تابعنا
لم يتوقف النظام السوري عن ملاحقة معارضيه وتقفّي آثارهم أينما كانوا باستخدام شتى الوسائل والأساليب. وهذه المرة استغل النظام فرصة حملة التطعيم التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية لجمع بيانات ومعلومات المعارضين.

كشف تقرير نشره مؤخراً موقع ميديابارت الاستقصائي الفرنسي، استخدام النظام السوري حملة التطعيم ضد كوفيد-19 التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع وزارة الصحة السورية في شمال شرق سوريا، أي المنطقة التي تسيطر عليها مليشيات PYD الإرهابية، لجمع مختلف البيانات والمعلومات التي يحتاج إليها نظام دمشق لملاحقة معارضيه أينما كانوا.

وينقل الموقع عن شاب سوري يدعى إسماعيل ويبلغ من العمر 36 عاماً، يعمل في منظمة غير حكومية تأسست في هذه المنطقة لتقديم الرعاية للفئات الأكثر ضعفاً في هذه المنطقة، قوله بأن فريقاً طبياً سوريّاً تشرف عليه منظمة الصحة العالمية وُجد في بلدة المنصورة شرقي الرقة لتطعيم الطاقم الطبي والأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاماً.

وكان إسماعيل وفق ما صرح به للموقع من بين الذين تمتعوا بفرصة أخذ الجرعة الأولى من اللقاح، إلا أنه ما إن تلقى التطعيم، سلّمه الفريق الطبي شهادتين، إحداهما موقعة من قبل مليشيات PYD الإرهابية التي تسيطر على المنطقة، والثانية من قبل وزارة الصحة التابعة للنظام السوري وتحمل ختم النظام.

أثار الختم استغراب الشاب السوري، حيث إنه كما الجميع كان يتوقع أن الفريق الطبي تابع لمنظمة الصحة العالمية، وبناء على هذا المبدأ وافق مع بقية السوريين بالمنطقة على أخذ الجرعة الأولى من اللقاح، كما أكد ذلك للموقع الفرنسي. إلا أن الفريق الطبي اعترف لاحقاً بأنه لا يتبع منظمة الصحة العالمية، وإنما يعمل في وزارة الصحة السورية التي ترتبط بعلاقات شراكة مع الأمم المتحدة.

وبذلك أصبحت بيانات العديد من معارضي النظام من أبناء المنطقة، ومن الهاربين من آلات قمعه، بيد النظام السوري. ويتساءل في هذا السياق موقع ميديابارت عن مصير المعلومات التي جمعت خلال هذه الحملة، فيما صرحت منظمة الصحة العالمية بأنه ليس لديها أي معلومات لتأكيد ما إذا كانت البيانات التي جرى جمعها من خلال بطاقات وشهادات التطعيم قد جرى إرسالها إلى دمشق أم لا.

وبينما تورط النظام السوري طيلة سنوات ومنذ اندلاع الثورة عام 2011 وإلى اليوم، في قتل وتشريد الآلاف من السوريين، ومارس في حق أبناء شعبه أبشع الجرائم والمجازر، ونفذ أكثر من 50 هجوماً بالأسلحة الكيمياوية، دوّنها التاريخ كشهادة على فظاعته وتوحشه، لا تزال الأمم المتحدة عبر مختلف وكالاتها تواصل في تعاونها والتنسيق معه، وآخر هذا التنسيق كانت ضمن حملة التطعيم.

وقد أكدت منظمة الصحة العالمية ذلك في مراسلة مع موقع ميديابارت الفرنسي، عقب استثارة موضوع اللقاحات في الشمال الشرقي السوري قائلة: “يجري تنسيق وإدارة حملة التطعيم ضد كوفيد-19 من قبل وزارة الصحة في الجمهورية العربية السورية. وهي تشمل التوزيع والمحادثة وتسليم شهادات وبطاقات التطعيم”. إلا أن ذلك كما يعتبره ناشطون وسياسيون، تجاوز خطير يهدد سلامة الآلاف من السوريين.

ولم يكن تصريح منظمة الصحة العالمية صادماً كثيراً للرأي العام السوري، حيث إنها عبرت عن موقفها من النظام في وقت سابق. ففي مايو/أيار الماضي جرى انتخاب النظام السوري عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، ومثلت هذه الخطوة حينها استفزازاً لكثير من السوريين الذين تسبب لهم النظام في هدم المستشفيات وقتل المدنيين والمسعفين وجميع العاملين في المجال الصحي.

وتجازف اليوم منظمة الصحة العالمية وسط غموض يكتنف التفاصيل، بمنح النظام السوري معلومات وبيانات دقيقة عن معارضيه في المناطق التي لجؤوا إليها، تحت غطاء حملة التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد.

TRT عربي