تابعنا
عن عمر يناهز 92 عاماً توفي الزعيم الكشميري سيد علي جيلاني، ودفن فجر يوم الخميس 2 سبتمبر/أيلول الجاري، وسط إجراءات وقيود أمنية مشددة، فرضتها السلطات الأمنية الهندية.

بعد سنوات طويلة من الكفاح والمقاومة توفي المقاوم الكشميري سيد علي جيلاني، في سريناغار، عاصمة جامو وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية، متأثراً بمرضه. وقد منعته السلطات الهندية من قبل من الخروج للعلاج التخصصي خارج كشمير، أو حتى مخاطبة وسائل الإعلام.

وخوفاً من تحول الجنازة لاحقاً إلى احتجاجات ومظاهرات، انتشرت وحدات الأمن والجيش المسلحة والمدرعات في أرجاء المدينة وفرضت قيوداً أمنية مشددة على سكان مدينة جيلاني.

وقد أثار خبر وفاته حزناً كبيراً في صفوف محبيه من الكشميرين، الذين لطالما لقبوه بكبير المجاهدين واعتبروه رمزاً للمقاومة، حيث إنه أمضى سنوات طويلة من عمره، يدافع من أجل حق شعبه في تقرير مصيره.

وتعليقاً على ذلك قالت منظمة "مساندة كشمير"، وهي جماعة تضامن دولية يقودها الشتات الكشميري ومقرها الولايات المتحدة: "رغم أن وفاته جاءت جراء أسباب طبيعية، فإنه يجب أن نتذكر الخسائر الجسدية والنفسية الهائلة التي سببها اعتقاله وتعذيبه المستمر على صحته".

جيلاني.. الرجل الذي لا ينحني

ولد الزعيم الكشميري سيد علي جيلاني عام 1929 في بلدة صغيرة تقع بالقرب من بانديبوري شمال كشمير، وزاول تعليمه في الكلية الشرقية بمدينة لاهور الباكستانية حالياً.

وانتمى لاحقاً في عمر يافع إلى الجماعة الإسلامية في كشمير، التي حظرتها السلطات الهندية عام 2019. ثم أسس سيد علي جيلاني بعد ذلك حزبه الذي أطلق عليه اسم تحريك الحريات.

ومع اشتعال فتيل أزمة إقليم كشمير منذ عام 1947، بدأت رحلة جيلاني في التصدي لانتهاكات الحكومة الهندية، والدعوة إلى ضم كشمير الهندية إلى باكستان.

واشتهر القائد الكشميري وزادت شعبيته، وبدأت تلاحقه السلطات وألقت القبض عليه أكثر من مرة، حتى سجن عام 1962 طيلة 11 عاماً.

ولم تتمكن السجون الهندية من تغييب صوت جيلاني أو ثنيه عن الاستمرار في المحاربة من أجل قضيته التي آمن بها، والتي جعلته شخصية ملهمة ومحبوبة ورمزية لدى الكشميرين الذين أطلقوا عليه عديد الألقاب، كالزعيم والمقاوم واشتهر بأهم تسمياته "الأب" أو "بوب".

وفي عام 2008 برز جيلاني كقائد بارز للمقاومة، بين الجيل الجديد للكشميرين، حين شهدت المنطقة في ذلك الوقت انتفاضات مدنية جماعية. ومع اشتداد الاحتجاجات والمواجهات مع السلطات الهندية، وسقوط عديد القتلى من الشباب الكشميرين، كان لا بد من قيادة لتوجيه المحتجين ودعمهم، فكانت فكرة تأسيس "قيادة المقاومة المشتركة" عام 2016 بزعامة سيد علي جيلاني مع اثنين من كبار السياسيين المناهضين للهند، ياسين مالك وميروايز عمر فاروق.

واستمر كفاحه سنوات طويلة، لم يوقفه السجن أو المرض ولم تخضعه الإقامة الجبرية التي استمرت 15 عاماً حتى تاريخ وفاته، أو التهديد بالتصفية، حتى باتت الاحتجاجات التي تجوب كشمير تنادي بأصوات عالية "جيلاني.. الرجل الذي لا ينحني" .

ومع إعلان خبر وفاته نعاه رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، وكتب في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر قائلاً: "حزين جداً لوفاة المناضل من أجل حرية الكشميريين". وأشاد عمران خان بكفاح سيد علي جيلاني كل حياته من أجل شعبه وحريته في تقرير مصيره على حد تعبيره. وأعلن رئيس الوزراء الباكستاني يوم حداد، وقال إن العلم الباكستاني سوف يرفرف في نصف الصاري تعبيراً عن الاحترام للزعيم الكشميري.

ما قصة ضم كشمير؟

يعد نزاع كشمير نزاعاً إقليمياً بين دولتي الهند وباكستان، اشتعل فتيله منذ عام 1947 وتكررت المواجهات والحروب بين البلدين رغم التدخل الأممي لإيقافه.

ويمثل المسلمون أغلبية سكان كشمير المتنازع عليها، ورغم أن الهند تدعي أنها تابعة لها، فإنه وفق قواعد التقسيم فإنها من المفترض أن تؤول إلى باكستان.

ورغم ذلك كله تجاهلت الهند رغبة الأغلبية المسلمة وتدخلت عسكرياً واحتلت ثلثي الإقليم عام 1947. ولم تقف حينها باكستان ساكنة، وتدخلت بدورها للدفاع عن كشمير. إلى أن أصدر قرار أممي في 18 أغسطس/آب 1948 يقضي بوقف إطلاق النار بين الجانبين، وإجراء استفتاء في الأثناء لتقرير مصير الإقليم.

وتجاهلت الهند مرة أخرى هذا الاتفاق طيلة 72 عاماً ولم يجرِ الاستفتاء واندلعت مواجهات مستمرة وحروب بين البلدين لم تفضِ إلى اتفاق إلى اليوم رغم كل الجهود الدولية لحل النزاع. واستمرت الاعتقالات للكشميرين المناهضين للهند والذين خرجوا في احتجاجات مستمرة، وطوق الإقليم بجنود ومدرعات وأسلاك شائكة، وقطع الكهرباء والإنترنت عن المنطقة لإخضاعها.

TRT عربي