هل ستصبح تركيا الوجهة البديلة للمغاربة؟ (AA)
تابعنا

ما زالت تداعيات الأزمة بين إسبانيا والمغرب تخيِّم على العلاقات بين المملكتين الجارتين، آخذة شتى أشكال التصعيد الدبلوماسي، بلغ الحد به سابقاً لحرمان السلطات المغربيَّة الموانئَ الإسبانية من عمليات عبور المهاجرين السنويَّة لقضاء عطلتهم الصيفية بالضفة الجنوبيَّة للمتوسِّط. ها هو ذا التصعيد نفسه يتجدد، والرباط تمنع وزراءها ومسؤوليها من السياحة في سواحل الجارة الشماليَّة. في قرارٍ يصب في مصلحة وجهات سياحيَّة أخرى، يفضِّلها المغاربة، وعلى رأسها تركيا.

لا سياحة في إسبانيا

ما هي إلا أيام معدودة مرًّت على إعلان الرباط عدم شمول عمليَّة مرحباً، المنظِّمة لعبور المهاجرين السنوي لقضاء عطلتهم الصيفية بالمغرب، موانئ إسبانيا هذه السنة. في خطوة أضاعت على مدريد أرباح الحركة الاقتصاديَّة الكبيرة التي عادة ما تصحب هذا العبور، كذلك مردودها الجمركي. ها هي الصحافة المغربية تتحدَّث عن منع وزراء حكومة سعد الدين العثماني من قضاء عطلتهم الصيفية بمنتجعات سياحية بإسبانيا.

في خطوة وإن لم يجرِ الإعلان عن دوافعها، تقول صحيفة الأيام المغربيَّة، "إنها بادية بشكل جلي، خاصة بعد اندلاع الأزمة الديبلوماسية بين المغرب وإسبانيا على خلفية استقبال هذه الأخيرة في فترة سابقة لرئيس جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي بهوية مزورة لتلقي العلاج بأحد المستشفيات هناك"، هذا "فضلاً عن أسباب أخرى أماط وزير الخارجية، ناصر بوريطة، اللثام عنها في فترة سابقة" يضيف المصدر ذاته.

من جابنها وجَّهت السلطات المغربيَّة تنبيهات شملت أيضاً رجال المال والأعمال، البرلمانيين والزعماء الأحزاب، وكذا قادة النقابات والجمعيات الحقوقية والرياضية والفنية، بعدم التوجه إلى إسبانيا للاستجمام، "تحت أي ظرف من الظروف"، حسب ما كشفت الجريدة المغربيَّة.

هذا وتعدُّ إسبانيا إحدى الوجهات السياحية المفضَّلة لدى المغاربة، لقربها الجغرافي وكذا لما توفره من عرض سياحي غني وبأثمنة مناسبة، ما جعل الإقبال عليها متزايداً. فاقت في سنة 2018 عدد السياح الإسبان الذين زاروا المغرب، حيث بلغ حسب إحصائيات نشرتها الوكالة الإسبانيَّة للأنباء، رقم الـ900 ألف سائح مغربي حلوا بها خلال تلك السنة، بزيادة قدرت وقتها بـ26% عن السنة التي سبقتها. وقدر حجم مصروفات السياح المغاربة بـ540 مليون دولار.

تركيا الوجهة السياحية البديلة؟

في ظل هذا الواقع المتأزم، والعقوبات الاقتصاديَّة والرمزيَّة التي تفرضها الرباط تباعاً على مدريد، يؤكد مراقبون رغبة المغرب في تنويع سياسته الاقتصادية الخارجية وتعزيز العلاقات مع شركاء جدد، يرشِّحون في هذا الصدد دولتين، تركيا واحدة منهما، والتي يمكن لها أن تكون الوجهة البديلة للسائح المغربي.

بالتوازي مع هذا، تفضيل السائح المغربي لتركيا كوجهة سياحية أصبح يعرف تزايداً مضطرداً خلال السنوات الأخيرة، وهذا مرده لتنوع العرض السياحي الذي تقدِّمه أنقرة لزائرها، وبأسعار مناسبة لفئات المجتمع كافة. كما يعود في جزء كبير منه إلى الإنتاج الدرامي التركي الذي غزا التلفزة المغربية، محققاً إقبالاً كبيراً من قبل المشاهد المغربي، حيث مثل خير سفير للجمهورية التركيَّة، لجمال مواقعها السياحيَّة ولغناها الثقافي والحضاري والطبيعي.

وبلغة الأرقام، سجَّل عدد السياح المغاربة الزائرين لتركيا خلال سنة 2019، قفزة كبيرة، بنسبة 32.7% عن العام الذي سبقه. حيث واصل ارتفاعه في 2019 ليصل إلى 234 ألف زائر، مقابل نحو 176 ألفاً في 2018، و114 ألفاً في 2017، ما يشير إلى تضاعف العدد في غضون عامين، بينما لم يكن العدد يتجاوز في عام 2003 نحو 13.7 ألف زائر.

لتكون أعلى نسبة زيادة مسجلة بين السياح العرب الوافدين إلى تركيا، حسب ما أوردت وقتها وزارة الثقافة والسياحة التركيَّة.

هذا وعلى نحو اقتصادي أوسع، تعتبر تركيا شريكاً مهماً للمغرب، وقد تتطور هذه الشراكة بعد الأنباء عن اقتناء المغرب أسلحة تركية، آخرها طائرات بيرقدار المسيرة بصفقة بلغت قيمتها 70 مليون دولار, كما تهدف الشراكة مع تركيا إلى التقليل كذلك من اعتماد المملكة على الاتحاد الأوروبي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً