لم تتمكن تركيا خلال السنوات القليلة الماضية من الوصول إلى مرحلة مهمة للغاية في مساعيها لتوطين الصناعات الدفاعية وحسب، بل فتحت أيضاً أبواباً جديدة لمهندسيها داخل النظام البيئي الذي أنشأته، ما ساعدهم في بناء خبراتهم المحلية القادر على تطوير وإنجاز أفضل التقنيات والأجهزة بإمكانيات محلية خالصة.
وبفضل شركة أسسها مهندسون شباب، نجحت تركيا في تصدير نظام كاميرا يستخدم في الطائرات المسيّرة العاملة تحت السحب لأول مرة إلى دولة أوروبية عضو في الناتو.
ولعل الإنجاز الذي حققته شركة Blitz Systems التي تتخذ من إسطنبول مقراً لها، والتي أسسها مهندسون شباب تخرجوا للتو من جامعاتهم، لهو أكبر دليل على أن الخطط التي وضعتها أنقرة قبل عقود للاستقلال في صناعاتها الدفاعية قد بدأت تؤتي أكلها بالشكل الذي يجعل من تركيا مُصنعاً للتقنيات الدفاعية، وبالأخص المسيّرة.
أصل الحكاية
في أعقاب توارد أخبار نجاح مهندسي شركة Blitz Systems تطوير نظام كاميرا عالية التقنية خاصة بالطائرات المسيّرة وتصديره لإحدى دول الناتو، التقى موقع TRT Haber مع مدير عام الشركة قدير دوغان وسأله عن أهمية هذا النجاح السريع وأهداف شركته المستقبلية.
تحدث دوغان عن كيف أنه وأصدقاءه شقوا طريقاً جديدة في تاريخ صناعة الدفاع التركية ونجحوا في تصدير نظام كاميرا مباشرة يمكن استخدامه في المركبات الجوية غير المأهولة، العاملة تحت السحاب إلى دولة أوروبية عضو في الناتو.
وأشار دوغان إلى أن هذا الإنجاز أهم بكثير من كونه مجرد عملية تصدير ناجحة، حيث ذكّر بالحظر الذي فرضته الشركة الكندية على واردات الكاميرات التي كانت تُستخدم ضمن أنظمة المسيّرات التركية من طراز "عنقاء" و"بيرقدار تي بي 2"، وكيف تمكنت شركة "أسيلسان" التركية من توفير بديل محلي عالي التقنية في وقت قياسي وبإمكانيات وطنية خالصة.
وأضاف قائلاً: "جنباً إلى جنب مع زملائي في الفريق، انطلقنا من حقيقة أن مثل هذه المواقف قد تحدث أيضاً لمنصات أصغر في المستقبل. لهذا السبب بدأنا في إنتاج منتجات أصغر للمسيّرات العاملة أسفل السحب (BIHAs) محلياً. ومن خلال تصديره مباشرة إلى أوروبا، دخلنا سوقاً مهماً للغاية".
إنجاز تركي جديد
يعد موضوع الطائرات بدون طيار التي تعمل أسفل السحب أحد الموضوعات المهمة في صناعة الدفاع التركية مؤخراً.
والنظام الذي طوره مهندسو شركة Blitz Systems يحتوي على حلول أنظمة الرؤية الخاصة بالطائرات المسيّرة من فئة المركبات العاملة أسفل السحب والتي يصل طول جناحيها من 3 إلى 4 أمتار، وهي الأنظمة الأصغر من طرازي "عنقاء" و"بيرقدار تي بي 2".
ويلفت دوغان إلى أنهم نفذوا منتجات مدعومة بأجهزة استشعار مختلفة وبرامج ذكاء اصطناعي مختلفة جرى تطويرها وفقاً لمفاهيم استخدام مختلفة، وأضاف قائلاً: "من أهم هذه الكاميرات ذات المحورين المزودة بكاميرا نهارية وكاميرا الأشعة تحت الحمراء ومستشعر قياس المسافة بالليزر، فضلاً عن برامج معالجة الصور المدمجة".
أهم من مجرد تصدير
تعتبر المبيعات للدول الرائدة في مجال التكنولوجيا مهمة جداً، وبالأخص الدول المنتسبة لحلف الناتو، وهو الأمر الذي تعتبره تركيا إشادة واضحة وصريحة بكفاءة منتجاتها المحلية وتقنيتها العالية، فضلاً عن تفوقها من حيث التكلفة أيضاً.
وعند سؤاله لماذا من المهم إجراء هذا البيع لدولة عضو في الناتو؟ يلفت دوغان الانتباه إلى حقيقة أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية هم قادة العالم في مثل هذه التقنيات، وأضاف: "من المهم لسببين أن تكون قادراً على تصدير مثل هذه المنتجات عالية التقنية إلى هذه البلدان بهذه التكنولوجيا العالية. وبهذه الطريقة، نزيد من حصة بلدنا في صادرات منتجات التكنولوجيا الفائقة، وكشركة تركية فإننا ندخل بقوة في السوق الغربية".
ويؤكد خبراء التقنية العسكرية على أن بيع نظام عسكري إلى دولة عضو في الناتو يمثل بالفعل عملية شاقة، حيث إن لديهم معايير عالية جداً. كما أن الأوروبيين عموماً يرغبون في شراء مثل هذه المنتجات من أسواقهم الخاصة، ولهذا يعتبر ما أنجزته شركة Blitz Systems التركية إنجازاً حقيقياً، يوازي ما قامت به شركة "بايكار" عندما باعت مسيّراتها من طراز "بيرقدار تي بي 2" إلى ليتوانيا، الدولة الأوروبية العضو في حلف الناتو.
