بولنت إينال أثناء تجسيده دور "مولانا جلال الدين الرومي" في المسلسل الجديد "حضرة مولانا" (AA)
تابعنا

تواصل هيئة الإذاعة والتليفزيون التركية (TRT) تخليد قصص الأسماء التي تركت بصماتها في التاريخ التركي وعرض قصصهم على شكل مسلسلات وأفلام على الشاشات، فبعد مسلسلات عديدة مثل عاصمة عبد الحميد وقيامة أرطغرل التي انتهى عرضها قبل فترة وجيزة، ومسلسل الإخوة بربروس الذي يُعرض حالياً على قناة (TRT 1)، تستعد القناة لعرض مسلسل جديد يتناول حياة المتصوّف الإسلامي الشهير "مولانا جلال الدين الرومي".

فبعد عامين من التحضير، بدأت أعمال تصوير المسلسل التليفزيوني "حضرة مولانا" الذي يحكي قصة حياة جلال الدين الرومي، المتصوّف والفقيه الإسلامي الذي ولد في أفغانستان وعاش وتوفي في مدينة قونية، عاصمة الدولة السلجوقية، في القرن الثالث عشر الميلادي.

وبينما سيلعب الممثل التركي الشهير بولنت إينال، الذي جسّد دور السلطان عبد الحميد الثاني مؤخراً في مسلسل عاصمة عبد الحميد، دور البطولة في مسلسل "حضرة مولانا"، حيث سيُجسّد دور مولانا جلال الدين الرومي، سيُصوّر في مدينة قونية التي تحتضن قبر ومتحف مولانا جلال الدين الرومي، والتي كانت شاهدة على الفترة المهمة من حياته.

طاقم العمل وموقع التصوير

إلى جانب الممثل بولنت إينال، يشارك في العمل نخبة من الممثلين الأتراك من أمثال كان يلدريم، أهو توركبنشي، إيلكار أكسوم، أوسهان تشاكير، ليفنت جان وآخرين.

والمسلسل من إنتاج أحمد أوكور وكريم أييلدي، وإخراج جان أولكاي، بينما المصور السينمائي هو الإيطالي سيزار دانيس.

كتب سيناريو المسلسل علي أيدين، الحائز على جائزة "أسد المستقبل" في مهرجان البندقية السينمائي.

وفيما يخصّ مكان التصوير، فقد بُني موقع التصوير على مساحة 50 دونماً، حيث أنشئت أسوار ومبان ومحال عطارة وقماش وغيرها، تمثّل قونية السلجوقية في القرن الثالث عشر الميلادي، بالإضافة إلى 37 منزلاً و4 قصور و4 قباب و3 مساجد وكنيسة وخانين ومطعم وحمام.

كما يحتوي موقع التصوير على مدرسة مولانا ونُزل الدراويش التي كانت تقع خارج السور، فضلاً عن السراي السلجوقية والمرصد ومسجد علاء الدين.

جلال الدين الرومي

ولد محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي المعروف باسم مولانا جلال الدين الرومي في مدينة بلخ بخُراسان (أفغانستان حالياً)، يوم 30 سبتمبر/أيلول من عام 1207. والدته مؤمنة خاتون ابنة أمير بلخ، ووالده محمد بهاء الدين الملقب بـ"سلطان العلماء"، أصله العرقي مثير للجدل، فالبعض يرجعه لأصل فارسي، والبعض الآخر لأصل طاجيكي أو تركي.

سافر الرومي مع والده إلى بغداد في عمر الرابعة ودرس في مدرسة المستنصرية، وبعد سفره إلى عدة بلدان لفترات متفاوتة جاء إلى مدينة قونية عام 1232، واستقر بها حتى وفاته عام 1273.

ولُقّب جلال الدين الرومي أيضاً بلقب "سلطان العارفين" لما له من سعة في المعرفة والعلم، فكان شاعراً وفقيهاً وعالم لاهوت وصوفياً. ولم يقتصر تأثير الرومي على أمة واحدة أو هوية عرقية واحدة فحسب، بل وصل إلى العديد من الدول والشعوب المختلفة، فقد اعتنق تراثه الصوفي الإيرانيون والطاجيك والأتراك واليونانيون والبشتون ومسلمو آسيا الوسطى ومسلمو جنوب آسيا، وتقدّر أعماله وأشعاره ونصائحه لغاية وقتنا الحالي.

وتُرجمت قصائده وكتبه التي كتب معظمها بالفارسية إلى عشرات اللغات حول العالم، وبفضل تأثيره العابر للقارات أصبح "الشاعر الأكثر شهرة والأكثر مبيعاً" في الولايات المتحدة اليوم، بحسب ما وصفت قناة "BBC" سنة 2007.

وإلى جانب كتابة الشهير المعروف باسم "المثنوي" الذي كتبه في قونية، والذي يُعدّ واحداً من أعظم كتب القصائد المكتوبة باللغة الفارسية لغاية يومنا الحالي، ضرب الرومي مؤسس الطريقة "المولوية" الصوفية هو واتباعه مثالاً عظيماً للتسامح والتعايش مع بقية الأعراق والديانات الأخرى، والتي ترى أنّ الخير موجود أيضاً في كل الديانات.

وعند وفاته في مدينة قونية عام 1273، بنى المعماري بحر الدين تبريزلي مبنى على الطراز السلجوقي من أجل دفن المتصوّف الإسلامي جلال الدین الرومي، والذي حُوّل إلى متحف عام 1927 وسُمّي باسم "متحف مولانا جلال الدين الرومي". ويعدّ المتحف اليوم الأكثر استقطاباً للزوار من داخل تركيا وخارجها من بين المتاحف والمقاصد التاريخية الأخرى في البلاد، ويحلّ في المرتبة الأولى متقدماً على متحف "توب كابي" ومسجد "آيا صوفيا" في إسطنبول، إذ يزوره الملايين من السيّاح والمريدين سنوياً.

الاهتمام العالمي بمولانا وأعماله

في السنوات الأخيرة التي شهدت زخماً في ترجمة قصائد الرومي وكتبه، وتزامناً مع رواية "قواعد العشق الأربعون" للكاتبة التركية إليف شفق التي تُرجمت روايتها لأكثر من 30 لغة، ازداد الاهتمام بفكر مولانا جلال الدين الرومي وازداد التأثر الغربي به وبفلسفته للحياة.

ومن الأمثلة على هذا التأثّر ما نشرته وكالة الأناضول مؤخراً، حيث تناولت قصة القس الكاثوليكي الأمريكي، البروفيسور كريغ فيكتور فينتر، الذي اعتنق الإسلام وانتقل للعيش بالقرب من قبر الرومي في مدينة قونية بسبب تأثره بمولانا جلال الدين الرومي وتعاليمه، بعد تعرّفه في عام 2004 أسين شلبي بايرو، وهي حفيدة مولانا جلال الدين الرومي من الجيل الثاني والعشرين، أثناء وجودها في الولايات المتحدة، والتي دعته لاحقاً في عام 2005 لحضور احتفالات ذكرى وفاة جلال الدين الرومي في مدينة قونية.

TRT عربي