مع بداية العطل الصيفية.. ما أسباب الارتفاع الجنوني بأسعار تذاكر الطيران؟ (AFP)
تابعنا

بعد سنتين من الإغلاق التامّ وإجراءات الحجر الصحي الصارمة جراء انتشار جائحة كورونا، فتح أغلب مطارات العالم أبوابه مجدداً، لاستقبال الزائرين والسائحين.

ولأن العطل الصيفية من أكثر المواسم التي تشهد فيها رحلات الطيران عادةً ارتفاعاً كبيراً، تَوقَّع كثيرون أن يكون صيف 2022 موسماً استثنائياً وانتعاشة سياحية لعديد من البلدان.

ولكن يبدو أن ارتفاع أسعار تذاكر الطيران اللافت الذي وصفه كثيرون بـ"الجنوني" سيَحُول دون تحقيق ذلك، بخاصة وقد أبلغ طوال الفترة الأخيرة، عدد كبير من وكالات الأسفار وشركات الطيران والسلطات المختصة في دول مختلفة، عن كم هائل من الشكايات اليومية والاحتجاج المستمر حول هذه الأسعار، التي يعتبرها البعض غير مبرَّرة أو غير مفهومة.

فيما وصف ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي السفر بهذه الأسعار، في ظل الأزمات الاقتصادية التي تمرّ بها بلدانهم، بـ"السفر الانتقامي".

ارتفاع خيالي لأسعار تذاكر الطيران

على الرغم من تفاوت حجم الارتفاع الذي شهدته أسعار تذاكر الطيران من دولة إلى أخرى، مقارنة كذلك بعملاتها المتداولة، فإنها جميعاً تكاد تشتكي الأزمة ذاتها، بخاصة مع حلول الموسم الصيفي لهذه السنة.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، ارتفع متوسط سعر رحلة الطيران الداخلي من 202 دولار في أكتوبر/تشرين الأول 2021 إلى 336 دولاراً في مايو /أيار 2022، وفقاً لأرقام الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس.

في حين تضاعف سعر تذكرة الطيران من هونغ كونغ إلى لندن نحو 5 مرات مقارنة بفترة ما قبل انتشار الوباء، وبلغ سعر التذكرة 5360 دولاراً أميركياً، فيما بلغ سعر تذكرة الطيران بين نيويورك ولندن 2000 دولار، حسب تقرير لوكالة بلومبرغ الأمريكية.

كما سجلت أسعار الرحلات الجوية المغادرة من فرنسا ارتفاعاً بنسبة 19.4% في مايو/أيار الماضي، مقارنة بالسنة الماضية 2021، وفق أرقام رسمية صادرة عن المديرية العامة للطيران المدني.

وبلغ سعر التذكرة من سنغافورة إلى العاصمة الألمانية برلين في أبريل/نيسان أكثر من 3600 دولار، أي إنه ارتفع بنحو 27% مقارنة بعام 2019.

وأظهرت بيانات لمواقع متخصصة في حجوزات الطيران ارتفاعاً بنسبة 100% تقريباً في أسعار تذاكر المسافرين من دولة الإمارات العربية، وتبلغ هذه الزيادة ذروتها مع بداية شهر يوليو/تموز القادم، تزامناً مع العطلة الصيفية وعطلة عيد الأضحى.

وتوقع اتحاد النقل الجوي الدولي "إياتا" أن ترتفع أسعار تذاكر الطيران في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 43%، بعد عودة الرحلات الجوية.

وحسب "إياتا" فإن النسبة المتوقعه في الزيادة ستقفز إلى 54% في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، و50% في أمريكا اللاتينية، و49% في أوروبا، و45% في شمال آسيا، مقارنة بأسعار العام الماضي.

ما أسباب هذا الارتفاع الجنوني؟

لم يستبعد مراقبون ومختصون الارتفاع الذي آلت إليه أسعار تذاكر الطيران في ظل ما تمر به اقتصادات العالم من أزمات، زادت حدتها بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية التي رافقها ارتفاع في أسعار الوقود بنحو 45% لهذا العام، مما أدى إلى ارتفاع التضخم في عدة بلدان بشكل غير مسبوق.

وحسب ما أفاد به مسؤولون ومختصون، فإن شركات الطيران تتوقع أن تنفق نحو 24% من مواردها على الوقود هذا العام، مقارنة بـ19% خلال 2021.

بالتالي فإنها ترى في زيادة أسعار التذاكر حلّاً لتغطية هذه المصاريف ولتغطية الخسارة السابقة فترة انتشار الوباء.

وفي هذا الصدد يقول مسؤولون في شركات طيران دولية، إن حجم الصدمة من الحرب الروسية-الأوكرانية، لم يظهر بالكامل على أسعار تذاكر الطيران حتى الآن، ومن المرجح أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الارتفاع.

من جانبه يقول هيو أيتكين، نائب رئيس الرحلات الجوية في موقع "سكاي سكانر" (Skyscanner) لحجز الرحلات، مفسراً الأزمة: "كانت أسعار الرحلات منخفضة خلال العامين الماضيين، إذ استخدمت شركات الطيران الأسعار المنخفضة للتنافس على الحجوزات. ولكن على مدى الأشهر القليلة الماضية سمح الطلب القوي على السفر لشركات الطيران بتسعير تذاكر الطيران عند مستويات أقرب إلى مستويات ما قبل الوباء، من أجل العودة إلى الربحية".

وإلى جانب تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية على هذا القطاع، تَحدَّث عديد من التقارير عن العجز والمشكلات التي تسببت فيها الجائحة والتي لا تزال تُلقِي بظلالها إلى اليوم على شركات الطيران، رغم التعافي، ومن أهمها نقص العمالة والخسائر المالية التي تسبب فيها تخفيض عدد المسافرين في الرحلات وفترات الإغلاق الطويلة، لشركات الطيران، والتي تحاول تعويضها اليوم برفع الأسعار.

TRT عربي