لتعزيز موقفها بأي مفاوضات.. هل تدعم واشنطن هجوماً أوكرانياً لاستعادة القرم؟/ الصورة: REUTERS / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

أثناء حديثه لـTalkTV، صرح القائد السابق للجيش الأمريكي في أوروبا، الجنرال بن هودجز، بأن أوكرانيا ستستعيد شبه جزيرة القرم من روسيا خلال العام المقبل. وقال إن القرم يمكن أن تصبح الجزء "الحاسم" في اللغز لمساعدة أوكرانيا على الانتصار، وفقاً لما نقلته هافينتون بوست.

وفي سياق متصل، قالت صحيفة نيويورك تايمز إن إدارة بايدن تدرس خططاً لمساعدة أوكرانيا على استهداف شبه جزيرة القرم، معتقدة بأن كييف بحاجة إلى تهديد سيطرة روسيا على القرم من أجل تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية.

وشبه جزيرة القرم هي المنطقة الكبيرة الواقعة قبالة الساحل الجنوبي لأوكرانيا التي استولت عليها موسكو في عام 2014، لتتحول موطناً لعشرات الآلاف من القوات الروسية والعديد من القواعد العسكرية الروسية، مما أتاح لروسيا الوصول إلى الأراضي الأوكرانية عبر الجنوب والشرق عندما بدأت الحرب الأوكرانية أواخر فبراير/شباط الماضي.

تعديل في الخطوط الحمراء

على الرغم من إصرار واشنطن منذ اليوم الأول على أن شبه جزيرة القرم لا تزال جزءاً من أوكرانيا، إلا أنها مع ذلك التزمت بخط متشدد منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا، حيث رفضت وحلفاؤها الغربيون تزويد كييف بالأسلحة والصواريخ بعيدة المدى التي تحتاج إليها لاستهداف شبه جزيرة القرم، التي تستخدمها روسيا كقاعدة لشن ضربات مدمرة، خوفاً من أن تستفز روسيا وتوسع النزاع.

ولكن بعد مناقشات استمرت لأشهر مع المسؤولين الأوكرانيين، بدأت إدارة بايدن، أخيراً، في الاعتراف بأن كييف قد تحتاج إلى القوة لضرب الملاذ الروسي، حتى لو كانت هذه الخطوة تزيد من خطر التصعيد، وفقاً للعديد من المسؤولين الأمريكيين الذين تحدثوا لنيويورك تايمز بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.

وحسب الصحيفة، فقد توصلت إدارة بايدن إلى الاعتقاد بأنه إذا تمكن الجيش الأوكراني من أن يُظهر لروسيا أن سيطرتها على شبه جزيرة القرم يمكن تهديدها، فإن ذلك سيعزز موقف كييف في أي مفاوضات مستقبلية. بالإضافة إلى ذلك، فقد تضاءلت أيضاً المخاوف من أن ينتقم الكرملين باستخدام سلاح نووي تكتيكي، كما قال مسؤولون وخبراء أمريكيون، رغم أنهم حذروا من أن الخطر لا يزال قائماً.

القرم والمفاوضات المستقبلية

على الرغم من أن روسيا لم تغزُ رسمياً بقية أوكرانيا حتى فبراير/شباط 2022، فإن ضم شبه جزيرة القرم يُعدّ بالنسبة إلى الكثيرين بداية الحرب، ويصر مسؤولو البيت الأبيض على عدم وجود تغيير في الموقف الذي يرى إن القرم تنتمي إلى أوكرانيا. وقالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي: "قلنا طوال الحرب إن شبه جزيرة القرم هي أوكرانيا، وإن أوكرانيا لها الحق في الدفاع عن نفسها وعن أراضيها السيادية في حدودها المعترف بها دولياً".

لذلك، عند بدء محادثات سلام حقيقية ليس هناك شك في أن شبه جزيرة القرم ستحتل مكانة عالية في جدول الأعمال. شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود هي نقطة الصفر في الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من 11 شهراً. فمنذ استيلاء موسكو عليها في عام 2014، عزلتها وسكانها عن بقية أوكرانيا والعالم بأسره، وفقاً لما أوردته صحيفة بوليتيكو.

ولهذا أصر، ويصر المسؤولون الأوكرانيون، على أن القرم هدف مهم لهجماتهم، وأن الضغط العسكري المستمر على القواعد الروسية هناك جزء كبير من استراتيجيتهم. كما ناقش المسؤولون العسكريون الأوكرانيون مع المسؤولين الأمريكيين أهمية زيادة الضغط على القيادة الخلفية لروسيا في شبه جزيرة القرم، والتي تدعم العمليات العسكرية في أماكن أخرى من أوكرانيا.

أهمية القرم لأوكرانيا

قال هودجز إنه يعتقد أن شبه جزيرة القرم يمكن أن تكون تحت السيطرة الأوكرانية في غضون عام، مضيفاً: "انظر، ما دامت روسيا تجلس في شبه جزيرة القرم، فلن تكون أوكرانيا آمنة أبداً". مشيراً في الوقت ذاته إلى أن القرم كانت نقطة قوة استراتيجية لروسيا.

كما تعتقد إدارة بايدن بشكل متزايد أن ضرب الخطوط الخلفية لروسيا من القرم يمكن أن يلحق أضراراً بالغة بقدرة موسكو على دفع خطوطها الأمامية إلى أبعد من ذلك، حسب ما نقلته نيويورك تايمز عن لسان مسؤولين أمريكيين.

ومن نظرة اقتصادية، لفت الجنرال الأمريكي إلى أنه من المستحيل على أوكرانيا إعادة بناء اقتصادها، ما دامت روسيا تجلس هناك وقادرة على منع أو تعطيل الوصول إلى أوديسا والخروج منها، وبالطبع بحر آزوف ، والميناءين الكبيرين، ماريوبول و بيرديانسك.

وقال هودجز: "لن تستعيد أوكرانيا أبداً قابليتها للنمو الاقتصادي ما دامت روسيا باقية في شبه جزيرة القرم، يجب أن يكون إخراج روسيا هو الهدف الرئيسي". وأوضح أيضاً أن هذا هو السبب في أن الغرب بحاجة إلى تزويد أوكرانيا بأسلحة دقيقة بعيدة المدى لضرب قلب روسيا. من المفترض أن يؤدي هذا إلى إعادة التوازن إلى الميزة التي تتمتع بها موسكو حالياً مع شبه جزيرة القرم.

TRT عربي