نفاد مخزون أم خوف استراتيجي.. لماذا يتباطأ الغرب في تزويد أوكرانيا بالسلاح؟ (Cpl. Austin Fraley/AFP)
تابعنا

بينما تتزايد المخاوف من مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا التي يلوِّح قادتها بين الفينة والأخرى بسيف النووي بوجه من يهدد الأمن والمصالح الروسية، تناقلت وسائل الإعلام الغربية أخباراً وتحليلات تفيد باستعداد الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لإبطاء المساعدات العسكرية عالية التقنية إلى أوكرانيا.

وفي الوقت الذي يشير فيه بعض الخبراء إلى نقص بمخزونات السلاح يرى بعض آخر أن الدافع الأساسي لهذه الخطوة المحتملة تحرُّك استراتيجي نابع من مخاوف توسع المواجهة مع روسيا مباشرة وانتقال الحرب إلى بعد عالمي لا يقتصر على الأراضي الأوكرانية وحسب. ناهيك بالصراعات المحتملة بين الصين وتايوان -التي تعهدت واشنطن بحمايتها- أو التصعيدات الأخيرة القادمة من جهة كوريا الشمالية.

وتعهد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بتقديم دعم غير محدود لأوكرانيا والوقوف إلى جانبها إلى أجل غير مسمى خلال "جميع الفصول"، وذلك في معرض حديثه الأربعاء إلى مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية في بلجيكا، لكنه عاد وأشار في نهاية الأسبوع إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يواجهون مشكلة بمواكبة طلب أوكرانيا للأسلحة المتطورة التي تحتاج إليها لمواجهة الهجوم الروسي.

مخزونات محدودة

مؤخراً طفت على السطح تحذيرات من خطر انخفاض مخزونات الولايات المتحدة من الذخائر المتطورة منذ أن بدأت الولايات المتحدة المساهمة بالدفاع عن أوكرانيا عن طريق المنح التي بلغت قيمتها بعامةٍ نحو 16.8 مليار دولار من الأسلحة والمساعدات، وشملت عشرات الذخائر وأنظمة الأسلحة المختلفة، ومنها: 142 مدفع هاوتزر عيار 155 ملم و880 ألف طلقة ذخيرة لها، بالإضافة إلى آلاف من مدافع جافلين المضادة للدبابات وستينغر المضادة للطائرات و60 مليون طلقة من الرصاص، وفقاً لوكالة أسوشيتيد بريس.

في معظم الحالات تكون الكميات الممنوحة لأوكرانيا صغيرة نسبياً مقارنة بالمخزونات الأمريكية وقدرات الإنتاج. ومع ذلك فإن بعض المخزونات الأمريكية وصلت إلى الحد الأدنى من المستويات المطلوبة لخطط الحرب والتدريب، وفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS).

وحسب تقرير نشره موقع CNBC يبلغ مستوى الإنتاج الطبيعي لقذائف المدفعية لمدفع هاوتزر عيار 155 ملم، وهو سلاح مدفعي ثقيل طويل المدى يُستخدم حالياً بساحات القتال في أوكرانيا، نحو 30 ألف طلقة سنوياً في وقت السلم، علماً بأنها نفس الكمية التي يستخدمها الجنود الأوكرانيين في غضون أسبوعين تقريباً.

وإلى جانب المخزونات المحدودة لا يزال عدد من الأسلحة المتقدمة عالية التقنية التي تريدها أوكرانيا وترفض الولايات المتحدة توفيرها حتى الآن، على الرغم من ضغط القادة الأوكرانيين للحصول على أنظمة الدفاع الجوي والأسلحة بعيدة المدى للحفاظ على الزخم في هجومهم المضاد ضد روسيا والرد على هجمات موسكو المكثفة، بسبب الحساسيات السياسية مع روسيا أو خوفاً من تسرب التكنولوجيا السرية إذا ما وقعت هذه الأنظمة بيد الروس، وفق مراقبين.

بدائل منخفضة المستوى

على الرغم من تأكيد أوستن أن بلاده حفزت استثمارات جديدة في قواعدها الصناعية لتلبية المتطلبات الدفاعية لأوكرانيا للأشهر والسنوات الصعبة القادمة، إلا أن الباحث مارك كانسيان الذي تحدث مع موقع فوكس نيوز أشار إلى أن الولايات المتحدة ستبدأ على الأرجح تلبية طلب أوكرانيا بإرسال بدائل منخفضة المستوى، مثل مدافع الهاوتزر الأخف وزناً التي يمكن استخدامها ولكن ليس ما تسعى إليه أوكرانيا.

في حالات أخرى قد لا يكون لدى الولايات المتحدة الكثير لتقدمه، إذ قال كانسيان المستشار بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إنه في حين وجود حديث عن تقديم الولايات المتحدة مزيداً من معدات الدفاع الجوي لا يوجد كثير يمكنها تقديمه في هذا المجال.

وعلق كانسيان قائلاً: "إنه يقرأ تعليقات أوستن باعتبارها علامة على أن أيام منح الولايات المتحدة لأوكرانيا أفضل ما لديها قد ولت". وأضاف: "لقد أكد (أوستن) ما أعتقد، أننا سنواصل دعم أوكرانيا لكن سيتعين علينا ذلك بطرق مختلفة، كتوفير البدائل، أو قد نضطر إلى شراء أشياء من آخرين، أو سيستغرق الأمر وقتاً أطول". مشيراً إلى أنه قد يكون عاملان أساسيان يلعبان دوراً مهماً في هذا الواقع.

نفاد مخزون أم خوف استراتيجي؟

في تقرير نشره منتصف سبتمبر/أيلول الماضي على موقع (CSIS) لفت كانسيان إلى مخاوف تتعلق بمخزون الأسلحة لأن الولايات المتحدة بحاجة إلى أنظمة كافية لتجهيز الوحدات التشغيلية ومقداراً معيناً لأعمال التدريب والصيانة.

وقال إنه "من الناحية النظرية يمكن للولايات المتحدة أن تأخذ بعض الأنظمة من وحدات النشر المتأخرة. ومع ذلك، ستكون مخاطر. سيكون تدريب الوحدة أكثر صعوبة دون مجموعة كاملة من المعدات، وقد تتباطأ معها أعمال التعبئة".

وبالنسبة إلى الذخائر تحتاج الولايات المتحدة إلى الاحتفاظ بمخزونات لدعم خطط الحرب التي قد تكون صراعاً مع الصين على تايوان أو في بحر الصين الجنوبي أو ربما مع كوريا الشمالية، وفق تقديرات مراقبين.

ورغم أنه يمكن لصانعي القرار تعديل الافتراضات وبالتالي تحرير مخزون إضافي لإرساله إلى أوكرانيا فإن تطوير خطة الحرب هي عملية بيروقراطية معقدة يشارك فيها عدد من أصحاب المصلحة، لذا فإن مراجعة الافتراضات والمتطلبات تستغرق وقتاً وجهداً، فضلاً عن عدد من الاعتراضات.

وبينما يلمح المسؤولون الأمريكيون إلى محدودية الإمدادات يرى بعض المحللين أنه لا يزال مجال لتقديم مزيد، وأن التباطؤ يرجع إلى حسابات مختلفة لإدارة بايدن. فحسب مساعد في الكونغرس رفض الكشف عن هويته يمكن تفسير ملاحظات أوستن على أنها إشارة إلى أن الإدارة قلقة أكثر فأكثر بشأن تجاوز الخط الذي قد يفرض مواجهة مباشرة مع روسيا.

TRT عربي
الأكثر تداولاً