لباس تقليدي لفرسان قبيلة "الهوسا" السودانية. (Others)
تابعنا

شهدت مناطق عدة من السودان الثلاثاء، مظاهرات عنيفة قادها مئات من أفراد قبيلة الهوسا المنتشرة في معظم محافظات البلاد. ويطالب المحتجون بالقصاص لقتلاهم خلال اشتباكات قبلية اندلعت في منطقة النيل الأزرق يوم 11 يوليو/تموز الجاري، وأودت بحياة 79 شخصاً من الهوسا.

وحسب "فرانس برس"، دعا نشطاء الهوسا إلى "مظاهرات حاشدة" يوم الثلاثاء، احتشد فيها عدة مئات من أفراد القبيلة وأنصارهم جنوبي العاصمة الخرطوم، حاملين لافتات كُتب عليها "لا لقتل الهوسا" و"القصاص لشهداء النيل الأزرق".

وتُعَدّ قبيلة الهوسا من أكبر قبائل السودان، إذ يبلغ تعدادها نحو ثلاثة ملايين، وهم مسلمون يتحدثون لغة خاصة بهم ويعتاشون أساساً من الزراعة، كما ينتشر أفراد القبيلة في عدد من البلدان الإفريقية، وصولاً إلى نيجيريا وتوغو في أقصى غرب للقارة.

مَن الهوسا؟ وما مطالبهم؟

في 11 يوليو/تموز الجاري شهدت منطقة النيل الأزرق مواجهات مسلحة بين أفراد قبيلة الهوسا وخصومهم من قبيلة البرتي، حول ملكية أراضٍ زراعية، حسبما ذكرت "فرانس بريس". وتتباين وتتباين الروايات حول أسباب اندلاع النزاع.

وكان المدير التنفيذي لمحلية قيسان بولاية النيل الأزرق أمير عيسى زائد، صرّح لـ"راديو تمازج" المحلي، بأن اندلاع الاشتباكات القبلية بدأ عندما عُثر على أحد الرعاة من الهوسا ميتاً داخل أرضٍ زراعية تابعة لقبيلة البرتي.

وقال وزير الصحة في النيل الأزرق جمال ناصر، لوكالة "فرانس برس"، إن "عدد الضحايا (جراء الاشتباكات القبلية) بلغ وفق آخر إحصائية (يوم الأربعاء) من لجنة الطوارئ 105 قتلى و291 جريحاً". ويطالب أفراد قبيلة الهوسا عبر احتجاجات عنيفة يقودها أفرادها في عدد من المحافظات السودانية، بالقصاص لدماء قتلاهم.

وتنتشر قبيلة الهوسا في مختلف مناطق السودان، لكن تركيزهم الأكبر في محافظة النيل الأزرق جنوبي البلاد. ويُقدَّر عدد الهوسا السودانية بنحو 3 ملايين فرد، ويعتاشون أساساً من الزارعة، كما يشاركون في الحياة العامة السودانية، ومنهم مسؤولون سياسيون ووجوه فن وثقافة ورياضة. ويتحدث الهوسا لغتهم الخاصة، ويمارسون عاداتهم التقليدية التي تميزهم من باقي قبائل البلاد.

وتختلف المصادر التاريخية في تحديد الحقبة التي استوطن فيها الهوسا السودان، لكن أقدم توثيق تاريخي لوجودهم يعود إلى ما قبل 500 سنة، أي في عهد المملكة الزرقاء بالسودان.

علاوة على كل هذا، تُعَدّ قبيلة الهوسا إحدى أكبر القبائل الإفريقية، إذ تنتشر بكل دول منطقة الساحل وغرب إفريقيا. وفي نيجيريا ما يقدر بـ48 مليوناً من أفراد الهوسا، و9 ملايين فرد في النيجر، وأقلّ تعداد لهم بالكاميرون حيث يبلغ 450 ألف فرد.

نزاعات قبلية بفعل فاعل؟

يرى نشطاء الثورة السودانية ومسؤولون في المعارضة أن هذه النزاعات القبلية تخدم العسكريين وحلفاءهم من الحركات المسلحة السابقة في دارفور، الذين يستغلون عدم الاستقرار الأمني للضغط من أجل الحصول على مكاسب سياسية.

وقال العضو السابق بمجلس السيادة الانتقالي السوداني محمد الفكي سليمان، إن مشكل النزاعات القبلية "في الخرطوم لا في النيل الأزرق"، محمّلاً النظام العسكري الحاكم مسؤوليتها.

وأضاف الفكي أن "الأقاليم هي من يدفع ثمن تلك المشكلات (السياسية في الخرطوم) والخلافات من دم أبنائها واستقرار أهلها". وعلّل قوله رابطاً بين ما يحدث اليوم وما حدث سابقاً في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين اندلعت نزاعات مشابهة في إقليم بورتسودان شرقي البلاد، "آنذاك كان التحضير للانقلاب يمضي على قدم وساق، وأثبتت الأيام صدق ما قلناه".

ونفى المتحدث باسم الجيش السوداني العميد ركن نبيل عبد الله في حديث لـ"ألترا سودان"، كل الموجهة إلى الجيش بضلوعه في تحريك خيوط النزاعات القبلية بالنيل الأزرق، قائلاً إن "هذه الاتهامات مردود على أصحابها وغير منطقية، لأن الدولة لا يمكن أن تتسبب في توترات واضطرابات تعرّض أمنها الوطني للخطر وتهدِّد بقاء الدولة نفسه".

واعتبر المتحدث أن الصراعات القبلية في بعض المناطق السودانية "ليست أمراً جديداً"، ورجعها إلى تعقيدات اجتماعية قال إنها "معروفة".

TRT عربي