يعاني مسلمو كندا موجات من المضايقات والعنصرية والكراهية على نحو متزايد (Christopher Katsarov/The Canadian Press)
تابعنا

ازدادت خلال الأشهر الماضية الهجمات والمواقف الّتي استهدفت مسلمي كندا، وارتفع مستواها على نحوٍ ملحوظ. فيما ينتقد مراقبون عدم تدخّل السلطات الكندية بالقدر الكافي، سوى عبر تصريحات التنديد والتضامن وشعارات الإدماج، بل وحثّها على انتشار الكراهية وحالة نبذ المسلمين على المستوى الرسمي عبر القانون المُستحدَث بكيبيك.

وحُرِمَت معلمة مسلمة لتلاميذ الصف الثالث في بلدية تشيلسي بمقاطعة كيبيك الكندية من عملها في شهر ديسمبر/كانون الأوّل الماضي بسبب ارتدائها الحجاب، وذلك بموجب قانون في المقاطعة يحظر ارتداء الرموز الدينية على موظفي القطاع العام الذين يؤدّون أعمالاً تخوّلهم سلطة.

ويتساءل متابعون عن معايير الحريات وشعارات الليبرالية وقبول الآخر الّتي تنسبها السلطات الكندية إلى حكومتها وبلادها، في وقت تعاني فيه الأقلية المسلمة تمييزاً واستهدافاً متصاعداً.

استهداف المحجبات

تدافع السلطات في مقاطعة كيبيك عن قانون منع الرموز الدينية الّتي يرتديها موظفو الحكومة، مثل المعلمين وضباط الشرطة والمدّعين العامّين، بزعم أنّه يُنفَّذ بموجب قرار قضائي صَدَر عام 2019 للحفاظ على العلمانية في المقاطعة الناطقة بالفرنسية بشكل أساسي.

ويلقى القانون المعروف باسم "قانون 21" لحماية العلمانية، انتقادات حقوقيين ونشطاء، حيث إنّ النساء المسلمات هنّ من أكبر المجموعات التي تأثّرت بالقرار، إذ لم يَعُد يُسمَح لهن بارتداء الحجاب إذا عملن مدرّساتٍ أو ضابطات شرطة أو حارسات سجن أو محاميات بأجر من الحكومة.

ولا يمكن تطبيق القانون على المعلمين بمدارس اللغة الإنكليزية في المقاطعة الكندية، لأنّه ينتهك بذلك حقوق تعليم لغات الأقليات المحميّة بموجب المادة 23 من ميثاق الحقوق والحريات الكندي. فيما قالت عدّة نساء مسلمات إنّهن رُفضِن في وظائف التدريس لأنّهن يرتدين الحجاب.

وبجانب القانون المذكور بمقاطعة كيبيك، تُعاني النساء المحجبّات من المضايقات والعنصرية على نحو متزايد، فيما يُستَهدف الحجاب كرمز، حيث وصفته مجلة "الجمعية الطبية الكندية" في مقال نُشِر بشهر ديسمبر/كانون الأوّل بـ"أداة للاضطهاد واستغلال الأطفال". الأمر الّذي لقي رفضاً وشجباً واسعاً من مسلمين كندا.

ثِقل كيبيك الانتخابي

رُغم تصريحه سابقاً بمعارضته "القانون 21"، غير أنّ رئيس الوزراء جاستن ترودو يلقى انتقادات بتجنّب التطرّق لهذه القضية لبعض الحسابات السياسية، حيث إنّ تلك المسألة تُعتبر حساسة لحزب الليبراليين الحاكم، وذلك لكون كيبيك ذات أهمية حاسمة في الانتخابات بالبلاد.

وكان إيرين أوتول، زعيم حزب المحافظين الكندي المعارض، صرّح الشهر الماضي، بعد قرار حرمان المعلمة المسلمة من واجباتها التعليمية، بأنّه "لن يُتسامَح مع أي نوعٍ من المعارضة بشأن هذه القضية".

وخلال الانتخابات الفيدرالية الأخيرة، افتخر رئيس حزب المحافظين بنفسه "لتعامله مع الأمر بأكبر قدر من البراعة"، حيث أوضح أنّه كان لديه "تحفظات من الناحية النظرية حول حظر أغطية الرأس الدينية"، لكنّه يحترم حق كيبيك في "تمرير قوانينها الخاصة".

"فخ الانفصاليين"

أشار المحلّل السياسي والاجتماعي الكندي جون جيمس ماكولو، إلى أنّ موقف ترودو وأوتول من قضية فصل المعلمة المسلمة، إلى جانب العديد من ردود أخرى رفيعة المستوى في كندا، "مثّلت خطوة جعلت حظر أغطية الرأس في كيبيك، والذي كان أمراً مثيراً للجدل نظرياً لعدة أشهر، أصبح فجأة أكثر واقعية".

ونقل ماكولو في مقاله المنشور بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تصريحات للسناتور الكندي السابق أندريه برات، حول الثِقل الذي تحظى به كيبيك، حيث قال إنّ "الكنديين الإنكليز يسقطون في الفخ الذي نصبه الانفصاليون (الفرانكفونيون) في المقاطعة".

وأوضح المحلّل السياسي الكندي أنّ الساسة الكنديين، لا سيّما من الإنكليز، يخشون معارضة قرارات وسياسات المقاطعة ذات الأغلبية الناطقة بالفرنسية لتجنّب "خسارة أصوات كيبيك القومية"، على حد تعبير أوتول.

وأردف ماكولو أنّ هذا النوع من الخطاب يعتمد على فرضية مفادها أنّ عدم معارضة كيبيك هو الهدف الأسمى للسياسة الكندية، و"أنّ القومية العدوانية في المقاطعة يجب ألّا يُسمح لها أبداً بالتحوّل إلى نزعة انفصالية"، وأنّ ذلك يتمّ عبر استرضاء كيبيك "مهما تعارضت سياسات المقاطعة مع مبادئ ومعايير السياسة الكندية".

TRT عربي