تابعنا
هذه المرة الثانية التي يحتضن فيها استاد أتاتورك الأولمبي نهائي المسابقة القارية، التي تعد أعرق البطولات على مستوى الأندية في أوروبا وأكثرها شعبية وجماهيرية.

تتجه أنظار عشاق كرة القدم في جميع أرجاء العالم إلى استاد أتاتورك الأولمبي" في تركيا، مساء الـ10 من يونيو/حزيران الجاري لمتابعة نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بين "مانشستر سيتي" الإنجليزي و"إنتر ميلان" الإيطالي.

وهذه المرة الثانية التي يحتضن فيها استاد أتاتورك الأولمبي نهائي المسابقة القارية، التي تعد أعرق البطولات على مستوى الأندية في أوروبا وأكثرها شعبية وجماهيرية، وذلك بعد نهائي 2005 الذي لا يزال عالقاً في أذهان جماهير "الساحرة المستديرة".

ماذا تعرف عن الملعب؟

يقع أتاتورك الأولمبي في "إيكيتلي" ضمن منطقة "باشاك شهير"، وهي منطقة حديثة ومتطورة على مستوى البنية التحتية ومُخدّمة بوسائل نقل سريعة، وذلك في القسم الأوروبي من مدينة إسطنبول.

يعتبر الاستاد الأولمبي، الذي بدأ تشييده في عام 1999، واكتمل بناؤه في 2002، أكبر ملاعب كرة القدم في تركيا، وتبلغ طاقته الاستيعابية 77 ألفاً و87 شخصاً بحسب الموقع الرسمي للملعب، وافتتح رسمياً في 31 يوليو/تموز 2002 بمباراة ودية جمعت فريقي "غلطة سراي" التركي و"أولمبياكوس" اليوناني.

استاد أتاتورك الأولمبي (الموقع الرسمي) (Others)

يلبي الملعب متطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم، كما يُلبي أيضاً معايير نظيره لألعاب القوى واللجنة الأولمبية الدولية، حيث يحتوي على مسار خاص بألعاب القوى مكون من 9 حارات، علاوة على وجود ملعبَين مُضاءين للتدريب والألعاب الرياضية.

وبناءً على كل هذا صنّفه الاتحاد الأوروبي للعبة في 2004، مجمعاً رياضياً من فئة 5 نجوم، ما يعني أنه مؤهل لاستضافة مختلف المسابقات الأوروبية التي تقام باسم اليويفا.

كانت تركيا قد شرعت ببناء الاستاد على مساحة تُقدر بـ584 هكتاراً، في إطار مساعيها للحصول على حق تنظيم دورة الألعاب الأولمبية في عام 2008، لكن الأسرة الرياضية الدولية منحت العاصمة الصينية بكين استضافة تلك النسخة الأولمبية.

لا يقتصر نشاط الاستاد، الذي بلغت تكلفة تشييده 140 مليون دولار، على استضافة مباريات في كرة القدم فحسب، حيث تقام فيه جميع أنواع الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية، فضلاً عن وجود بنية تحتية لتدريب الرياضيين والمدربين.

ويعتبر استاد أتاتورك الأولمبي ملعباً بيتياً وأساسياً لمنتخب تركيا الأول، حيث يخوض عليه معظم مبارياته في التصفيات القارية المؤهلة لكأس أمم أوروبا وكأس العالم، كما اختارته أندية تركية على غرار "غلطة سراي" و"إسطنبول باشاك شهير" للعب على أرضية ميدانه في سنوات ماضية لحين الانتهاء من عملية تجديد ملعب الأول وانتهاء بناء ملعب الآخر.

وشهد الاستاد في 22 سبتمبر/أيلول 2013 رقماً قياسياً لا يزال صامداً حتى الآن على مستوى الحضور الجماهيري في مباريات كرة القدم التركية، إذ حضر 76 ألفاً و127 متفرجاً مباراة ديربي بين الغريمين فريق "غلطة سراي" وفريق "بيشكتاش" ضمن الدوري التركي الممتاز.

