ستتخذ ميتا خطوات جريئة لجعل صورها الرمزية المستخدمة في الواقع الافتراضي والواقع المعزز أقرب من الحياة الواقعية من خلال منحهم أرجلاً (Others)
تابعنا

منذ ما يقارب عاماً كشف زوكربيرغ عن طموحاته الكبيرة بالتحول إلى تكنولوجيا الميتافيرس كونها ستشكل مستقبل الإنترنت في الحقبة اللاحقة. تعرضت خطوته لانتقادات كثيرة وصفت من النقاد بأنها غير واقعية حتى وصل الأمر إلى السخرية من أن الصور الرمزية الرقمية ثلاثية الأبعاد التي تهدف إلى محاكاة أجسادنا تفتقر حتى الآن إلى الأطراف السفلية. وتعرض زوكربيرغ للسخرية في أغسطس/آب الماضي عندما شارك صورة رمزية له تُظهر فقط الجانب العلوي من جسده بينما كان جانبه السفلي في عِداد الغيب.

لم يرضخ زوكربيرغ لهذه الانتقادات فأعلن بعد فترة وجيزة أن شركته بصدد إعلان تحديثات جديدة بنظامها للرسم ثلاثي الأبعاد الذي يحاكي التجسيد الإنساني في ميتافيرس. جاء الإعلان الثلاثاء الماضي بمؤتمر Meta Connect السنوي عندما أكد أن الأطراف السفلية ستكون متاحة بعالم ميتافيرس. "أعلم أنكم كنتم تنتظرون هذا. كان الجميع ينتظر هذا" حسب النسخة المحسنة من أفاتار بصري يحاكي زوكربيرغ في العرض التمهيدي من المؤتمر، "لكن لأكون واقعياً فإن الأرجل صعبة ولهذا السبب لا تمتلكها أنظمة الواقع الافتراضي الأخرى أيضاً".

تبدو قضية الأرجل تافهة لكنها حاسمة للشركة ورهاناتها على تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز. تدرك شركة ميتا أهمية هذه التفاصيل الدقيقة للمراقبين من المستخدمين والمستثمرين. إنها تفاصيل هامة على مستوى إثارة الدهشة التي باتت تفقدها ميتا طيلة العام الماضي، فضلاً عن أهميتها الاقتصادية بالنظر إلى الخسائر التي تعرضت لها أسهم الشركة بالفترة ذاتها. إن نجاح ميتا يتوقف الآن على حل المشكلات البصرية التي قد تبدو بسيطة لكنها شديدة التعقيد. فالشركة تحتاج إلى أن تثبت لموظفيها أيضاً أنها على قدر الرهان، إذ بات عدد متزايد من موظفيها يشكك برهانات الشركة على تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز.

السبب الذي يجعل من الصعب جداً على شركة ميتا إنشاء الأطراف السفلية في ميتافيرس هو أن سماعات الواقع الافتراضي والواقع المعزز AR/VR لا تدعم حالياً سوى حركات الجزء العلوي من جسم الإنسان مثل الأيدي وإيماءات الوجه.

لذلك ليس لدى الشركة حالياً طريقة لمعرفة ما تفعله أرجلنا عندما نربط إحدى سماعاتها حتى تلك الأكثر تطوراً وهي من طراز Quest Pro التي طرحت في الأسواق مؤخراً. وقد أعلنت الشركة أن الأطراف السفلية ستضاف كخطوة أولى إلى بيئتها الاجتماعية المسماة Horizon Worlds ثم ستتوسع لاحقاً لتشمل تطبيقات أخرى. مع هذا لم توضح الشركة متى هذا الطرح إذ يبدو أن حل معضلة الأرجل لا يزال يمثل تحدياً تقنياً شديد التعقيد.

في السياق ذاته ألقى زوكربيرغ ببعض التلميحات حول الكيفية التي سوف تسعى بها ميتا لحل هذه المعضلة التقنية إذ سيستخدم الذكاء الاصطناعي التنبئي لتخمين ما قد تفعله الأطراف السفلية بناء على حركات الجزء العلوي من الجسم. حتى الآن لم تتمكن أي من شركات الواقع الافتراضي والواقع المعزز من ذلك. لكن ولإمكانيات شركة ميتا الضخمة بما تحويه طاقم مهندسين هو الأكثر احترافية بالعالم وميزانية تقدر بـ10 مليارات دولار سنوياً لصالح هذه التكنولوجيا فإن لدى ميتا فرصة لأن تحدث اختراقاً بهذا الملف المعقد.

وتؤكد شركة ميتا أنها لا تحسن الصور الرمزية من خلال إضافة الأرجل فقط، لكنها ستحسن رسوماتها المرئية على نطاق أوسع. فقد قالت الشركة الثلاثاء إن سماعاتها الجديدة المتطورة من طراز Quest Pro ستزود بمستشعرات خاصة لتتمكن من تتبع حركات العين وتعبيرات الوجه، مما يسمح بتعبيرات أكثر واقعية على الصور الرمزية (الأفاتار). وستشمل التحديثات مزيداً من الإكسسوارات والملابس، فضلاً عن خيارات العمق والتظليل التي ستمنح الصورة جاذبية أكثر وتجعلها أقرب إلى الصورة الواقعية.

تسابق شركة ميتا الزمن من أجل التوصل إلى حل لمعضلة الأجزاء السفلية على ميتافيرس، فالمنافسة محتدمة بين عمالقة التكنولوجيا حول تكنولوجيا الواقع المعزز والواقع الافتراضي. ورغم أن شركة ميتا وقَّعت عقد شراكة مع شركة ميكروسوفت في 11 أكتوبر/تشرين الأول لتحميل برنامجها Office 365 على سماعات Meta Quest Pro فإن منافسة شرسة تلوح في الأفق مع سعي شركة Apple لطرح سماعتها ثلاثية الأبعاد في الأسواق قريباً.

ليس من المبالغ فيه القول إن بقاء شركة ميتا واقفة على قدميها يعتمد على "أرجل" الميتافيرس التي يجب أن تطورها سريعاً لتلبية رغبة الجمهور في اختبار عالم افتراضي يحاكي العالم الواقعي بكل تفاصيله. هذا التحدي الذي أخذه مارك على محمل الجد عندما أنجز "القفزة الهائلة" إلى عالم الميتافيرس.

TRT عربي
الأكثر تداولاً