تحذيرات أمنية في فرنسا من تنامي تيار "التسارع" اليميني المتطرف (Others)
تابعنا

أعلنت منذ أيام الأجهزة الأمنية الفرنسية اعتقال شخصين يشتبه بانتمائهما إلى حركة يمينية متطرفة ومتعصبة لـ"الرجل الأبيض" تحرض أنصارها وأتباعها على شنّ حرب عرقية. وجاءت العملية نتيجة للمخططات التي وضعتها أجهزة الاستخبارات الفرنسية لاختراق الجماعات اليمينية المتطرفة وتفكيكها.

على الصعيد ذاته حذّر إخصائيون ومحللون من أتباع تيار "التسارع" المدفوعين بالحقد والضغينة العنصرية، الذين باتوا يطلقون حملاتهم التحريضية علناً، وذلك تزامناً مع تنامي حركة الهجرة خلال السنوات الأخيرة، وسعي الأطياف السياسية والوسائط الإعلامية في المقابل لتغذية لشعور الكراهية لدى طيف واسع من المجتمع، حتى أصبح بعضهم لقمة سائغة لدى المنظمات اليمينية المتطرفة.

مَن المتسارعون؟

تعود تسمية "المتسارعون" أو "تيار التسارع" إلى فكرة الحركة في التسريع أو التعجيل بالحرب الأهلية والعرقية، حتى انهيار النظام أو الاستيلاء على السلطة، لحماية "الرجل الأبيض" الذي أصبح في نظرهم مهدَّداً بعد تدفُّق كثير من المهاجرين من أنحاء متفرقة من العالم ومن جنسيات وعرقيات مختلفة.

نشأت هذه الفكرة في البداية في صفوف القوميين الأمريكيين البيض، الذين كانوا يزعمون أنه إذا لم يهاجم البيض أولاً، فإن الحرب العرقية ستقضي عليهم تماماً.

وفي هذا السياق يرى نيكولاس ليبورغ، المؤرخ المتخصص في اليمين المتطرف وعضو اللجنة التوجيهية لبرنامج العنف والراديكالية المتشددة في فرنسا Vioramil، إن نظرية "التسارع" تهدف إلى نشر الفوضى للإسراع بقيام حرب عرقية يرونها في نظرهم حتمية.

وقد ذهب الاعتقاد ببعضهم إلى ضرورة خلق الفوضى من أجل البقاء، وفي سبيل ذلك دعا بعضهم إلى التصويت للأحزاب المؤيدة للهجرة حتى يكون هناك مزيد من المهاجرين، وبالتالي مزيد من الفوضى، ومن ثم مزيد من العنف ومزيد من السماح بحدوث الحرب الأهلية العرقية.

وتَدين الحركة بكرهها وعدائها للأجانب المهاجرين والمسلمين واليهود والنسويات، وتستلهم أفكارها وتوجيهاتها وفقاً لما أشار إليه إخصائيون، في غالب الأحيان من كتاب الحصار الصادر عام 1992 لكاتبه جيمس ماسون، وترجمته لاحقاً مجموعة الانتقام الوطني الفرنسية، اليمينية المتطرفة.

وبينما يتنامى خطرها رويداً رويداً اليوم في فرنسا على الرغم من جهود الاستخبارات والأجهزة الأمنية في الكشف عن محركيها الرئيسيين، يذكّر محللون بالمجزرة التي ارتكبها برنتون تارانت، مروّج هذه النظرية، في مارس/آذار 2019 في أثناء مهاجمته مسجدين بنيوزلندا، متسبباً في قتل نحو 51 شخصاً وجرح 49 آخرين.

مخاوف فرنسية من اليمين المتطرف

على ضوء ما جاء في التحقيق مع الرجل المعتقل في فرنسا بتهمة الانتماء إلى تيار "التسارع"، فإن أهداف الحركة ودرجة استعدادها لتنفيذ أي مخطط لا تزال غامضة.

وأكّد عناصر الشرطة في سياق متصل، العثور على عشرات الأسلحة من جميع الأنواع بحوزة الرجلين، كالذخائر والأسلحة الطويلة والقصيرة وموادّ تُستخدم في تصنيع المتفجرات.

وعلى عكس ما يظن كثيرون من أن هذه التيارات والحركات قد تروّج أفكارها عن طريق اللافتات والحملات، يؤكد إخصائيون أمنيون أن نشاط اليمين المتطرف أعقد من ذلك، إذ إنهم مجموعة من الشبكات التي تعمل "تحت الماء" وتتواصل عبر الرسائل المشفرة وتخترق فضاءات التواصل الاجتماعي بلا لفت للانتباه، وهو الأمر ذاته مع المعتقلَين اللذين كانا مجرد رجلين بسيطين في فرنسا، لم يتوقع أحد تورُّطهما في التخطيط للعنف والفوضى.

وفي هذه الأثناء يدقّ الأمنيون والخبراء نواقيس الخطر من تنامي التيارات اليمينية المتطرفة في فرنسا. ووفقاً لتقديرات أجهزة المخابرات الفرنسية يوجد اليوم على الأقلّ نحو 3000 شخص يميني متطرف، بينهم 1000 من الناشطين والأشخاص الذين يُحتمل أن يكونوا عنيفين، إلى جانب نحو 2000 ناشط سياسي يعتنقون أفكار اليمين المتطرف. وقد تكون هذه الأرقام أقلّ بكثير من الواقع.

في سياق متصل يرى محللون وناقدون أن الخطابات والشعارات المرفوعة في حملة المرشح الرئاسي إيريك زمور، أحد نماذج دعوات "المتسارعون" للتسوية القومية، التي تسترعي الانتباه.

TRT عربي