أضخم وأحدث وأغلى حاملة طائرات "يو إس إس جيرالد فورد" تبحر لأول مرة للمشاركة بمناورات مشتركة. (US Navy) (Others)
تابعنا

مع تصاعد حدة التوترات بين روسيا والغرب ووصولها إلى درجة التلويح بسيف النووي، فضلاً عن تفاقم الخلاف بين الصين والولايات المتحدة حول جزيرة تايوان وإمكانية تحوله إلى صراع عسكري في أي وقت، عادت الأنظار لتتوجه مجدداً إلى البحرية الأمريكية، وتحديداً أسطولها من حاملات الطائرات، الذي يعتبر الأكبر والأحدث في العالم.

والثلاثاء، وبعد سنوات من التأخير والنكسات المكلفة التي رفعت تكلفتها إلى 13 مليار دولار، أعلنت البحرية الأمريكية أن حاملة طائراتها "يو إس إس جيرالد فورد" قد أبحرت في مهمتها الأولى للمشاركة في مناورات مشتركة مع دول عدّة من بينها كندا وفرنسا وألمانيا، تشمل التدريب على الدفاع الجوي والحرب المضادة للغواصات والعمليات البرمائية.

ومنذ بنائها أول حاملة طائرات عام 1922، ما زالت الولايات المتحدة تُعتبر الدولة الرائدة حول العالم في تصنيع وتشغيل حاملات الطائرات. واليوم، تمتلك البحرية الأمريكية 10 حامِلات طائرات من فئة "نيميتز" تعمل بالطاقة النووية، وأضيفت إليها مؤخراً حاملة من الجيل الجديد "يو إس إس جيرالد فورد" التي دخلت الساحة التنافسية للسفن البحرية القادمة من دول مثل روسيا والصين.

الأضخم والأحدث في العالم

تعد "يو إس إس جيرالد فورد" السفينة الرائدة في فئة حاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية. سميت على اسم الرئيس الثامن والثلاثين للولايات المتحدة، جيرالد فورد، الذي اشتملت خدمته البحرية في الحرب العالمية الثانية على مهمة قتالية على متن حاملة الطائرات الخفيفة مونتيري في مسرح المحيط الهادئ.

باشرت شركة "نورثروب جرومان" في أعمال بناء الحاملة في أغسطس/آب 2005 بعد مضي 40 عاماً على تصميمها. وفي منتصف عام 2017 جرى تسليم "يو إس إس جيرالد فورد" إلى البحرية لتحل محل (USS Enterprise CVN-65) التي جرى إيقاف تشغيلها بعد أن أنهت 51 عاماً من الخدمة النشطة في نهاية عام 2012.

وتأتي السفينة مع عدد كبير من التقنيات الجديدة، بما في ذلك المقاليع الكهرومغناطيسية التي يمكنها إطلاق الطائرات ومصاعد الأسلحة المتطورة التي ستنقل القنابل والصواريخ إلى سطح الطيران. و"يو إس إس جيرالد فورد" ليست فقط واحدة من أكثر حاملات الطائرات تقدماً لدخول المياه، متجاوزة حاملات الطائرات من فئة "نيميتز" التابعة للبحرية، ولكنها أيضاً أكبر حاملات الطائرات في العالم اعتباراً من عام 2017، بطول يصل إلى 335 متراً، وسرعة تصل إلى أكثر من 54 كيلومتراً في الساعة على الرّغم من وزنها الذي يصل إلى أكثر من مئة ألف طن.

سطح الطيران الفارغ لحاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد آر فورد" يمكنه استيعاب حوالي 75 طائرة، وفقاً للبحرية الأمريكية. وإلى جانب امتلاكها راداراً مزدوج النطاق، وهو نظام رادار أكثر تقدماً، الحاملة مجهزة أيضاً بأنظمة مضادة للطائرات وصواريخ متعددة قصيرة المدى تسمى Sea Sparrows.

فيما تخطّط الولايات المتحدة لإدخال 4 حاملات أخرى من الفئة نفسها إلى الأسطول حتى عام 2034.

