"علينا وعلى أعدائنا".. لماذا هددت أمريكا بتدمير مصانع الرقائق التايوانية؟ / صورة: AA / صورة: TSMC (TSMC)
تابعنا

اتخذت المنافسة المستمرة بين الصين والولايات المتحدة منعطفاً جديداً بدخولها معترك التكنولوجيا، وبالأخص مجال صناعة أشباه الموصلات. إذ تحول اعتماد الصين على تكنولوجيا أشباه الموصلات الأجنبية إلى نقطة حساسة في النزاع التجاري بين القوتين العظميَين.

في السنوات الأخيرة، استثمرت الصين بكثافة في صناعة أشباه الموصلات المحلية لتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأجنبية. ومع ذلك، شددت الولايات المتحدة قيودها على تصدير أشباه الموصلات والتقنيات ذات الصلة إلى الصين، مما أدى إلى توترات بين البلدَين، امتدت لتطول جزيرة تايوان صاحبة الريادة العالمية في صناعة أشباه الموصلات.

ما دفع مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق روبرت أوبراين للتصريح مؤخراً بأن الولايات المتحدة ستدمر مصانع شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC) إذا بدت الصين على وشك السيطرة عليها بعد الغزو، وفقاً لما أورده موقع بيزنس إنسايدر.

"سياسة الأرض المحروقة"

قال روبرت أوبراين، الذي عمل مستشاراً للأمن القومي في إدارة ترامب، إن "الولايات المتحدة وحلفاءها لن يتركوا تلك المصانع تقع في أيدي الصينيين". مشيراً إلى أن الصين ستكون "مثل منظمة أوبك الجديدة لرقائق السيليكون" إذا غزت تايوان واستولت على مصانع أشباه الموصلات، ما سيتيح لها "السيطرة على الاقتصاد العالمي".

وقارن المستشار السابق تدمير الولايات المتحدة المصانع بحادثة تاريخية عندما أمر رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل بتدمير الأسطول البحري الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية بعد استسلام فرنسا لألمانيا.

وقبل اقتراح أوبراين الأخير، أوصى باحثان أمريكيان بخطوة تدمير مصانع أشباه الموصلات في تايوان إذا نجحت الصين في اجتياحها في ورقة نشرتها صحيفة الكلية الحربية للجيش الأمريكي في عام 2021 وجاء فيها: "يتعين على الولايات المتحدة وتايوان وضع خطط لاستراتيجية الأرض المحروقة التي من شأنها أن تجعل تايوان ليست فقط غير جذابة إذا استولي عليها بالقوة، ولكن الحفاظ عليها مكلفة بشكل إيجابي. يمكن فعل ذلك بشكل أكثر فاعلية من خلال التهديد بتدمير المنشآت التابعة لشركة TSMC، أهم صانع للرقائق في العالم وأهم مورد للصين.

شركة TSMC التايوانية

وضع الصراع بين الولايات المتحدة والصين في صناعة أشباه الموصلات ومسألة استقلال تايوان شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC) في دائرة الضوء. وهي أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم، وتشكل ما يقدر بنحو 90% من سوق المعالجات المتقدمة. تنتج الشركة رقائق لمعظم الأجهزة والمعدات مثل الهواتف والسيارات التي يتم استخدامها كل يوم. يتم استخدام الرقائق الأكثر تقدماً التي تنتجها الشركة المصنعة في التكنولوجيا المتقدمة للغاية مثل التعلم الآلي والصواريخ الموجهة.

وتعد شركة TSMC المورد الرئيسي لشركات التكنولوجيا الرائدة، بما فيهم Apple وNvidia وQualcomm وعملاق التكنولوجيا الصيني Huawei، بالإضافة إلى عديد من عمالقة التكنولوجيا الآخرين في جميع أنحاء العالم.

ولا يتوقف الأمر على عمالقة التكنولوجيا، بل يمتدّ ويتعقد ويُعتبر مسألة تخصّ الأمن القومي الأمريكي أيضاً، لأن شركة TSMC تصنّع الرقائق الإلكترونية التي تُعتبر العقول الإلكترونية لمعظم أسلحة الترسانة العسكرية الأمريكية، ومن أهمها رقائق تخصّ الطائرة الشبحية الأمريكية من الجيل الخامس "F-35".

فيما تبلغ قدرة TSMC العالمية نحو 13 مليون رقاقة سنوياً اعتباراً من عام 2020، كما تسبق شركة Intel الأمريكية بجيل واحد على الأقلّ، والشركات الصينية بجيلين أو ثلاثة، في تكنولوجيا تصنيع الرقائق.

هل لتدمير مصانع TSMC ضرورة؟

وفقاً لكبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ويليام آلان راينش فعلى الرغم من أن كثيراً من البحث والتطوير لأشباه الموصلات يحدث في الولايات المتحدة، فإن السنوات الثلاثين الماضية شهدت تحول الشركات المصنعة للتكنولوجيا إلى الاستعانة بمصادر خارجية من أجل التصنيع.

ووسيلةً للتأقلم مع المناخ السياسي الحالي، وسعت TSMC عملياتها دولياً مع الحفاظ على علاقات قوية مع كل من الولايات المتحدة والصين. على سبيل المثال، تعتزم بناء مصنع في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فهي في وضع محفوف بالمخاطر بسبب الصراع بين الولايات المتحدة والصين حول أشباه الموصلات وقضية تايوان.

من جانبه قال المدير العام لمكتب الأمن القومي التايواني تشين مينج تونج، في وقت سابق لتصريحات أوبراين، إن الولايات المتحدة لا يتعين عليها تدمير مصانع أشباه الموصلات في تايوان في حالة حدوث غزو لأن النظام مدمج بالفعل بعمق في سلسلة التوريد العالمية، مما يعني أنه يمكن للولايات المتحدة والدول الأخرى إيقاف الإنتاج دون تدمير المصانع فعلياً.

وضرب مينج تونج مثالاً على ذلك بقوله إن شركة TSMC لن تكون قادرة على إنتاج رقائق معينة بلا مكونات من المورد الهولندي ASML (أكبر وأهم مورد للآلات التي تصنع الرقائق الإلكترونية). وأضاف: "حتى لو حصلت الصين على الدجاجة الذهبية، فلن تتمكن من وضع البيض الذهبي".

TRT عربي