تابعنا
مرحلة رياض الأطفال من المراحل التعليمية التي لا تقل أهميتها عن المراحل الأخرى، حيث تشكل مرحلة انتقالية في حياة الطفل، تتميز بفلسفتها وأهدافها المعرفية والسلوكية الخاصة.

تهتم مرحلة رياض الأطفال بتنمية قدرات الطفل وشخصيته من جميع الجوانب النفسية والجسمية والاجتماعية، من خلال ما تقدمه من أنشطة مناسبة لعمر الطفل، على أيدي مربيات ذوات خبرة والكفاءة.

وهذه بعض الإرشادات الضرورية للوالدين التي قد تساعد على تهيئة الطفل لدخول مرحلة الروضة:

أولا: التهيئة النفسية والتي تبدأ بتعويد الطفل بالانفصال التدريجي عن والديه لأوقات محددة مثل الذهاب إلى بيت الجدّة بمفرده لعدة ساعات، كذلك التحدث مع الطفل عن رياض الأطفال وكيف ستكون حياة الطفل فيها.

ومن المفيد هنا القيام بزيارة للّروضة مع الطفل مسبقًا، والتجول بجميع مرافقها وتجربة اللعب فيها، والتعرف على الكادر التعليمي. فمثل هذه الزيارة تساعد الطفل على كسر حاجز الخوف الذي قد يشعر فيه أول يوم له من أيام الروضة.

كذلك من الضروري اصطحاب الطفل لشراء مستلزمات الرّوضة وترك المجال له لحرية الاختيار. كما أن للعب الإيهامي دور في تهيئة الطفل نفسيّا كأن تقوم الأم بمحاكاة دور المعلمة. فمن خلال اللعب يتعلم الطفل آداب الاستئذان وطريقة الجلوس.

ثم بعد ذلك يمكن القيام بتبديل الأدوار بحيث تحاكي الأم موقف الطفل . وقبل كل ذلك يجب ألا ننسى أو نهمل تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ للطفل والتخلي عن الساعات الطويلة التي يقضيها الطفل أمام التلفاز والأجهزة الإلكترونية.

ثانيا: تدريب الطفل على بعض المهارات الأساسية،كحفظ بعض الحروف، والأشكال والألوان. وهناك العديد من الأنشطة التي تعمل على تنمية مهارتيّ التمييز البصري، والتمييز السمعي لدى الطفل، وهي مهارات أساسية لإعداد الطفل للقراءة والكتابة مثل تمكين الطفل من التمييز بين الألوان والأشكال والأحجام المختلفة، ومهارة التصنيف بتحديد أوجه الشبه والاختلاف بين الأشياء، وتحديد الكلمة المختلفة بين مجموعة من الكلمات، ربط النقاط لتشكيل رسوم معينة، والمتاهات، وتحديد الكلمات التي تبدأ بالحرف الذي يسمعه، وتحديد الكلمات المتشابهة في الصوت والنطق.

مع ضرورة الانتباه إلى أنه ومن خلال تخصيص وقت دوري للقراءة يوميًا سيصبح الطفل قادرا على إتقان مهارة الاستماع والنطق والقراءة أيضًا.

اقرأ أيضاً:

وكذلك ضرورة مراعاة القيام ببعض الأنشطة لتقوية العضلات الدقيقة (عضلات اليدين والأصابع) مثل إدخال حبات الخرز بأحجام مختلفة داخل الخيط، وأنشطة الصلصال والمعجون التي تعمل على تنمية العضلات الحركية الدقيقة. كما أنها تنمي التفكير والإبداع لدى الطفل، وأنشطة القص واللصق مثل تكليف الطفل بقص بعض الأشكال المرسومة ولصقها في مكان آخر، وأنشطة التلوين، وغلق أزرار القميص، وكذلك فتح وغلق أغطية البرطمانات. مع ضرورة مراعاة عوامل الأمن والسلامة والحرص على القيام بجميع الأنشطة دون إرهاق ولا ضغط على الطفل بل جعله يشعر بمتعة العمل من خلال التشجيع والتحفيز المستمر.

ثالثا: تنمية بعض المهارات الحياتية مثل مهارة الاستقلالية، أي أن يصبح الطفل قادرًا على الاعتماد على نفسه في تلبية بعض احتياجاته، والقدرة على إقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين، ومهارة تناول الطعام والشراب بشكل مستقل، ومهارة النظافة وتشمل غسل اليدين والوجه وتنظيف الأسنان ونظافة الملابس.

رابعا: تقوية الذاكرة عند الطفل. ومن أفضل الأشياء التي تساعد على تقوية ذاكرة الطفل هي التغذيّة السليمة. وفي هذا السياق أكدت المتخصصة في التغذية ربى مشربش في حديثها مع TRT عربي على "أهمية اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن للمحافظة على صحة الدماغ، والتركيز على الخضار كالسبانخ والبروكلي والفواكه خاصة الغنية منها بفيتامين سي كالفراولة والتوت والرمان ، ومن الأغذية التي التي تفيد في تقوية الذاكرة والقدرة العقلية زيت الزيتون،الشوكولاته الداكنة،البيض،الحليب واللبن .

