رئيس السلفادور نجيب بوكيلة زار أنقرة والتقى أردوغان يوم أمس الخميس. (AA)
تابعنا

لاقت تغريدة رئيس السلفادور نجيب بوكيلة، الذي جاء إلى تركيا بدعوة من الرئيس أردوغان، التي كتب فيها مازحاً: "أولاً وقبل كل شيء، تحية لكل تركيا من السلفادور أرض بيتكوين"، رواجاً كبيراً بين الأتراك على وسائل التواصل الاجتماعي نظراً إلى القالب الذي استخدمه في كتابة التغريدة والذي اشتهر مؤخراً في تركيا لبداية أي حديث جدي بقالب كوميدي، تقليداً لمداخلة تليفزيونية أجراها مواطن تركي وشغلت التريند في تركيا في الأسابيع الماضية.

الأمر الذي يشير إلى أن رئيس السلفادور يجيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ويعرف جيداً كيف يستغلّ التريند للفت الانتباه إلى زياراته لتركيا التي زار خلالها قبر أتاتورك، والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصفه بالقائد العظيم الذي أعاد تعريف العالم بتركيا وتاريخها خلال العقدين الماضيين، والتي تخللها توقيع 6 اتفاقيات تعاون التي ينتظر منها أن تعزّز العلاقات بين البلدين وترفع التبادل التجاري بينهما إلى أكثر من 500 مليون دولار سنوياً.

مَن نجيب بوكيلة؟

ينحدر نجيب بوكيلة المولود في العاصمة سان سلفادور يوم 24 يوليو/تموز 1981 من أم سلفادورية وأب فلسطيني اسمه أرماندو بوكيلي قطان، هاجر أجداده من بيت لحم في فلسطين إلى السلفادور في أمريكا الوسطى بجواز سفر عثماني.

منحدر من أصول فلسطينية يفوز في الانتخابات الرئاسية في السلفادور.. تعرفوا على ناييب بوكيلي

Posted by ‎عربي TRT‎ on Monday, February 4, 2019

والده حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم الكيميائية والحقوق، وهو رجل أعمال ناجح له عدة شركات ساعده أبناؤه الـ11 في إدارتها، ومنهم نجيب. فيما لُقّب الوالد قبل وفاته عام 2017 بـ"إمام السلفادور" بعد اعتناقه الإسلام في سبعينيات القرن الماضي وبدأ بناء المساجد في عموم البلاد. أما نجيب الذي يجيد الإسبانية (لغة البلاد الرسمية) إلى جانب العربية والإنجليزية، فلا يفصح عن معتقده الديني علناً.

وتَمكَّن الشابّ الأربعيني المنحدر من جالية فلسطينية تشكّل نحو 2% من إجمالي سكان البلاد، والذي كان يشغل عمدة سان سلفادور بين عامَي 2015 و2018، من قيادة حزبه الذي يُدعى "الأفكار الجديدة" للفوز في الانتخابات التي أُجريَت في فبراير/شباط 2019، لينهي بذلك حقبة الحزبين التقليديين اللذين تناوبا على السلطة منذ نهاية الحرب الأهلية في البلاد عام 1992.

ويحظى نجيب الذي يجيد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جيد، بشعبية كبيرة بين أوساط الشباب في السلفادور، فقد وعدهم خلال حملته الانتخابية بمحاربة الفساد وزيادة استثمارات الحكومية من أجل النهوض بالتعليم وتعزيز الأمن في البلاد التي تنشط فيها العصابات الإجرامية كثيراً.

جمهورية بتكوين

دخلت السلفادور التاريخ كأول دولة تُضفِي الشرعية على العملات المشفرة، تحديداً عملة بيتكوين (Bitcoin)، وذلك عقب أن أقرّ الرئيس الشابّ مشروع قانون في شهر يونيو/حزيران الماضي يضفي الشرعية على عملة بيتكوين كعملة قانونية للتداول داخل البلاد.

وبالنسبة إلى الرئيس الذي يمتلك خزانة ملابس غير رسمية وأسلوب تواصل مشابة لروّاد التقنية، فإن سياسة بيتكوين تتعلق بأكثر من تأثيرها الاقتصادي المباشر، إنها فرصة لتحويل السلفادور من بلد مشهور بعنف العصابات والاقتصاد الراكد الذي يدفع للهجرة إلى الولايات المتحدة، إلى مركز جذب يوفّر مناخاً جديداً للابتكار والريادة في العملات المشفرة.

وفي أعقاب دخول قانون بيتكوين حيّز التنفيذ منذ 7 سبتمبر/أيلول الماضي، أصبحت السلفادور أول دولة في العالم تتبنى عملة بيتكوين كعملة قانونية جنباً إلى جنب مع الدولار الأمريكي الذي تستخدمه السلفادور كعملة لها منذ عام 2001، وباتت أول دولة تفرض دفع الضرائب ببيتكوين وألزمت جميع الشركات التعامل بها، كما تمهّد الحكومة الطريق الآن لدفع الإعانات الحكومية بالعملة المشفرة.

ولتحفيز المواطنين للتعامل ببيتكوين، بنَت الحكومة شبكة من 200 جهاز صراف آلي بيتكوين وطبّقت محفظة بيتكوين رقمي يسمى "Chivo"، وزعت من خلالها ما قيمته 30 دولاراً من بيتكوين لكل مواطن سلفادوري في محاولة لبدء اقتصاد بيتكوين.

وأشار الرئيس السلفادوري الذي يروّج لبيتكوين كوسيلة لتقليل الرسوم التي يدفعها السلفادوريون لإرسال واستقبال الحوالات المالية التي تشكّل 22% من إجمالي الناتج المحلي في السلفادور، إلى أن 2.1 مليون سلفادوري استخدموا "Chivo" حتى الآن، في بلد يبلغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة وأكثر من 70% منهم من لا يملكون حسابات بنكية.

مدينة خاصة لعملة بيتكوين

يسعى الرئيس نجيب بوكيلة من خلال مبادراته العصرية التي تدفع سكان البلاد إلى استخدام عملة بيتكوين المشفرة في شتى مجالات الحياة اليومية، لجعل السلفادور "جنة التشفير" من خلال الاختراقات التي يحاول تنفيذها في هذا المجال، خصوصاً أن حكومته تستعدّ لإصدار سندات حكومية بعملة بيتكوين قُدرت قيمتها بنحو مليار دولار.

واتخذت السلفادور مؤخراً إجراءات جديدة لبناء مدينة جديدة ستطلق عليها اسم "مدينة بيتكوين"، وذلك بعد إعلان الرئيس بوكيلي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن حكومته بصدد بدء تشييد المدينة حول بركان "Conchagua" الواقع جنوب شرق البلاد.

كما أعلن بوكيلة أنهم بدؤوا تعدين بيتكوين باستخدام الطاقة الحرارية الأرضية من البراكين في السلفادور في أكتوبر/تشرين الأول 2021، مشيراً إلى أن الحكومة ستدعم وتستقطب المستثمرين لأرض "مدينة بيتكوين" التي يكلّف إنشاؤها نحو 300 ألف بيتكوين.

TRT عربي