضي، أكد وزير النقل والبنية التحتية التركي، عادل قرة إسماعيل أوغلو، أن تركيا نجحت خلال السنوات الثلاث الماضية، بين عامي 2017 و2020، في صد 325 ألف هجوم إلكتروني ببرامج مطورة بإمكانيات محلية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً