تسمح معظم الولايات الأمريكية للمراهقين بالزواج في سن 16 أو 17 عاماً حال موافقة الوالدين والقضاء (تويتر)
تابعنا

يندّد نشطاء وحقوقيّون أمريكيون بانتشار ظاهرة زواج القُصّر بالولايات المتحدة، إذ تفيد إحصائيات بزواج نحو 297 ألف قاصر في البلاد بين عامي 2000 و2018، وفي 80% من تلك الحالات تُكرَه طفلة تحت الـ18 عاماً على الزواج من رجل يكبرها سنّاً بأعوام.

وجرّاء ذلك اتّخذت بعض الولايات إجراءات مناهضة لزواج الأطفال محاولةً وضع حدٍ لتلك الظاهرة. ففي عام 2017، كانت جميع الولايات الأمريكية الخمسين تسمح للقصّر بالزواج ولكن في بعض الحالات الاستثنائية. أمّا منذ عام 2018 حظرت ست ولايات أمريكية وهي ديلاوير ونيوجيرسي وبنسلفانيا ومينيسوتا ورود آيلاند ونيويورك، جميع الزيجات قبل سن الـ18.

غير أنّ نشطاء بالولايات المتحدة يحذّرون من أنّ مئات الآلاف من الأطفال، لا سيّما الإناث، لا يزالوا يتعرّضون للإكراه على الزواج في سنّ مبكّر، وذلك مع النظر إلى عدم امتلاك تسع ولايات أمريكية أيّ حد أدنى لسن الزواج على الإطلاق حتّى اليوم.

جدير بالذكر أنّه حسب تعريف الأمم المتحدة واسع القبول عالمياً، فإنّ مصطلح الطفل يُطلَق على كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر.

بين الحريات المدنية وقيم الأسرة

تسمح معظم الولايات الأمريكية للمراهقين بالزواج في سن 16 أو 17 عاماً حال موافقة الوالدين والقضاء، كما تسمح بعض الولايات الأخرى لمن هم دون الـ15 عاماً بالزواج. وعلى سبيل المثال، تبيح ولاية فلوريدا تبيح عقد الزواج في أيّ سن إذا كانت الفتاة حاملاً، ما دامت هناك موافقة قضائية.

ورُغم حملات التوعية بمخاطر ذلك على الأطفال والمجتمع، إلّا أنّ معارضي إنهاء زواج الأطفال يتصدّون لتلك الحملات، وتشمل تلك الفئة مجموعات من اليسار بدافع الحفاظ على الحريات المدنية، وكذلك المحافظين من اليمين الداعين إلى الحفاظ على قيم الأسرة ونبذ أي نشاط جنسي خارج إطار الزواج.

فيما تُشير الاستطلاعات إلى أنّ زواج القُصّر يحدث في مختلف العائلات الّتي تتّبع ديانات مختلفة مثل المسيحية والهندوسية والسيخية واليهودية والإسلام والمورمونية والبوذية.

ويُقدِّر استطلاع رأي صَدَر عام 2019 عن مكتب الإحصاء الأمريكي للتعداد السكاني، أنّ ما يقرب من 88 ألف من المراهقين المتزوجين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً في جميع أنحاء البلاد. فيما تشير دراسة أجرتها مجموعة نشاط في أبريل/نيسان من العام الماضي، إلى أنّ عدد القُصّر الذين تزوجوا في الولايات المتحدة بين عامي 2000 و2018 يُقدّر بنحو 297 ألف فرد، من بينهم 60 ألفاً دون سن الأهلية القانونية لممارسة الجنس في ولايتهم.

وتحذّر كاسي ليفيسك، الناشطة بمجال حقوق الإنسان وعضو المجلس التشريعي بولاية نيو هامبشاير الأمريكية، من مغبّة زواج ظاهرة زواج القُصّر وانعكاس ذلك على نفسيتهم، وتقول: "قبل مائة عام، كانت النساء تتزوجن في سن مبكرة (…) الآن نحن ندرك أنّ الأطفال يجب أن يكونوا أطفالاً. يجب أن يكونوا قادرين على النمو، لأنّه إذا ألقي بهم في مرحلة البلوغ، فإنّهم يميلون إلى الغرق وليس السباحة".

إكراه واستغلال

تجادل ليفيسك وغيرها من النشطاء المناهضين لزواج القُصّر بأنّ الكثير من الآباء والعرسان يجبرون الفتيات على الزواج لأسباب تتراوح من التقاليد الثقافية الذكورية إلى أطماع ورغبة في الاستغلال.

وقالت إحدى ضحايا زواج الأطفال إنّها أُجبِرت على الزواج وهي ابنة 16 ربيعاً، وأضافت: "أُجبرت على الزواج من رجل يبلغ من العمر 28 عاماً بعد خطوبة دامت ثلاثة أيام. وبعد ذلك انتقلت معه للعيش خارج البلاد، وأخَذَ جواز سفري عنوةً".

ورُغم زعم المدافعين عن زواج القُصّر بأنّه حال حدوث إكراه أو انتهاكات في الزيجات، فبإمكان الضحية اللجوء للقضاء، غير أنّ الداعين إلى حظر زواج الأطفال يؤكّدون على أنّ المراجعة القضائية في تلك الحالات غالباً ما تكون غير فعّالة في وقف الزواج القسري. ويرجع ذلك إلى عدم نضج المراهقين على النحو الكافي، إضافة إلى تعرّضهم للعنف الأسري.

وتقول ليفيسك إنّ "الضحيّة في تلك الحالة عليها الاختيار بين قول الحقيقة ومواجهة التداعيات، أو الكذب على المحكمة".

ويربط حقوقيّون بين الزواج القسري الّذي يتعرّض له الأطفال وقضايا الاتجار بالبشر، إذ تتعرّض الضحية إلى إكراه على زيجة وحياة لم تختارها مقابل رغبة أسرتها في تزويجها لأحد الأفراد لمنافع مادية أو نظرة ثقافية لا تتناسب مع مستقبل الضحية واختياراتها الشخصية.

TRT عربي