تطبيقات الهواتف الذكية صديقة لمرضى القلب (AP)
تابعنا

يتسارع اهتمام كبار مصنّعي الهواتف الذكية والتكنولوجيا الصينيون إلى الإنتاج داخل الأراضي التركية من خلال بناء المصانع وخطوط الإنتاج الحديثة، بالإضافة إلى بناء شراكات عمل استراتيجية مع الشركات التركية. ويُذكر أن اثنين من كبار اللاعبين في هذا المجال قد أعلنا مؤخراً قرب بدء الإنتاج في تركيا خلال الأشهر القليلة القادمة.

ونجحت تركيا في جذب عدد جيد من مصنّعي التكنولوجيا العالميين للاستثمار والإنتاج داخل أراضيها نتيجة لما تملكه من اقتصاد يحقّق مستويات نموّ بشكل مستقر، ولمكانها الاستراتيجي الرابط بين آسيا وأوروبا، بالإضافة إلى سوقها الاستهلاكية الكبيرة ولامتلاكها خبراء وقوى عاملة مدربة في هذه المجالات.

وما تملكه تركيا من بنية تحتية صناعية متطورة ورقمية قوية ولوجستية سريعة وفاعلة وخبرات شابة مدرَّبة على أعلى المستويات، كل هذه العوامل وأكثر تشجع المستثمرين الأجانب في مجالات التكنولوجيا وغيرها من المجالات لأخذ قرارات الاستثمار في تركيا بشكل فعال وسريع، حسب ما ذكره رئيس مكتب الاستثمار في الرئاسة التركية السيد بُراق داغلي أوغلو.

تركيا تستقطب عمالقة مصنّعي التكنولوجيا

أعلن وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك، إن شركات عملاقة من الصين والشرق الأقصى تعمل في مجال صناعة الهواتف الذكية، تعتزم بدء الإنتاج في تركيا اعتباراً من فبراير/شباط المقبل، حسب تصريح له لوكالة الأناضول، إذ أعلنت مؤخراً شركة "Oppo" الصينية نيتها استثمار 50 مليون دولار أمريكي لإنشاء مصنع خاصّ لتصنيع أجهزتها ليكون قاعدة تصنيع خاصة بالسوق المحلية والأوروبي. وحسب موقع بلومبرغ الناطق بالتركية فإن شركة سامسونغ العالمية ستلحق قريباً بركب مصنّعي أجهزه الهواتف الذكية المستثمرين بتركيا من خلال شراكات مع مصنعين أتراك.

وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك (AA)

ولحق بعد ذلك تصريح شركة "Tecno" الصينية عن استثمارها 25 مليون دولار أمريكي في المصنع الذي أُسّس بمنطقة بينديك بإسطنبول، وسيُنتَج أول هاتف ذكي لها بتركيا في شهر مارس/آذار المقبل. وحسب تصريح الشركة فإن مصنع تركيا يهدف بالأساس إلى خدمة المستهلك التركي من خلال ضمان الجودة ولتقديم أسعار منافسة بطبيعة الحال، وسيُستخدم المصنع أيضاً لتلبية احتياجات السوق الأوروبية.

وتُعتبر تركيا مكاناً استراتيجياً لمصنّعي التكنولوجيا، لمكانها الاستراتيجي الذي يسمح للمستثمرين بالوصل إلى أسواق متنوعة، بالإضافة إلى قطار طريق الحرير الجديد الذي يصل الصين بالأسواق الأوروبية من خلال مروره بالأراضي التركية وما يقدمه من خدمات لوجستية لإيصال البضائع والأجهزة بكل سهولة ويسر.

بالإضافة إلى ما تقدمه تركيا من تسهيلات ضريبية لتشجيع الاستثمارات على أراضيها، فإنها تقدّم وتخصص مناطق تجارة حرة بمختلف المدن التركية، كما يوجد مناطق خاصة بشركات التكنولوجيا تحوي أيضا مراكز أبحاث وتطوير خاصة بالجامعات التركية لتشجيع الطلبة والخريجين الجدد على الابتكار ولتهيئتهم لسوق العمل.

