"خيانة حليف".. هل تذهب إسرائيل بعيداً في علاقاتها مع الصين رغم القلق الأمريكي؟ (Others)
تابعنا

في الوقت الذي يقترب فيه موعد المواجهة العسكرية بين الصين والولايات المتحدة بشأن جزيرة تايوان لم تغفل واشنطن عن مراقبة حليفها الرئيسي في الشرق الأوسط -إسرائيل- من كثب. ففي السنوات الأخيرة حدث تقارب ملموس وتعاون نشط بين بكين وتل أبيب في تكنولوجيا الدفاع المتقدم والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الاستثمارات الصينية في الشركات الإسرائيلية المختصة بتطوير ابتكارات تكنولوجية ناشئة.

والحقيقية أن أبرز ما يثير قلق الولايات المتحدة تمّكن الصين من الولوج عبر أبواب خلفية في إسرائيل والحصول على تكنولوجيا عسكرية متطورة، مثل تلك التي تشترك فيها إسرائيل مع الولايات المتحدة بمجالات كتكنولوجيا المُسيرات والذكاء الاصطناعي، تمكن بكين من كشف أوراق لعب الولايات المتحدة في أي حرب عسكرية محتملة.

الاستثمارات الصينية في الشركات التكنولوجية الناشئة في إسرائيل فضلاً عن استقطاب الشركات الصينية لعلماء وخبراء بمجالات الدفاع وصناعة الليزر والفضاء من إسرائيل يثير ذعر الأوساط السياسية والعسكرية بالولايات المتحدة وغضبها من تدفق التكنولوجيا وتسرب الأسرار العسكرية والتكنولوجية إلى الصين.

الصين توجه بوصلتها نحو إسرائيل

كثفت بكين في الآونة الأخيرة جهودها لاستهداف التكنولوجيا الإسرائيلية في سعيها للهيمنة العالمية وتوسعة نفوذها من أجل تحقيق التفوق العالمي بحلول عام 2049 -مئوية جمهورية الصين الشعبية (PRC)- وهو الأمر الذي تخشى الولايات المتحدة حدوثه، وفقاً لتقرير مطول نشرته مجلة "نيوزويك".

ولدى إسرائيل قطاع متقدم في التقنيات الناشئة مثل بصريات الليزر والواقع المعزز والافتراضي، إذ تضم نحو 4000 شركة ناشئة نشطة وتنفق 5% من إجمالي الناتج المحلي السنوي على البحث والتطوير -وهي أعلى نسبة في العالم، وفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن العاصمة.

كما تعتبر إسرائيل جذابة بشكل فريد للصين بفضل مزيجها من التكنولوجيا الدفاعية المتقدمة والأبحاث ذات العقلية الأمنية. ففي العشرين عاماً الماضية كان 97% من الاستثمارات المعروفة التي ضختها الصين في إسرائيل تستهدف قطاع التكنولوجيا حصرياً.

وفي سياق متصل قالت وزارة الخارجية الأمريكية: "أعلنت جمهورية الصين الشعبية أنها تسعى للحصول على تقنيات أجنبية للسيطرة على التقنيات الحاسمة والناشئة في المستقبل ودعم سياسة الاندماج العسكري-المدني باستخدام التكنولوجيا المدنية لمنح جمهورية الصين الشعبية ميزة عسكرية". "كانت جمهورية الصين الشعبية على استعداد لفعل كل ما يلزم لاكتساب ميزة تكنولوجية وسرقة الملكية الفكرية والانخراط في التجسس الصناعي وفرض نقل التكنولوجيا".

كابوس أمريكي

وبينما يتفق المحللون الإسرائيليون على أن الصين مهتمة أيضاً بالتكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية التي جرى تطوير جزء كبير منها إما بالتعاون مع الشركات الأمريكية وإما بتمويل من الولايات المتحدة، فإنهم يتفقون أيضاً على أن إسرائيل حريصة إلى حد كبير على ألا تخالف صادراتها فى هذا المجال التفاهمات مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالصادرات العسكرية للصين.

من جانبه ذكر الدكتور يورام إيفرون الأستاذ بقسم الدراسات الآسيوية بجامعة حيفا أن إسرائيل "صارمة" للغاية بالنسبة إلى صادرات الدفاع للصين، و"لن تجرؤ على تعريض علاقاتها بالولايات المتحدة للخطر التى تعتمد هى عليها بشدة". وفقاً لما نقله مركز دراسات الصين وآسيا.

كابوس واشنطن الحقيقي هو أن جمهورية الصين الشعبية من خلال الشراكة مع شركة إسرائيلية أو شرائها يمكن أن تحصل على تقنية مهمة تمنحها ميزة بالمجال العسكري أو أي مجال حساس آخر. الأمر الذي دفع وزارة الخارجية الأمريكية للخروج بتصريح شديد اللهجة لمجلة نيوزويك: "لقد كنا صريحين مع أصدقائنا الإسرائيليين بشأن المخاطر على مصالح الأمن القومي المشتركة". وحسب "نيوزويك" فإن كلمة "صريح" في الحديث الدبلوماسي تعني أن الناس يصرخون.

بالمقابل يدرك الإسرائيليون أن واشنطن تعتبر الصين تهديداً متزايداً ويقولون إنهم يتفاعلون معها بهدوء وفقاً لما قالته توفيا غيرنج من معهد القدس للاستراتيجية والأمن: "الناس هنا لا يعيشون في كهف. إنه جزء من ثقافتنا الآن، ونحن نعرف المخاطر لكننا لا ندفعها إلى مستويات القلق الأمريكية".

حزام وطريق للولوج إلى التكنولوجيا الإسرائيلية

بينما تمتلك إسرائيل تكنولوجيا متقدمة فى عدة قطاعات وتتطلع شركاتها لدخول أسواق جديدة بالشرق بعد تشبع الأسواق الأوروبية، تفتح الصين أبوابها أمام هذه الشركات وتمنحها سوقاً كبيراً للغاية ينمو باستمرار بعكس الأسواق الغربية التي يبدو أنها على أبواب ركود اقتصادي عاصف.

وفيما تعتبر الصين من أكبر الشركاء التجاريين لإسرائيل ومصدراً مهماً للاستثمار الأجنبي، فإن الانسلاخ عنها لن يكون بالأمر الهين على تل أبيب التي تسعى لجذب استثمارات البنية التحتية ضمن مبادرة "الحزام والطريق الصينية" وتطويعها بالشكل الذي يضمن دمجها تجارياً وجيوسياسياً بدول المنطقة العربية من حولها.

وعلى الرغم من أن صداقة إسرائيل الوثيقة مع واشنطن غير قابلة للتفاوض حالياً، فإن بكين عينها على دمج البنية التحتية الحيوية لإسرائيل في مبادرة الحزام والطريق، والاستفادة منها استراتيجياً بالشكل الذي يضمن ولوجها إلى التكنولوجيا الإسرائيلية الحديثة، لأنها تعمل جنباً إلى جنب مع المنشآت العسكرية الرئيسية والشركات الكبرى وموردي المواد الغذائية وغيرها من الخدمات العسكرية والمدنية الإسرائيلية الأساسية، وفقاً لمقال رأي نشره موقع "جيروساليم بوست" الإسرائيلي.

TRT عربي