قصته مع نهائي "الأبطال"؟

يرتبط الملعب بالذاكرة الأوروبية لكونه احتضن أحد أكثر نهائيات دوري أبطال أوروبا إثارةً وتنافسية على الإطلاق، إبان نهائي 25 مايو/أيار 2005 بين ميلان الإيطالي وليفربول الإنجليزي، والذي انتهى لصالح الأخير بعد مباراة دراماتيكية حبست الأنفاس حتى لحظاتها الأخيرة.

أنهى العملاق الإيطالي الشوط الأول متقدماً بثلاثة أهداف ليعتقد الجميع بأن المباراة حسمت وبات صعود "الروسنيري" على منصات التتويج مسألة وقت، لكن ليفربول عدل الكفة بثلاثية سجلها خلال سبع دقائق بالشوط الثاني أعادت الموقعة الختامية إلى نقطة البداية، ليخيم التعادل على الأشواط الأصلية والإضافية حتى ابتسمت ركلات الترجيح لصالح "الريدز" بنتيجة (3-2).

نهائي دوري أبطال أوروبا بين ميلان الإيطالي وليفربول الإنجليزي في 25 مايو/أيار 2005 (Others) (Others)

وبعد 15 عاماً كان من المفترض أن يحتضن استاد أتاتورك الأولمبي نهائي أبطال أوروبا 2020 لكن وباء "كورونا" أجبر الاتحاد الأوروبي للعبة على إقامة الأدوار الإقصائية بدءاً من دور الثمانية بنظام التجمع في العاصمة البرتغالية لشبونة، في ظل تفشي الفيروس.

وفي النسخة التالية، رضخ اليويفا لقرار الحكومة البريطانية بوضع تركيا على "القائمة الحمراء" التي يُمنَع السفر إليها من إنجلترا إلا للضرورة القصوى بسبب جائحة "كورونا"، وطالبت جماهير فريقَي "تشيلسي" و"مانشستر سيتي" المتأهلَين للنهائي بعدم التوجُّه إلى إسطنبول ليقام نهائي 2021 في بورتو البرتغالية، ليكون الاستقرار على إسطنبول لتنظيم نهائي 2023.

وبعد حسم مسألة استضافة الملعب التركي الموقعة الختامية لأشهر بطولات الأندية الأوروبية تواصل بلدية "باشاك شهير" تحضيراتها على قدم وساق من خلال تجهيز منطقة فعاليات المشجعين المجاورة لـأتاتورك الأولمبي، وسط توقعات بحضور جماهيري كبير من مختلف أنحاء أوروبا يعزز ذلك قرب المسافة بين الملعب ومطار إسطنبول إذ يفصل بينهما 32 كيلومتراً فقط.

"معجزة إسطنبول"

يقول المعلق الرياضي الشهير خالد الغول، إن "الأتراك كانت لديهم رغبة كبيرة في تنظيم أولمبياد 2008، حيث أنشؤوا هذا الملعب المجهز بأفضل المرافق الرياضية لكرة القدم وألعاب القوى، لكن بكين ظفرت بالتنظيم في نهاية المطاف".

ويوضح الغول في حديثه لـTRT عربي، أن استاد أتاتورك الأولمبي هو "أكبر ملعب في تركيا، وتحول إلى قبلة لمنتخب تركيا وأنديتها الكروية الشهيرة، كما أنه يستقبل فرقاً خارجية ويشهد مهرجانات واحتفالات".

وحول نهائي 2005، يشير إلى أن التنظيم التركي كان رائعاً ومتميزاً آنذاك تُوّج بمباراة "لا تنسى" سُميت بـ"معجزة إسطنبول"، مستعرضاً في الوقت ذاته التطورات الدراماتيكية التي تناوب عليها ميلان وليفربول، قبل أن يