كيف تكيف الاقتصاد التركي مع الصدمات وبات يحقق نمواً مطرداً؟ (Others)
تابعنا

على الرغم من جائحة كورونا التي أخلّت بموازين الاقتصاد العالمي وألحقت أضراراً بالغة بسلاسل التوريد العالمية مخلفةً تضخماً هو الأكبر في بلدان اليورو بجانب أمريكا، فإن الاقتصاد التركي على عكس كبرى الاقتصادات العالمية حافظ على نموه، وذلك بفضل الإجراءات التي اتبعتها الحكومة التركية طوال فترة الجائحة وما قبلها من أجل النهوض بمفاصل الاقتصاد الحيوية في البلاد، التي يأتي على رأسها قطاع التصدير، أحد أبرز الركائز التي تعتمد عليها أنقرة لتخفيض عجز الميزان التجاري، فضلاً عن كونه رافداً أساسياً للعملات الأجنبية إلى خزينة الدولة.

وفي الوقت الذي نما به الاقتصاد التركي بمعدل 1.8% خلال العام الماضي متفادياً انكماشاً تعرضت له كبرى الاقتصادات العالمية، قال إريك أريسبي موراليس المدير في وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني إن تركيا تمكنت من تحقيق نمو في الاقتصاد إثر تكيفها مع أنواع مختلفة من الصدمات.

وتوقع موراليس نمو الاقتصاد التركي بنسبة تصل إلى نحو 9.2% نهاية العام الجاري، فيما أشار إلى أن قوة الطلب المحلي، والانتعاش في الإنتاج بجانب الزيادة الكبيرة للصادرات التركية من شأنها أن ترفع نمو الاقتصاد التركي إلى 3.5 % العام المقبل، ويرتفع معدل النمو من جديد إلى 4.5% عام 2023.

صادرات قياسية

في بداية الشهر الجاري أشار وزير التجارة التركي محمد موش إلى أن صادرات البلاد ارتفعت خلال أكتوبر/تشرين الأول الفائت بنسبة 20.2% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، ليبلغ حجمها 20.8 مليار دولار أمريكي. ولفت إلى أن حجم الصادرات المذكورة على أساس شهري تعد الأعلى في تاريخ الجمهورية التركية.

وخلال الأشهر الـ12 الأخيرة حطمت الصادرات التركية أرقاماً قياسية جديدة بعد تجاوزها حاجز الـ215 مليار دولار أمريكي، فيما زادت الصادرات في الفترة بين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول بنسبة 33.9% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وبلغت 180.8 مليار دولار أمريكي.

وختم الوزير حديثه قائلاً: "سنصل إلى هدف دولة ذات فائض في التجارة الخارجية في وقت قصير للغاية".

وعلى صعيد متصل صرح رئيس جمعية المصدرين الأتراك (TIM) إسماعيل غولة في سبتمبر/أيلول الماضي بأن تركيا تستهدف الوصول إلى صادرات سنوية بقيمة 300 مليار دولار أمريكي خلال الأعوام الـ5 المقبلة.

تضاؤل الفجوة بين الصادرات والواردات

كشفت الأرقام والإحصائيات القادمة من وزارة التجارة التركية عن تضاؤل الفجوة بين قيمة الصادرات والواردات خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، الأمر الذي ساعد على تخفيض العجز في الميزان التجاري التركي، الذي تشكل به واردات الطاقة المساهم الأكبر بترجيح كفة الواردات على الصادرات في تركيا، وذلك لافتقار البلاد إلى مصادر الطاقة الطبيعية كالنفط والغاز، ما يدفع إلى استيرادها.

وعلى الرغم من كل التحديات التي فرضتها جائحة كورونا بجانب الاختلالات التي تشهدها سلاسل التوريد العالمية، فإن نسبة الصادرات إلى الواردات بلغت أعلى مستوى في تاريخ الجمهورية خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي بـ93.4%.

فخلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري ارتفعت نسبة الصادرات إلى الواردات على أساس شهري لتصل إلى نحو 93.4% في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد أن وصلت إلى أدنى مستوياتها هذا العام بعد أن انخفضت إلى نحو 79.3% في شهر يوليو/تموز المنصرم.

نمو رغم كورونا

على الرغم من أن التأثيرات السلبية لجائحة كورونا لا تزال مستمرة بشكل متفاوت من قطاع إلى قطاع، فإن تركيا نجحت بكل جدارة ليس فقط في الصمود أمام الجائحة، بل تمكنت أيضاً من تحويل التحديات التي فرضها فيروس كوفيد-19 إلى فرص اقتصادية حققت من خلال معدلات نمو غير مسبوقة.

وفي بداية شهر سبتمبر/أيلول الماضي أعلن مكتب الإحصاء التركي عن نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 21.7% على أساس سنوي خلال الربع الماضي، متعافياً بقوة إذا قورن بالتباطؤ الحاد الذي شهده قبل عام تقريباً بسبب قيود جائحة كورونا وتأثيراتها السلبية التي أصابت كبرى الاقتصادات العالمية.

إذ حلت تركيا في المرتبة الثانية بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأكثر نمواً خلال الربع الثاني من العام الجاري 2021، الأمر الذي عزاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ثبات ديناميكية الاقتصاد التركي ومقاومته وقوة إنتاجه.

وبينما تعد تركيا من الدول القليلة التي حققت نمواً إيجابياً العام الماضي بمقدار 1.8% في ظل تفشي فيروس كورونا، توقع البنك الأوروبي للتنمية والإعمار الخميس الماضي تحقيق الاقتصاد التركي نمواً بنسبة 9% خلال العام الجاري 2021.

وحسب خبراء فهذه المؤشرات وغيرها تبرز قدرة تركيا على أن تصبح مركز إنتاج على المستويين الإقليمي والدولي بعد الجائحة، وأن تتحول إلى نقطة جذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة في سنوات ما بعد كورونا.

TRT عربي
الأكثر تداولاً