سيلغي الاعتماد على الأنظمة الغربية.. تعرّف نظام TRNAV التركي لتحديد المواقع (Others)
تابعنا

على الرغم من اعتبار الطائرات الحربية والمسيّرات والصواريخ بشكل عام من أهم مخرجات صناعة الدفاع الوطنية في تركيا، فإن أنظمة أخرى مهمة للغاية تلعب أدواراً محورية وحساسة في الخلفية العسكرية. ربما يكون نظام تحديد المواقع والتوقيت العالمي المحلي أحدها، خصوصاً وأن مثل هذه الأنظمة تلعب أدواراً حيوية في كل من القوة النارية لدولة ما، وفي أمن عناصرها الأمنية وفي الاستخدام المدني.

وفيما تلعب الولايات المتحدة وروسيا والصين حالياً أدواراً رائدة في هذا المجال، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والهند واليابان التي قطعت أشواطاً مهمة هي الأخرى، باتت تركيا على بُعد خطوة من دخول هذا النادي الذي تحتكر صناعته 6 دول فقط حول العالم، إذ تتقدم بقوة في ظل تنسيق رئاسة الصناعات الدفاعية وتعد الأيام لوضع نظام تحديد المواقع والتوقيت الوطني العالمي في الخدمة.

هذا الإنجاز يأتي تتويجاً الخطوات التي اتخذتها تركيا في مجال تقنيات الفضاء في السنوات الأخيرة، والتي حدثها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخريطة طريق جديدة تتضمن "برنامج الفضاء التركي" الذي شمل أهدافاً مختلفة مثل تشغيل ميناء فضائي وإرسال مواطن تركي إلى الفضاء، بالإضافة إلى إقامة أول اتصال مع القمر الصناعي الوطني في الذكرى المئوية للجمهورية (عام 2023)، وذلك بهدف تفعيل نظام تحديد المواقع التركي.

ما أهمية تطوير نظام تحديد المواقع بموارد محلية؟

في حديثه إلى موقع TRT Haber، قال محلل السياسات الدفاعية توران أوغز أن 6 دول فقط في العالم تستخدم هذا النوع من الهياكل. موضحاً أن أولها الولايات المتحدة من خلال برنامجها المسمى Navstar GPS، هو المثال الأول للنظام المسمى GPS، تليها روسيا بنظامها Glonass والصين بنظام BeiDuo. ولفت أوغز إلى أنه على عكس البلدان الأخرى تعاملت أوروبا مع العملية بنهج شامل وشاركت النظام المسمى Galileo.

وخلال حديثه عن أهمية توطين مثل هذه التقنيات، قال أوغز إن تركيا نجحت في تنفيذ عمليات مختلفة وعمليات عبر الحدود وضرب أهداف حرجة، مشيراً إلى حقيقة أن جميع المنصات العسكرية الرئيسية والصواريخ والذخائر التركية استخدمت هذه الأنظمة بشكل واضح، فقد جرى استخدام أنظمة الملاحة الأمريكية وأحياناً أنظمة دول أخرى.

وأكد أوغز على أنه لا أحد يستطيع أن يضمن أن نظام الملاحة الخاص بدولة أخرى سيعمل في عمليات حرجة أو في بيئة حرب لا يريدها. متسائلاً إلى أي مدى يمكننا أن نثق في أن الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا والصين في أنها لن تفصل النظام عندما نكون في أمس الحاجة إليه في المستقبل؟

كما أشار إلى بعد آخر أكثر أهمية، وهو الدقة. إذ قال إن من المهم للغاية أن تتأكد من صحة الإحداثيات المعطاة لك. ربما تريد تدمير هدف مهم جداً في وقت حرج، لكن نظام الملاحة الذي ستستخدمه سيعرض قيماً جرى التلاعب بها. موضحاً أنه عندما تجمع كل هذه الأشياء معاً، يكون من المفهوم بشكل أفضل سبب ضرورة وجود نظام تحديد المواقع المحلي والوطني".

