هُددوا بالطرد إن غادروا مقر العمل.. ما حقيقة موت ضحايا إعصار كنتاكي؟ (Evelyn Hockstein/Reuters)
تابعنا

شهد عدد من الولايات الأمريكية خلال الأيام الماضية أعاصير مدمرة ومميتة، تسببت في إلحاق أضرار بالغة للعديد من المنازل والمنشآت والمزارع، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والمصابين.

وبينما لا تزال جهود فرق الإنقاذ والسلطات المحلية في ولاية كنتاكي، الولاية الأكثر تضرراً، وعدداً من الولايات الأمريكية الأخرى، مستمرة إلى حدود اللحظة في البحث عن الناجين، وإغاثة المصابين، بدأت بعض الحقائق المروعة التي كشفتها شهادات الناجين تطفو على السطح، وتحيل إلى أطراف خفية، قد ساهمت في تعميق الكارثة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

ولعل حقيقة ما وقع في مستودع أمازون في إيلينوي ومصنع الشموع في كنتاكي اللذين كانا قد شهدا خلال الأيام الماضية، عدداً كبيراً من الإصابات والقتلى جراء الإعصار، واحدة من شواهد "اللاإنسانية" و"الاضطهاد" التي أماط عنها العمال الناجون اللثام لاحقاً.

الربح مقدم على سلامة العمال

أعلنت السلطات المحلية في ولاية كنتاكي الأمريكية، أن عشرات الأشخاص قد لقوا حتفهم جراء الأعاصير المدمرة، خلال الأيام القليلة الماضية. وكان من بين الضحايا، عمال مصنع الشموع.

ووفق الأرقام الأولية فقد توفي حوالي 6 عمال في المصنع، فيما تمكنت فرق الإنقاذ من إنقاذ أكثر من 40 شخصاً من بين حوالي 110 ما زالوا عالقين، ولا يعلم حقيقة ما إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة.

وأفاد حاكم ولاية كنتاكي آندي بَشير بأن:" العثور على أي شخص آخر على قيد الحياة سيكون معجزة."

ولم يكن مصنع الشموع في كنتاكي الوحيد الذي فقد عماله أثناء الإعصار، حيث أكدت تقارير السلطات المحلية أيضاً، وفاة حوالي 6 عمال في مستودع أمازون في إلينوي.

وأثارت هذه الأرقام، استغراب وتساؤلات الكثيرين، عن سبب وجود العمال في هذه المؤسسات لحظة هبوب إعصار مدمر ومميت.

وقد أجاب بعض عمال المصانع الناجين عن ذلك، في حديث إلى الصحف المحلية والأجنبية، وأكدوا بأنهم قد أجبروا على البقاء في عملهم وتلقوا أوامر بعدم المغادرة. حيث هدد مديرو مصنع الشموع في كنتاكي موظفيه بالطرد إذا غادروا المكان، وبدوره منع مستودع شركة أمازون العمال من المغادرة.

ولم يكن تهديدهم بالطرد وقرار منعهم من المغادرة هو الأسوأ فقط، فقد أجبر العمال، وفق شهادتهم، على البقاء في منشآت تفتقر كذلك إلى إجراءات السلامة المهنية. وبالتالي فإن بقاءهم هو من باب المجازفة من أجل الحفاظ على وظيفتهم.

واعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن غياب نقابة لحماية الموظفين والعاملين في هذه المنشآت، قد بسط أيدي أرباب العمل للمزيد من اضطهادهم، ودفع العاملين في المقابل إلى التخوف من الوقوف في وجه المديرين الذين طلبوا منهم البقاء والمجازفة بحياتهم.

ووفق ما أشارت إليه الصحيفة، فإن شركة أمازون على غرار الكثير من الشركات الأمريكية، قد حاربت بدورها وجود هذه النقابات، وتورطت في التجسس على عمالها واستأجرت مستشارين باهظي الثمن ومناهضين للنقابات، حيث إنها تعلم أنه يمكن لهذه الهياكل أن تهدد مصالحها، وتجبرها على الالتزام بكثير من التعهدات تجاه الموظفين والعاملين لديها، على حد تعبير الغارديان.

ولفت ناشطون، إلى أن هذه المؤسسات تغلب مصلحتها ولغة الربح، على سلامة موظفيها ومصلحتهم. حيث إن شركة كشركة أمازون، أو مصنع الشموع، كان بإمكانهما ببساطة إتخاذ قرار الإغلاق المؤقت، عند اقتراب الإعصار المميت، لكن تجميع الثروة لمالكيهم وخوفهم من خفض أرباحهم المليارية، قد جعلهم يتغاضون عن حياة البسطاء ويقامرون بسلامتهم، وألقوا بهم بذلك في مهب الريح.

كارثة إنسانية

لا تخفي السلطات الأمريكية مخاوفها من مزيد ارتفاع ضحايا الأعاصير التي اجتاحت عدداً من الولايات الأمريكية خلال الأيام الماضية، وبخاصة ولاية كنتاكي التي باتت تعد ولاية منكوبة.

وقد وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الأعاصير الأخيرة بأنها من أقوى الأعاصير التي عرفتها الولايات المتحدة في تاريخها. وتعهد بمساعدة الحكومة الفيدرالية لهذه المناطق المتضررة وتسخير كل الإمكانيات لذلك.

وأعلن في الأثناء عن حالة الطوارئ، وفتحت الملاجئ لاستقبال النازحين الذين تضررت منازلهم. ولا تزال فرق الإنقاذ في الأثناء تحاول أيضاً البحث عن المزيد من الناجين، وسط يأس حكومي من مزيد ارتفاع حصيلة الضحايا.

وفي معرض حديثه عن الأضرار التي لحقت بالمدينة وأعداد الضحايا قال حاكم ولاية كنتاكي آندي بَشير: "الخسائر في الأرواح في مصنع مايفيلد للشموع يمكن أن تتجاوز خسائر أي إعصار في مكان واحد في تاريخ الولاية"

وأضاف قائلاً: "إنه "وضع مؤلم للغاية" في المصنع، حيث تفاقمت صعوبات البحث في المبنى المنهار بسبب البراميل التي تسرب منها سائل مسبب للتآكل."

TRT عربي