سوق الهواتف الذكية في تركيا

حسب الإحصاءات الصادرة عن هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التركية للربع الثالث من عام 2020، فقد بلغ عدد الهواتف النقالة المستخدمة أكثر من 82 مليون جهاز، في حين وصل عدد مستخدمي الإنترنت من خلال الهواتف النقالة إلى ما يقرب من 64.5 مليون. وحقّق الربع الثالث من عام 2020 زيادة بمقدار 12.4% في حركة المكالمات عبر الهواتف النقالة بالمقارنة بنفس الربع من عام 2019 لتصل إلى نحو 79 مليار دقيقة.

وحقّق الربع الثالث من عام 2020 مبيعات بنحو 3.6 مليون جهاز جديد، وقد استحوذت ثلاث شركات صينية على قائمة العلامات التجارية الأكثر مبيعاً في تركيا، إذ احتلت شركة "Xiaomi" المرتبة الأولى بحصة سوقية تبلغ 26%، وشركة "Huawei" في المرتبة الثالثة بحصة 18%، في حين احتلت شركة "Oppo" المرتبة الخامسة بنسبة تصل إلى 7%.

وفي ديسمبر/كانون الثاني من العام الماضي طرحت شركة "Tecno" الصينية للسوق التركية ثلاثة طرازات من أجهزتها للهواتف الذكية، في خطوة منها لاستكشاف السوق، لحقها بعد ذلك بفترة وجيزة قرار بدء التصنيع في تركيا مع شريك محلي لإنتاج جهاز محلي يلبّي احتياجات وتطلعات المستهلك التركي.

وتُعَدّ السوق التركية سوقاً واعدة، بما يغري كبار وعمالقة صناعة الأجهزة الإلكترونية العالميين لأخذ حصة من هذه السوق من خلال الاستثمار المباشر عبر فتح خطوط إنتاج لتصنيع منتجاتهم في تركيا أو من خلال الشراكات الاستراتيجية مع المصنعين الأتراك.

اقتصاد تركيا ما بعد كورونا

تسعى تركيا لاحتلال مكان متقدم في النظام الاقتصادي العالمي الجاري تشكيله لفترة ما بعد كورونا، كما تحاول تطويع واستغلال المشكلات الناتجة جراء الوباء وتحويلها إلى فرص أعمال ذات بعد اقتصادي، هذا ما أكّده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطابه أمام وفد من "اتحاد رجال الأعمال الشباب التركي" في مدينة إسطنبول الأسبوع المنصرم، حين قال: إن بلاده "ستصبح لاعباً مهماً في النظام العالمي الجديد، بفضل الحملات والخطوات التي ستتخذها في القطاع الاقتصادي".

ويرى صناع السياسة الاقتصادية في البلاد أن على الشركات التركية المحافظة على جودة منتجاتها ورفع مستويات المنافسة مع الشركات العالمية، كما تشجعهم على الاستثمار في مجالات الابتكار والتطوير دوماً، بالإضافة إلى تعزيز قدرة التصدير لديهم. وأوضح أردوغان ذلك من خلال قوله إن "الشركات التي ركزت على الأسواق الداخلية فقط في ظل كورونا، تأثرت سلباً بتبعات الجائحة، في حين تجاوزت الشركات التي ركزت على الابتكار والتصدير المرحلةَ بأقل الأضرار".

وأضاف أردوغان أن "تركيا ستكتب في فترة ما بعد كورونا قصة نجاح جديدة عبر موقعها الجغرافي وشبكاتها اللوجستية وقدراتها الصناعية ومواردها البشرية"، إذ تدرك تركيا قيمة موقعها الاستراتيجي لكونها الجسر الرابط بين الأسواق الآسيوية من طرف والأوروبية من الطرف الآخر، لذلك أولت توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع بريطانيا أواخر العام الماضي اهتماماً خاصاً، كما تسعى لتحديث شروط اتفاقية الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي الموقَّعة سابقاً.

وبقدر الجهود التي تبذلها الحكومة التركية لتشجيع وتحسين قدرة المستثمر المحلي، فإنها أيضاً تسعى على الدوام لجذب الاستثمارات الأجنبية، خصوصاً المستثمرين في المجالات التكنولوجية ومصنّعي المنتجات ذات القيمة المضافة العالية في القطاعات المختلفة، بما يسهم في كسب الخبرات الحديثة والمتطورة، ولرفع كفاءة مهندسيها وقواها العاملة، بما يعود بالنفع على الاقتصاد التركي في ما بعد.

TRT عربي
الأكثر تداولاً