تظهر صورة القمر الصناعي سد كاخوفكا على نهر دنيبرو بالقرب من نوفا كاخوفكا في أوكرانيا (Reuters)
تابعنا

بالتزامن مع تزايد الصراع في منطقة خيرسون ظهر سد كاخوفكا كلاعب أساسي على ساحة الصراع الأوكرانية في الأيام الأخيرة، حيث تعيد كلاً من موسكو وكييف نفس المشهد التي تابعناه في مفاعل زاباروجيا النووي، إذ يتبادل الطرفان الاتهامات بشأن وجود مساعي حقيقة لتفجير السد والتسبب بكارثة واسعة تودي بحياة آلاف وتدمر مساحات شاسعة في خيرسون.

وبينما دعا الممثل الدائم لروسيا في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزا مجلس الأمن الدولي إلى منع تدمير السد، متهماً القوات الأوكرانية بأنها تسدد صواريخ راجمات هيمارس الأمريكية عن قصد على سد كاخوفكا، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مساء الخميس الروس بتفخيخ السد لتفجيره بهدف إلقاء اللوم على كييف، وفقاً لما نقلته رويترز.

يذكر أن الاتحاد السوفيتي سبق له أن استخدام "سلاح السدود" بهدف عرقلة التقدم الألماني إبان الحرب العالمية الثانية، وذلك عندما فجَّر سد دنيبروستروج على نهر دنيبر بعد انسحاب قواته، ما أدى إلى مقتل آلاف بتسونامي المياه المفاجئ الذي لا يقل ضرراً عن أسلحة الدمار الشامل.

سد كاخوفكا

بُني سد كاخوفكا على نهر دنيبروبتروفسك كجزء من محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية إبان الحقبة السوفيتية في عام 1956، ويقع السد على بعد 70 كيلومتراً شمال شرقي مدينة خيرسون.

ووفقاً لتقرير مفصل نشرته رويترز يحتوي السد الذي يبلغ ارتفاعه 30 متراً وطوله 3.2 كيلومتر على خزان بمساحة 18 كم3 يزود شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014 بالمياه، وكذلك محطة زاباروجيا النووية التي تخضع للسيطرة الروسية.

ولضخامة خزان مياهه الذي يوازي تقريباً بحيرة "سالت ليك" في ولاية يوتا الأمريكية، فمن شأن تفجير السد أن يطلق العنان لتسونامي مدمر يغرق التجمعات السكنية في طريقه نحو منطقة خيرسون التي أعلنت روسيا ضمها الشهر الماضي في مواجهة التقدم الأوكراني. بالإضافة إلى أنه سيدمر نظام القنوات الذي يروي معظم جنوب أوكرانيا بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي استولت عليها موسكو عام 2014.

كما أن تدمير محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية سيزيد أيضاً مشكلات الطاقة في أوكرانيا بعد أسابيع من الضربات الصاروخية الروسية التي تستهدف منشآت التوليد والشبكة التي قالت كييف إنها ألحقت أضراراً بثلث شبكتها للكهرباء في جميع أنحاء البلاد، فضلاً عن حرمان محطة زاباروجيا النووية من مياه التبريد، وهي أكبر محطة نووية في أوروبا.

"سلاح دمار شامل"

عقب تبادل الاتهامات بمحاولة تفجير السد والتي لم يقدم أي من الجانبين أي أدلة تدعمها، قال زيلينسكي في خطاب تلفزيوني في ساعة متأخرة من مساء الجمعة: "الآن يجب على كل شخص في العالم أن يتصرف بقوة وبسرعة لمنع هجوم إرهابي روسي جديد. وقال إن تدمير السد يعني كارثة واسعة النطاق".

ودعا زيلينسكي زعماء العالم لتوضيح أن تفجير السد سيعامل "تماماً مثل استخدام أسلحة الدمار الشامل"، مع عواقب مماثلة لتلك المهددة إذا استخدمت روسيا أسلحة نووية أو كيميائية.

وقال أيضاً إن المياه قد تغمر 80 بلدة ومدينة، الأمر الذي يؤدي إلى حرمان محطة زاباروجيا النووية من مياه التبريد، وهي أكبر محطة نووية في أوروبا. كما يمكن أن يحرم الجنوب الأوكراني بأكمله، بما في ذلك القرم، من إمدادات المياه، إذ إنه سيؤدي إلى تدمير قناة شمال القرم التي تزود شبه جزيرة القرم المحتلة من قبل روسيا منذ 2014 بالمياه.

بالمقابل قال المسؤول الروسي في المنطقة فلاديمير ليونيف الخميس إن القوات الأوكرانية شنت خمس ضربات صاروخية على السد ومحطة الطاقة الكهرومائية. فيما قال للتلفزيون الروسي إنه في حالة تدمير المنشآت سيجري قطع قناة مهمة توفر المياه لشبه جزيرة القرم المضمومة، إلى جانب الدمار الجزئي الذي سيلحق بمنطقة خيرسون، حيث سيجرف التيار السريع كل الجسور والقوارب، ما يعني أن مهمة عبور النهر ستكون صعبة للغاية.

صراع خيرسون

مع تقدم القوات الأوكرانية على طول الضفة الغربية للنهر بهدف استعادة السيطرة على خيرسون ومحاصرة آلاف القوات الروسية يرى الخبراء أن المنطقة تتحضر لإحدى أهم المعارك التي على الضفة الغربية من نهر دنيبر على طول خطوط المواجهة الطويلة في خيرسون التي بدأت موسكو تدعيمها بمزيد من القوات التي جرى استدعاؤها مؤخراً.

وعلى الرغم من أن كثيرين يرون أن خيرسون أكبر غنيمة للقوات الروسية منذ بداية الحرب في 24 فبراير/شباط الماضي، فإن وجود القوات الروسية يشكل نقطة ضعف كبيرة لموسكو حال تقدم الهجوم الأوكراني بالمنطقة، ما أكده القائد الروسي الجنرال سيرغي سوروفكين حينما قال هذا الأسبوع إن الوضع بخيرسون "صعب بالفعل" وروسيا "لا تستبعد اتخاذ قرارات صعبة" هناك.

وجاءت هذه التصريحات في وقت حثت فيه السلطات التي نصّبتها موسكو السكان في منطقة خيرسون الجنوبية على مغادرة المدينة الرئيسية في مواجهة هجوم كييف المضاد.

وبينما يرى معهد دراسات الحرب ومقره الولايات المتحدة أن روسيا تعتقد أن الفيضانات الناتجة عن تدمير السد قد تمنح القوات الروسية غطاء أثناء انسحابها من مناطق في مدينة خيرسون، قال مستشار الرئيس الأوكراني ميخائيلو بودولياك إن الهدف الروسي من تدمير السد وقف التقدم الأوكراني بمنطقة خيرسون وحماية القوات الروسية المتمركزة هناك.

TRT عربي