أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) يوم 6 سبتمبر/أيلول الجاري أن الولايات المتحدة ستجري قريباً تجربة إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز Minuteman III غير مسلح. (Others)
تابعنا

في أعقاب سلسلة من الخسائر الفادحة التي تلقتها القوات الروسية شرقي أوكرانيا في إقليم خاركيف، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ذكّر العالم بشكل روتيني منذ بدء الحرب بأن ترسانة موسكو النووية هي الكبرى في العالم، تهديداً غامضاً ولكنه ينذر بالسوء باستخدام سلاح نووي. وقال يوم 21 سبتمبر/أيلول الجاري في خطاب متلفز على المستوى الوطني: "إذا تعرضت وحدة أراضي بلادنا للتهديد، فسنستخدم، بلا شك، كل الوسائل المتاحة لحماية روسيا وشعبنا". "هذه ليست خدعة".

حتى وقت قريب، بدت التصريحات الخارجة من الكرملين وكأنها للاستعراض في المقام الأول، لكن التصريحات الأخيرة دفعت الاستخبارات الأمريكية لاستخدام الأقمار الاصطناعية وتسيير رحلات جوية فوق كالينينغراد الروسية للبحث عن أي تحركات للترسانة الاستراتيجية الروسية قد تجدها مريبة.

وبينما شكلت إدارة بايدن فريقاً من الخبراء لوضع استراتيجيات للردود إذا فعلت روسيا ما لا يمكن تصوره، توجهت الأنظار في واشنطن مجدداً إلى الترسانة النووية الأمريكية، التي جرى تصميمها للفوز بالحرب الباردة قبل عقود عدة، والتي باتت مهمة صيانتها وتشغيلها تحتاج إلى مبالغ طائلة، نظراً لأن عمرها تجاوز سنوات خدمتها القصوى، مما أدى إلى نوبات صيانة شاملة في ظل تضاؤل ​​إمدادات قطع الغيار، وفقاً لمجلة تايم.

صيانة أم استبدال؟

عندما تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه، حاول تقليص دور الأسلحة النووية في السياسة الأمريكية، لدرجة أنه درس فكرة تخفيض جزء من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. لكن هذا الخيار جرى إلغاؤه العام الماضي، بمجرد أن قررت وكالات الاستخبارات أن الصين توسع مخزونها من الأسلحة النووية بشكل أسرع وبقوة أكبر مما كان متوقعاً في السابق.

وقال مسؤول في الإدارة الأميركية لمجلة تايم: "عندما تراقب الصين وهي تزداد بسرعة، وتتطلع إلى مضاعفة عدد الأسلحة التي تمتلكها ثلاث مرات، لا يبدو من المناسب أن تسعى الولايات المتحدة من جانب واحد إلى الانخفاض في هذه المرحلة الزمنية". وتَعزز هذا الرأي بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، والذي هدد في أثنائه الرئيس فلاديمير بوتين باستخدام الأسلحة النووية ضد الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين.

وفي حال قررت الولايات المتحدة أنها بحاجة إلى الاحتفاظ بصواريخها الأرضية، فعليها أن تمول سلاحاً جديداً بدلاً من الاستمرار في ضخ المليارات في الأسطول الحالي، كما صرح وزير الدفاع السابق والسيناتور الجمهوري من نبراسكا تشاك هاجل، والذي قال: "تحتاج الأمة إما إلى استبدال هذه الأنظمة أو التخلص منها".

يذكر أن الترسانة النووية الأمريكية تتكون حالياً من 3800 رأس حربي.

مهمة مكلفة

القرار النهائي بشأن ما إذا كان سيجري استبدال القوات النووية الأمريكية القديمة وكيفية استبدالها يقع على عاتق الكونغرس. مع انضمام بايدن الآن، يراهن البنتاغون على أنه سيحصل على كل خطته البالغة تريليون دولار لاستبدال جميع الأرجل الثلاث للثالوث النووي الأمريكي، بما في ذلك 100 مليار دولار لاستبدال جميع الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الأرضية.

والآن، مع استمرار إدارة بايدن إلى حد كبير في خطط أسلافها لتحديث أو استبدال الثالوث النووي الأمريكي المكون من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات وغواصات الصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى القاذفات الاستراتيجية بعيدة المدى، فإن البنتاغون على وشك ضرب ما كان يُطلق عليه منذ فترة طويلة "موجة القوس"، وهو المصطلح العسكري لتعويض التكاليف التي طال انتظارها والتي تراكمت منذ سنوات، وفقاً لموقع ديفينس وان.

وحسب تايم، في حال قرر الكونغرس الاحتفاظ بالأسطول الحالي، فإن ذلك سيثقل كاهل الميزانية العسكرية، وذلك نظراً لتكلفة الصيانة المتزايدة، حيث ارتفع سعر صيانة الصواريخ البالستية العابرة للقارات وحده بنسبة 17% خلال نصف العقد الماضي، فبلغ ما يقرب من 482 مليون دولار سنوياً.

وفي أحدث تقرير لمكتب الميزانية في الكونغرس، فإن القوات النووية الأمريكية ستكلف 634 مليار دولار على مدى السنوات العشرة القادمة. وعلى مدار الثلاثين عاماً القادمة قد تصل تكلفة صيانة كل هذه الأسلحة الجديدة إلى تريليونَي دولار، وفقاً لجمعية الحد من الأسلحة.

100 مليار لبناء منظومة جديدة

حسب موقع (Bulletin of the Atomic Scientists)، تبني الولايات المتحدة سلاحاً جديداً للدمار الشامل، وهو صاروخ نووي استراتيجي أرضي (GBSD) بقيمة 100 مليار دولار، ومن المقرر أن يحل محل الصاروخ الباليستي العابر للقارات مينوتمان 3 القديم.

فيما تخطط القوات الجوية الأمريكية لطلب أكثر من 600 من هذه الصواريخ التي ستكون قادرة على السفر لمسافة 6000 ميل، وهي تحمل رأساً حربياً أقوى بعشرين مرة من القنبلة الذرية التي أسقطت على هيروشيما. ومثل سابقاتها، سيجري وضع أسطول (GBSD) في صوامع تحت الأرض، منتشرة على نطاق واسع في ثلاث مجموعات تُعرف باسم "الأجنحة" عبر خمس ولايات.

ولإتمام هذه المهمة، منح سلاح الجو الأمريكي في سبتمبر/أيلول 2020 شركة الدفاع "نورثروب جرومان" عقداً أولياً بقيمة 13.3 مليار دولار لبدء هندسة الصاروخ وتصنيعه، لكن ذلك سيكون مجرد جزء بسيط من إجمالي الفاتورة. وبناءً على تقرير البنتاغون الذي استشهدت به جمعية الحد من الأسلحة وبلومبيرغ نيوز، ستنفق الحكومة أكثر من 100 مليار دولار لبناء السلاح، والذي سيكون جاهزاً للاستخدام حوالي عام 2029.

TRT عربي
الأكثر تداولاً