رسوّ الناقلة بشكل دائم منذ أكثر من 30 عاماً، وتعود ملكيتها إلى شركة النفط اليمنية الحكومية "صافر لعمليات إنتاج واستكشاف النفط" (Handout/Reuters)
تابعنا

تستمر المفاوضات لإفراغ حمولة تُقدَّر بـ1.1 مليون برميل من النفط الخام ظلّت محمَّلة على ناقلة "صافر" للنفط (FSO Safer) قبالة السواحل اليمنية، التي تدهورت حالتها تدريجياً منذ أُهملت عام 2017.

وتبقى فرضية حدوث تسرُّب نفطي من الناقلة قائمة، وترتفع احتمالياتها يوماً بعد يوم، فيما يقدّر خبراء أن يكون التسرُّب الناجم عنها حال حدوثه أكبر بأربعة أضعاف من التسرب الذي أحدثته "إكسون فالديز" (Exxon Valdez) في خليج ألاسكا عام 1989، حسب تقرير لـصحيفة الغارديان البريطانية.

وفي حال حدوث تسرب نفطي، فإن تأثيره سيتخطى المياه الإقليمية لليمن، بما سيسبب كارثة بيئية ستؤثّر في السعودية وإريتريا وجيبوتي، حسب نموذج أضرار توصّلت إليه دراسة حديثة، نُشرت الاثنين، تبدو أكثر تشاؤماً من دراسات سابقة حذّرت من مخاطر التسرب، لأنها تناولت بالدراسة النتائج الكارثية المحتمَلة بعد أكثر من أسبوع من التسرب حال حدوثه.

ما قصة "صافر"؟

ترسو سفينة "صافر" العائمة لتخزين النفط وتفريغه، في الشاطئ الغربي لليمن على بعد 8 كيلومترات إلى الشمال الغربي من ميناء "رأس عيسى" بمحافظة الحديدة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

وترسو الناقلة بشكل دائم منذ أكثر من 30 عاماً، وتعود ملكيتها إلى شركة النفط اليمنية الحكومية "صافر لعمليات إنتاج واستكشاف النفط".

وقبل اندلاع الحرب اليمنية نهاية 2014، كان الخزَّان العائم يُستَخدَم لتخزين النفط الوارد من الحقول المجاورة لمحافظة مأرب وتصديره، فيما سيطر الحوثيون على المنطقة التي يرسو فيها الخزَّان نهاية 2014.

وتبلغ حمولة الناقلة حسب التقارير الأممية أكثر من 1.1 مليون برميل من النفط، ولم تُجرَ أعمال الصيانة الدورية على الناقلة منذ تصعيد النزاع عام 2015، مما دهور حالة هيكلها ومعدّاتها ومنظومات تشغيلها، وهو ما يجعلها عرضة لخطر تسرب النفط أو الانفجار أو الحريق.

وتُعَدّ ناقلة النفط "صافر" قنبلة بيئية موقوتة، تهدّد بواحدة من أكبر الكوارث العالمية في حال انفجارها أو حدوث تسرب منها. ومنذ سنوات تطالب الحكومة اليمنية المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لحلّ أزمتها، والضغط على جماعة الحوثي بالطرق كافة لصيانتها.

لم يستطع مسؤولو الأمم المتحدة تقديم ضمانات للسيطرة والحفاظ على الناقلة، بما في ذلك هيكلها الذي بدأ في التآكل والتعفُّن (Ahmed Kulaib)

وتعثّرت المحادثات الثلاثية بين الحوثيين والحكومة اليمنية والأمم المتحدة على الرغم من التحذيرات الدولية المختصة، بما فيها تحذير مجلس الأمن من تأثير انفجار أو غرق أو تسرُّب النفط من الناقلة.

ولم يستطع مسؤولو الأمم المتحدة تقديم ضمانات للسيطرة والحفاظ على الناقلة، بما في ذلك هيكلها الذي بدأ يتآكل ويتعفّن، ويُشرِف عليه الآن طاقم من سبعة أشخاص فقط، حسب الغارديان.

وتكافح الأمم المتحدة للحصول على تصريح من جماعة الحوثي لفحص حالة السفينة، لكن الحوثيين يريدون تعهُّدات بإصلاح الناقلة أيضاً لا فحصها فقط، وهو ما يتطلب أموالاً لا تملكها الأمم المتحدة، حسب المصدر ذاته.

"كارثة القرن"

نشرت مجلة Nature Sustainability الاثنين، دراسة مبنية على نموذج استشراف المخاطر إذا حدث تسرُّب نفطي أو انفجرت ناقلة "صافر". وأظهرت الدراسة أن التسرُّب إذا ما حدث قد يغلق ميناءَي الحديدة والصليف خلال أسبوعين فقط.

وسيهدّد هذا الأمر إيصال قرابة 200 ألف طن من الوقود إلى اليمن، أي قرابة 38% من الاحتياج الطاقيّ اليمني، بما سيرفع أسعار الوقود بـ80%، كما أن بقاء مضخات المياه بلا وقود سينتج عنه عطش قرابة 8 مليون يمني، كما أن مليونين آخرين سيخسرون حصصهم من الماء حال توقُّف محطات تحلية مياه البحر في المنطقة، بعد تلوُّث المياه جراء التسرب النفطي.

وعلى الرغم من أن نصف كمية النفط المتسرب ستتبخّر عن سطح البحر خلال 24 ساعة، فإن النصف الباقي سيصل خلال فترة من 6 إلى 10 أيام إلى ساحل اليمن الغربي، وإلى موانٍ أبعد جنوباً خلال ثلاثة أسابيع. وسيتراوح عدد السكان الذين سيحتاجون إلى دعم غذائي بين 5.7 مليون و8.4 مليون، في حال وصول التسرب النفطي إلى المواني الجنوبية مثل عدن.

كما سيهدد التسرب من 66.5% إلى 85.2% من الثروة السمكية في البحر الأحمر خلال أسبوع واحد فقط، ومن 93.5% إلى 100% من هذه الثروة خلال 3 أسابيع، حسب الموسم الذي سيحدث فيه التسريب.

إضافة إلى ذلك أنه سيحدث من تأثيرات التسرب تلوُّث هوائي عالٍ قد يؤدي إلى اضطرابات في القلب والأوعية الدموية ومشكلات حادَّة في التنفس تحتاج إلى تطبيب، وسيتراوح عدد المتضررين من ذلك بين 11.3 مليون شخص في حال حدوث تسرب بطيء في الشتاء، وصولاً إلى 19.5 مليون شخص في حال تسرب سريع في الصيف.

وتشير الدراسة إلى أن التسرب قد يعرقل طرق التجارة الدولية عبر مضيق باب المندب الذي تعبر منه قرابة 10% من سفن الشحن التجارية الدولية، لأن تحويط مناطق لتنظيفها من التسرب قد يدفع في اتجاه تغيير مسارات سفن الشحن وناقلات النفط، وبالتالي تأخُّر تسليم حمولتها للوجهات النهائية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً