لا تُجند نساء.. تعرّف كتيبة الأرثودكس "نيتسح يهودا" في الجيش الإسرائيلي (وسائل إعلام عبرية)
تابعنا

وفقاً لتقرير حديث نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تبدي وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً اهتماماً خاصاً بنشاطات كتيبة "نيتسح يهودا" المتشددة التابعة للجيش الإسرائيلي، والمتهمة بممارسة انتهاكات بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وأفاد التقرير أنه طُلب من السفارة الأمريكية في إسرائيل إعداد تقرير داخلي عن نشاطات على خلفية أحداث متزايدة متورط فيها جنود هذه الكتيبة، والتي في بعضها جرى تسجيل سلوك غير لائق تجاه السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وتجدر الإشارة إلى أن الاهتمام الأمريكي المتزايد بشأن بهذه الكتيبة المتطرفة، التي تسمح لليهود المتدينين بالانخراط بالجيش في جو يتوافق مع معتقداتهم الدينية، يرجع إلى حادث قتل أفراد من الكتيبة العجوز الفلسطيني عمر أسعد الذي يحمل الجنسية الأمريكية بالقرب من رام الله في يناير/ كانون الثاني الماضي.

التأسيس

بعد قرابة العامين من المناقشات بين مجموعة من التربويين الحريديم بقيادة الحاخام يتسحاق بار شايم والجيش الإسرائيلي، تأسست كتيبة "نيتسح يهودا" في عام 1999 في محاولة لتشجيع تجنيد الشباب الأرثوذكس المتطرفين. ضمت الكتيبة في البداية 30 جندياً فقط، لكنها نمت بشكل كبير مع مرور السنين ووصلت إلى وضع كتيبة تعمل بكامل طاقتها. اعتباراً من عام 2009، وصل عدد جنود الكتيبة إلى أكثر من 1000 جندي.

في البداية، عُرفت الكتيبة باسم "ناحال حريدي"، لكن الاسم تغير إلى "نيتسح يهودا"، ويعني بالعبرية "يهودا الأبدي". وهي كتيبة سياسية – دينية تسمح لليهود المتدينين بالانخراط بالجيش في جو يتوافق مع معتقداتهم الدينية.

وتتخذ الكتيبة، التي لا تضم في صفوفها نساء، من النص التوراتي "ويكون معسكرك مقدساً" شعاراً لها، مرجعاً أساسياً لإبقاء المعسكر خالياً من الخطيئة أو الأشياء المحرمة (في مقابل المساعدة الإلهية في المعركة).

ونظراً لأن الكتيبة تركز بشكل كبير على تلبية الاحتياجات الدينية للجنود، فإن قواعد "نيتسح يهودا" تتبع أعلى معايير القوانين الغذائية اليهودية وتتخذ من "الكوشير" (حلال وفقاً للشريعة اليهودية) طعاماً لها، والنساء الوحيدات المسموح بهن في هذه القواعد هن زوجات الجنود والضباط.

السماح بالتطرف مقابل التجنيد

الخدمة العسكرية في إسرائيل إجبارية للمواطنين والمواطنات بعد تجاوز سن الـ18، لكن القسم الأكبر من المتدينين اليهود يرفض أداء الخدمة بداعي التفرغ لدراسة الدين، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل داخل المجتمع الإسرائيلي حول المزايا التي تتمتع بها هذه الطائفة المتشددة، والتي تشكل حوالي 12% من السكان.

ولهذا السبب تحديداً أسست كتيبة "نيتسح يهودا" أواخر التسعينيات من قبل مجموعة من الحاخامات لاستهداف وتجنيد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عاماً من خلفيات حريدية (عائلات ومؤسسات تعليمية حريدية) لا يتعلمون في المدارس الدينية، وفقاً لتقرير نشرته وكالة الأناضول بداية العام الجاري.

وتعتبر "نيتسح يهودا" الكتيبة الوحيدة بالجيش الإسرائيلي التي تتمتع بهذا القدر من التمييز والتجاوزات غير العادية، فإلى جانب كونها تحت إشراف الحاخامات، مما يصعب على القادة العسكريين ضبطها والسيطرة على تصرفات أفرادها، فإنها تسمح بالخدمة العسكرية إلى جانب دروس التوراة.

سجل انتهاكات حافل

يخدم جنود الكتيبة ما مجموعه عامين وثمانية أشهر في الجيش الإسرائيلي، وتستمر الدورة التدريبية حوالي 8 أشهر، تليها الخدمة كجنود لمدة 16 شهراً إضافية. فيما تتركز مناطق خدمته في الضفة الغربية، وتحديداً في مدن مثل رام الله وجنين. وباتت الكتيبة أيضاً ملجأ لمجندي اليمين المتطرف من ما يسمى "شباب التلال" في الضفة الغربية الذين لم يُقبلوا في وحدات أخرى.

ولا تقتصر انتهاكات كتيبة "نيتسح يهودا" على حادثة استشهاد المسن الفلسطيني عمر أسعد التي أثارت غضب الجانب الأمريكي، فهذا الحادث ليس الانتهاك الأول الذي تتحمل مسؤوليته الكتيبة المتطرفة، حيث لديها سجل حافل من الحوادث الخطيرة والمتكررة جراء الاحتكاك اليومي بين جنود الكتيبة والفلسطينيين؛ نتيجة إصرار الجيش على حصر عملها في الضفة الغربية فقط، وغالباً في المواقع ذاتها، وفقاً لما كتب يوآف زيتون في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ونقلت عنه الأناضول في تقريرها.

كثرة تجاوزاتها بالضفة الغربية، دفعت البعض إلى المطالبة بإغلاقها وتوزيع أفرادها على كتائب الجيش الأخرى. أحد الأصوات التي تطالب بتفكيك "نيتسح يهودا" هو الكاتب يوسي يوشع، الذي كتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مطلع فبراير/شباط الماضي "لا مفر، يجب تفكيك نيتسح يهودا"، وأضاف: "الحادثة الخطيرة في كتيبة نيتسح يهودا، التي انتهت بوفاة الفلسطيني عمر أسعد هي دعوة للاستيقاظ تتطلب فحص استمرار الكتيبة في شكلها الحالي".

TRT عربي