وتضيف مشربش بأن "شرب الماء مهم جدًا للطفل إضافة إلى ضرورة إدخال الدهون المفيدة الموجودة في السمك والمكسرات النيئة التي تساعد على التركيز وتنشيط الدماغ". وأكدت أيضا على "ضرورة الابتعاد عن السكريات والحلويات والوجبات السريعة والأطعمة المقلية وتناولها بكميات معتدلة مرة بالأسبوع فقط" . كما أكدت على أهمية تناول وجبة الأفطار للأطفال للحصول على الطاقة وتحسين الأداء الذهني مع الحرص على أن تكون متوازنة تلبي الإحتياجات الغذائية الصحية للطفل .

ويعد النوم المنتظم من العوامل المهمة التي تحافظ على صحة الدماغ، مع مراعاة إبعاد الطفل عن الأجهزة الإلكترونية والتلفاز حيث تشير دراسة نشرها موقع Earth calm إلى أن تعرض الأطفال للأجهزة التي تصدر عنها موجات كهرومغناطيسية تؤثر سلبًا على ذاكرة الأطفال لذا يجب التعامل بحذر مع هذه الأجهزة.

كما يجب تحفيز القدرة على الحفظ بحيث يكون الطفل في سن ما قبل المدرسة قادرًا على الاحتفاظ بالأناشيد وقصار السور من القرآن، وأيضا المعلومات الشخصية كاسم الطفل كاملا وعمره أو عنوان المنزل .

لماذا تكتسب مرحلة رياض الأطفال هذه الأهمية الكبيرة في حياة الطفل التعليمية؟

تكتسب مرحلة رياض الأطفال أهمية كبيرة في تهيئة الأطفال لتقبل المدرسة. فهي تُعد الركيزة الأولى لتأسيس قاعدة التعليم للمرحلة الابتدائية. فإنجاز الطفل في "الابتدائية" يعتمد على رصيده المعرفي والمهاري والسلوكي الذي اكتسبه سابقًا في رياض الأطفال.

ففي دراسة ميدانية بعنوان "رياض الأطفال والتحصيل الدراسي لتلاميذ قسم السنة أولى ابتدائي" كانت نتائجها أن لمؤسسة رياض الأطفال دور فعال في تحصيل التلميذ وتنمية قدراته حتى يصبح مُهيئًا للتلقي والتعلم في المرحلة الابتدائية.

كما اثبت العديد من الدراسات أن الأطفال الملتحقين ببرامج رياض الأطفال يمتلكون مستويات ذكاء وتحصيل أفضل مقارنة بأقرانهم غير الملتحقين بها.

كما تشير الدراسات أن الأطفال الذين يذهبون إلى رياض الأطفال يكونون أكثر ثقة وأكثر استقلالية وانتقالهم الى المدرسة يكون سلسًا مقارنة مع أقرانهم الذين لم يلتحقوا بها.

وفي حديث خاص مع TRT عربي، أكدت العديد من المعلمات المتخصصات بهذه المرحلة على هذه المعلومات التي تشير إلى أهمية مرحلة رياض الأطفال. فزينب العابد، وهي معلمة متخصصة في مرحلة رياض الأطفال، شددت على فكرة أن "إلتحاق الطفل بفصول رياض الأطفال مفيد في جميع مظاهر النمو المختلفة الحركية والعقلية والاجتماعية والانفعالية. غير أن هذا يتوقف على نوع المثيرات التي تقدم للطفل داخل الفصل. فكلما كانت المثيرات خصبة ومناسبة كان النمو سليم ومتكامل، فهي تحفز ما لديهم من استعدادات ليكونوا أكثر تكيفًا لاستقبال المدرسة".

كما أكدت العابد "على أهمية التعلم عن طريق اللعب، ودعت إلى تحرير الطفل من التعليم المجرد، والبعد عن الجمود التقليدي في التلقين الذي يبعث الملل في نفوس الأطفال".

ومن جانبها شددت المعلمة إيناس الفقيه على فكرة أنه "ومن أهم ما يمكن أن يفيد الطفل في هذه المرحلة هو زيادة خبراته التحصيلية. فهو يتعلم الأساسيات التي تُعتبر الركيزة الأساسية للصف الأول مع ضرورة التعلم عن طريق اللعب بطرق مسلية وممتعة، كما أنها تساعد الطفل على تجاوز الخوف وتعلمه النظام قبل البدء بالمرحلة المدرسية، فلو قمنا بالمقارنة بين طفل سبق وأن شارك في هذه المرحلة وطفل آخر لم يشارك سنجد أن الطفل الذي لم يشارك متأخر عن أقرانه في التكيف والتعلم".

من جانبها، لفتت المعلمة بسمة أبو سمك إلى أن "الطالب الذي التحق برياض الأطفال يكون مهيئ لتقبل المعلومة بشكل أفضل من غيره. لكن لا يمكن تعميم هذا القول على جميع الأطفال وذلك يعود إلى الفروق الفردية والقدرات العقلية المتفاوتة بينهم. ومع ذلك لا يمكن إنكار دور رياض الأطفال في بناء شخصية الطفل، وعدم تخوفه من المدرسة لأنه يكون قد اعتاد الدوام في رياض الأطفال".

من المفيد هنا القيام بزيارة للّروضة مع الطفل مسبقًا، والتجول بجميع مرافقها وتجربة اللعب فيها، والتعرف على الكادر التعليمي (Getty Images)
مرحلة رياض الأطفال مهمة جدا قبل دخول المدرسة (AA)
هناك العديد من الأنشطة التي تعمل على تنمية مهارتيّ التمييز البصري،والتمييز السمعي لدى الطفل (Getty Images)
TRT عربي