مشاكل تقنية

بحلول مارس/آذار 2018، وبسبب مشاكل نظام الدفع النووي ومصاعد الذخيرة، وصلت تكاليف البناء إلى 13.027 مليار دولار، مما جعل من جيرالد فورد أغلى سفينة حربية على الإطلاق. ورغم التحسينات الرئيسية التي أضيفت على هذه الحاملة لزيادة معدل إقلاع الطائرات منها وهبوطها، إلا أن مشكلات واجهت أنظمة تشغيلها، وفقاً لتقرير صدر في يونيو/حزيران 2022 وقدّم إلى الكونغرس.

وعلى الرغم من كونها الأحدث والأضخم في العالم، كان ترمب من بين أبرز منتقدي السفينة. فبحسب كتاب "الخطر" لمراسلي الواشنطن بوست بوب وودوارد وروبرت كوستا، إلى جانب الصخب الذي أثاره حول تكلفتها المرتفعة، انتقد ترمب وضع مركز قيادة الطيران على سطح الطائرة، حيث علق قائلاً: "لا يبدو الأمر على ما يرام".

ونظراً لكثرة المشاكل التي عانت منها مصاعد الأسلحة الخاصة بالحاملة التي تنقل الصواريخ والقنابل من مخازنها إلى سطحها لتحميلها على متن الطائرات، الأمر الذي أخّر نشرها في المرة الأولى إلى حين الانتهاء من إصلاح جميع العيوب. ما دفع النائبة إيلين لوريا عن ولاية فرجينيا وصف السفينة بأنها "بارجة مرسى عائمة تعمل بالطاقة النووية بقيمة 13 مليار دولار".

وعلى مدار أربعة أشهر في عام 2021، صمدت فورد أمام تأثير ثلاثة انفجارات تحت الماء بوزن 40 ألف رطل، تُعرف أيضاً باسم تجارب صدمة السفن الكاملة. تجارب الصدمات هي فترة اختبار تثبت التحقق من صحة قدرة السفينة على الحفاظ على العمليات في بيئة قتالية محاكاة باستخدام الذخيرة الحية. أظهرت الاختبارات أن السفينة ستكون قادرة على تحمل الصدمات الهائلة والاستمرار في العمل في ظل الظروف القاسية.

جزر عائمة لفرض السيطرة

انطلاقاً من الشعار الشهير الذي يصف حاملات الطائرات الأمريكية بأنها "مئة ألف طن من الدبلوماسية"، بَنَت الولايات المتحدة أسطولها البحري ليكون الأكبر والأقوى عالمياً، بفارق كبير جدّاً عن منافسيها، بالشكل الذي يتيح لها السيطرة على المياه العميقة حول العالم، التي تمثل مساحتها ثلثي كوكبنا تقريباً.

واليوم تمتلك البحرية الأمريكية 10 حاملات طائرات وأسطولاً خاصّاً من أحدث الطائرات يُعتبر الثاني بعد سلاح الجو الأمريكي، إضافةً إلى قوات مشاة وجهاز استخبارات خاصَّين. وبفضل ميزانية البحرية الأمريكية التي تفوق الإنفاق العسكري الكامل للصين، تمكّنَت الولايات المتحدة من فرض سيطرة واسعة على المحيطات، وبالأخصّ الهادئ والأطلسي.

وبعد مرور 8 عقود على الحرب العالمية الثانية، التي كانت فيها حاملات الطائرات لاعباً رئيسيّاً ومحوريّاً مكّن الولايات المتحدة من فرض سيطرتها على العالم مُذّاك، ورغم ظهور الصواريخ البالستية والقاذفات الاستراتيجية بديلاً عنها، ما زالت الحاملات حتى يومنا الحالي تُعتبر سلاحاً عسكرياً يمنح من يملكه قدرات جوية وبحرية تتيح له فرض سيطرة واسعة وشنّ هجمات مدمرة من على بعد مئات الأميال من حدودها.

TRT عربي