صورة جوية لمبنى الموقع الأسود الذي استخدمته وكالة المخابرات المركزية لاحتجاز وتعذيب سجناء في فيلنيوس ، ليتوانيا. (Reuters)
تابعنا

قال صندوق العقارات الحكومي الليتواني، الذي يتعامل مع الأصول التي لم تعد الدولة بحاجة إليها، الاثنين إنه "يستعد لبيع الموقع الأسود سيئ السمعة، المعروف أيضاً باسم المشروع رقم 2 أو موقع الاحتجاز البنفسجي"، بسعر غير معروف حتى الآن.

واستخدمت وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي آي إيه) الموقع، الذي يحتوي على غرف عازلة للصوت وبدون نوافذ، لاحتجاز وتعذيب مسلمين اشتبهت بانتمائهم لجماعات إرهابية، حيث تعرضوا لشتى أنواع التعذيب بدءاً من التعرض للضوء الشديد وصولاً إلى التعذيب بالضوضاء عالية الكثافة.

وكان المشروع رقم 2، الذي يقع خارج حدود العاصمة الليتوانية فيلنيوس، حتى إغلاقه عام 2006 أحد مراكز التعذيب الواقعة خارج الولايات المتحدة، والتي يطلق عليها اصطلاحاً "المواقع السوداء" لسيرتها الشديدة والممارسات الخارجة عن القانون التي كانت تحدث بين جدرانها.

موقع الاحتجاز البنفسجي

بدلاً من حظائر الخيول والمخازن العلوية المخصصة للتبن، يتكون إسطبل الخيول خارج العاصمة الليتوانية فيلنيوس من ممرات طويلة تؤدي إلى غرف بلا نوافذ عازلة للصوت حيث "مكّن المرء أن يفعل ما يريده"، وفقاً لوزير الدفاع الليتواني أرفيداس أنوسوسكاس، الذي قاد تحقيقاً برلمانياً عن المنشأة عام 2010، تحدث لرويترز عن تفاصيل الموقع الأسود.

وقد كان الموقع جزءاً من برنامج التسليم السري للولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، والتي احتجزت بموجبها وكالة المخابرات المركزية مسلمين مشتبه بهم في سجون خارج نطاق الولاية القضائية للولايات المتحدة، حيث يمكنهم استجواب المشتبه بهم الأجانب دون توجيه اتهامات إليهم.

وخلال فترة الاحتجاز في المنشأة التي تحتوي على 10 غرف، تعرض السجناء لأساليب استجواب وحشية أدانتها جماعات حقوق الإنسان والقضاة الأمريكيون باعتبارها تعذيباً، بما في ذلك الحرمان من النوم والحبس الانفرادي والإيهام بالغرق.

يذكر أن السي آي إيه استخدمت الموقع كمركز اعتقال لحوالي العام، من 2005 وحتى إغلاقه عام 2006.

ليتوانيا تدفع 100 ألف يورو كغرامة

صورة مركبة تظهر رسماً لأبي زبيدة وقد تعرض للتعذيب في سجن سري لوكالة المخابرات المركزية. (AP)

في وقت سابق من الشهر الجاري، كشفت وسائل الإعلام عن أن الحكومة الليتوانية دفعت لأبي زبيدة، المشهور بلقب "السجين إلى الأبد"، 100 ألف يورو كتعويض عن المعاملة التي عانى منها في الموقع الأسود، بعد حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

وأقرت المحكمة أن الحكومة الليتوانية انتهكت اتفاقية حقوق الإنسان التي تحظر التعذيب بعد سماحها لوكالة المخابرات المركزية بتعذيب أبي زبيدة داخل موقع أسود على أراضيها.

وفيما ذكرت صحيفة الغارديان أن ليتوانيا قد دفعت له الآن 113،00100 ألف يورو تعويضاً، لكنها أشارات إلى أن أبا زبيدة لا يمكنه فعلاً الوصول إلى الأموال لأنه لا يزال محتجزاً في خليج غوانتانامو، ولأن وزارة الخزانة الأمريكية جمدت أصوله أيضاً.

وتجدر الإشارة إلى أنه قُبض على أبو زبيدة في باكستان بعد ستة أشهر من أحداث 11 سبتمبر/أيلول، بتهمة كونه عضواً بارزًا في تنظيم القاعدة، واحتُجز دون تهمة منذ ذلك الحين. فقد احتجز في العديد من المواقع السوداء لوكالة المخابرات المركزية حول العالم قبل أن يُنقل إلى غوانتانامو في عام 2006. ورغم التعذيب الوحشي والممنهج الذي تعرض له طوال سنوات حبسه، لم يجد المحققون أي دليل قط يثبت أنه كان عضواً في القاعدة أو كان على علم مسبق بهجمات 11 سبتمبر/أيلول.

برنامج التسليم السري

كشف تقرير نشرته منظمة أوبن سوسايتي جاستيس انيشياتف عام 2013 أن 54 دولة حول العالم ساعدت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ضمن برنامجها الخاص بالسجون السرية (المواقع السوداء) وعمليات الاستجواب العنيفة لمشتبهين بالإرهاب بعد اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول.

وحسب التقرير، شاركت حكومات 54 بلداً اجنبياً في هذا البرنامج بأساليب مختلفة بما في ذلك فتح سجون سرية على أراضيها والمساهمة في القبض على المشتبه بهم ونقلهم واستجوابهم وتعذيبهم وتقديم المعلومات الاستخباراتية، بالإضافة إلى فتح مجالها الجوي للرحلات السرية.

وأدت المخاوف بشأن عدم إمكانية الوصول إلى الرعاية الطبية للمعتقلين، إلى جانب التحديات القانونية والضغوط التي مارستها وسائل الإعلام والتعرض لوسائل الإعلام وغيرها من الأمور إلى توقف البرنامج المثير للجدل، حتى أخليت أغلب المواقع بحلول سبتمبر/أيلول 2006، وذلك عندما اعترف الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج دبليو بوش، بوجودها علناً لأول مرة وأعلن أن المواقع السوداء فارغة.

وبينما كانت إيطاليا البلد الوحيد الذي حكم على مسؤولين لتورطهم في هذه العمليات، واعتبرت كندا البلد الوحيد الذي قدم اعتذارات لأحد ضحايا هذا البرنامج، دفعت بلدان مثل كندا واستراليا وبريطانيا ومؤخراً ليتوانيا تعويضات مالية للضحايا الذين تعرضوا للتعذيب على أراضيها.

TRT عربي