أجهزة TUALCOM التي مع أنظمة الأقمار الصناعية للملاحة العالمية. (AA)

جهود وطنية مشتركة

يؤسس عديد من الشركات المهمة في تركيا شركة مشتركة لتكنولوجيا الأقمار الصناعية، والتي ستعمل بشكل مشابه للأقمار الصناعية لتحديد المواقع العالمية المسماة GPS للولايات المتحدة. كما هو الحال مع عديد من تقنيات الأقمار الصناعية الأخرى، سيجرى تطوير أقمار تحديد المواقع العالمية داخل هذه الشركة.

سيكون للشركة الجديدة، التي سيجرى تأسيسها بالشراكة مع Aselsan وTusaş وTürksat وTübitak ووكالة الفضاء التركية، حصة ذات أولوية في تطوير جميع تقنيات الأقمار الصناعية في المستقبل. هذه التكنولوجيا، التي يُنتظر أن تكشف مزيداً من المعلومات الملموسة في المستقبل، ستستخدم للأغراض العسكرية والمدنية على حد سواء.

وسيكون للأقمار الصناعية، التي جرى تضمينها في برنامج الفضاء التركي للعشر سنوات المقبلة والتي من المحتمل أن تُنقل إلى الفضاء بإمكانيات تركيا نتيجةً للدراسات التي تشمل تقنيات الإطلاق الوطنية، أهمية استراتيجية على المستوى العسكري حسبما جاء بيان الرئيس التركي حول الموضوع: "بفضل نظام تحديد المواقع الإقليمي الخاص بنا، والذي سننشئه بطريقة مبتكرة، سنتخلص من التبعية الأجنبية التي تشكل مخاطر كبيرة".

وفي إشارة إلى أن صناعة الدفاع التركية هي "عائلة كبيرة جداً"، أكد مسؤول المبيعات وتطوير الأعمال في TUALCOM أحمد صالح إردم في حديثه إلى TRT Haber أنهم في الشركة قد فكروا فيما يمكن أن يكون مفقوداً في بعض المنتجات اللازمة لإنجاح جهود "العائلة"، ثم توصلوا إلى حلول لتعويض هذا النقص.

ما دور مشروع TRNAV؟

وفقاً لـ"إردم" تعمل TUALCOM، وهي واحدة من أهم المؤسسات العاملة في هذا المجال في تركيا، مؤخراً على مشروع من شأنه أن يريح يد أنقرة ويمنحها الأفضلية في هذا المجال. وأوضح قائلاً: "خلال عملنا، رأينا أن نظام تحديد المواقع والتوقيت الوطني أمر لا غنى عنه لتركيا"، وذكر أنهم شمروا عن سواعدهم من أجل الحل الأنسب بأقل تكلفة في المقام الأول.

رئيس رئاسة الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير يستعرض الاختبارات الميدانية لنظام الملاحة الإقليمي TRNAV في الموقع. (Others)

وفي إشارة إلى أن رئيس رئاسة الصناعات الدفاعية إسماعيل دمير كان يتابع المشروع من كثب منذ البداية، ذكر إردم أيضاً أنهم اختبروا مشروع TRNAV في بيئة جرى فيها الخلط المكثف منذ فترة في منطقة جنوب شرق الأناضول. وتابع: "توجد أقمار صناعية في جميع أنحاء العالم وهي ترسل إشارات إلى الأرض من هناك. ومع ذلك، فإن إرسال وظيفة والحفاظ عليها وصيانتها وضمان عدم العبث بها يتطلب ميزانيات جادة".

وهنا تحديداً تبرز TUALCOM مع أنظمة الأقمار الصناعية للملاحة العالمية التي لا يمكن العبث بها. إذ تتلقى أجهزة الشركة الإشارة من الفضاء عبر الأقمار الصناعية من خلال المحطات الأرضية، ما يعني أنهم بنوا نظاماً متكاملاً يكمل كل منهما الآخر من الجو إلى الأرض.

وختم إردم حديثه مشيراً إلى أن النظام الذي تنتجه شركة TUALCOM يمكن نقله بسهولة بالغة ويمكن تثبيته بسرعة، ومؤكداً أيضاً أن النظام لا يعمل على النطاق المحلي وحسب، بل يمكن استخدامه أينما دعت الحاجة حول العالم.

TRT عربي