تابعنا
بعد الفشل في تسديد الركلات الترجيحية في مباراة نهائي كأس أوروبا لكرة القدم التي جمعت بين المنتخبين الإنجليزي والإيطالي، تَعرَّض لاعبو فريق إنجلترا من أصول إفريقية لإساءات عنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي، شنها مشجعو الفريق، وسط تنديد حكومي شديد.

بعد أن حقق الفريق الإيطالي والإنجليزي التعادل في الوقتين الأصلي والإضافي للمباراة التي جمعت بينهما يوم الأحد 11 يوليو/تموز الجاري، ضمن مباريات كأس أوروبا لكرة القدم، أدخل المدرب الإنجليزي غاريث ساوثغيغ، اللاعبين الثلاثة الأفارقة ماركوس راشفورد وجايدون سانشو وبوكايو ساكا، لتنفيذ ركلات الترجيح.

إلا أن اللاعبين الثلاثة فشلوا في ذلك، وحُرم بالتالي المنتخب الإنجليزي من التتوُّج بلقبه القاري الأول. تسببت خسارة الفريق في حالة احتقان وغضب شديد لجماهير "الساحرة المستديرة".

وشنّت إثر ذلك حملة إهانات عنصرية واسعة للاعبي المنتخب الإنجليزي ذوي الأصول الإفريقية، على مواقع التواصل الاجتماعي، التي وُجهت إليها التهم بعد ذلك بالانحياز وعدم وقف الخطاب العنصري على مواقعها.

تنديد وإدانة

لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها بعض اللاعبين في الملاعب الإنجليزية للإهانة والاستهداف العنصري. ولم تُبدِ الجهات المسؤولة في أي مرة تحركاً قوياً ردعياً يوقف هذه الممارسات، التي تطرح اليوم وبشدة السؤال عن مدى قدرة بريطانيا على استضافة مباريات دولية بحضور لاعبين من جنسيات متعددة، في ظل الخطاب العنصري المتفشي لدى الجماهير.

ولم تكتفِ الجماهير الغاضبة بنشر الشتائم والعبارات المهينة على مواقع التواصل الاجتماعي، بل أقدموا على تشويه وتخريب جدارية لاعب كرة القدم الإنجليزي ذي الأصول الإفريقية ماركوس راشفورد، الذي اعتذر بدوره إلى الجماهير عن إهدار الركلة الترجيحية، لكنه أردف قائلاً: "لن أعتذر أبداً عما أنا عليه ومن أين أتيت".

وتعاطفاً مع اللاعب الإفريقي، نُظّمت وقفات احتجاجية مناهضة للعنصرية غطّت جدارية راشفورد بالقلوب معبّرة عن دعمها ومساندتها.

تغطية لوحة جدارية لراشفورد في مانشستر برسائل داعمة بعد تخريبها بإساءات عنصرية (Others)

وتعليقاً على الحادثة الأخيرة والإساءات التي تعرض لها لاعبو المنتخب الإنجليزي، قال مدرب الفريق إن هذه الإهانات يجب أن لا تُغتفر، وإن على اللاعبين أن يفخروا بما قدموه من مردود ممتاز خلال البطولة.

من جهته أصدر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بياناً رسمياً أدان فيه الإساءات العنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي التي اعتبر أنها مثيرة للاشمئزاز، ودعا إلى محاسبة المتهمين في ذلك.

وكتب الأمير ويليام في تغريدة على تويتر: "لقد سئمت الإساءة العنصرية التي استهدفت لاعبي إنجلترا بعد مباراة الليلة الماضية. من غير المقبول أبداً أن يتحمل اللاعبون هذا السلوك المقيت".

فيما شدّدَت أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية، على وقف هذه الظاهرة التي بدت متجذرة لدى طيف واسع من البريطانيين، والتي كانت تفاعلات مشجعي الفريق إحدى إرهاصاتها.

هل أخفق الموقف الرسمي؟

بعد أن طالته تهم كثيرة في السابق بالترويج لأفكار عنصرية وتأجيج الشارع البريطاني، استجاب رئيس الوزراء بوريس جونسون للضغوط، وألقى كلمة أمام مجلس العموم البريطاني عقب مباراة نهائي كأس أوروبا لكرة القدم بين المنتخبين الإنجليزي والإيطالي، واعداً فيها بالعمل على استئصال العنصرية وتشريع قوانين ردعية لوقف حوادث مماثلة للتي تَعرَّض لها لاعبو المنتخب الإنجليزي.

وتأكيداً لموقفه، كتب جونسون في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر أن "اللاعبين يمثلون أفضل ما في بلادنا، وأكرر أنني أُدين وأمقت الإساءات العنصرية التي رأيناها ليلة الأحد، وما نفعله هو أننا نتخذ اليوم خطوات عملية لضمان التغيير في نظام الحظر في كرة القدم، وسيُمنَع المسؤولون عن هذه الإساءات من المباريات بلا استثناءات أو مسوغات".

تلا ذلك اقتراح تعديل للقوانين التي تحظر وجود مثيري الشغب في ملاعب كرة القدم في إنجلترا لتشمل الذين يوجهون إساءات عنصرية إلى اللاعبين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي سياق متصل اعتقلت قوات الأمن الإنجليزية مشتبَهاً بهم في نشر إساءات عنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي ضد لاعبي المنتخب.

إلا أنه ورغم كل هذه الإجراءات يرى كثيرون معارضون لسياسيات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أن هذه التحركات تُعتبر فارغة من محتواها ومتأخرة كثيراً، لأن جونسون ووزيرة داخليته لم يحرّكا ساكناً بداية الحملة العنصرية، ولم يتخذا أي إجراء.

هل تواجه مواقع التواصل الاجتماعي العنصرية؟

ضمن الإجراءات التي باشرت الحكومة البريطانية باتخاذها، التقى رئيس الوزراء البريطاني ممثلين من شركات وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وسنابتشات وتيك توك وإنستغرام.

وقال جونسون إثر لقاء ممثلي عمالقة التواصل الاجتماعي إنه "إذا فشلت في إزالة المحتوى المسيء، فستواجه غرامات تبلغ 10 بالمئة من عائداتها العالمية، ونحن نعرف أنها تملك التكنولوجيا اللازمة لذلك".

من جانبها أفادت شركة فيسبوك المالكة لموقع إنستغرام بأنها حذفت مباشرةً التعليقات المهينة للاعبين، فيما أكّد موقع تويتر أنه أزال أكثر من 1000 تغريدة مسيئة إلى لاعبي إنجلترا خلال 24 ساعة، ووقف عدداً من حسابات المستخدمين بشكل دائم.

TRT عربي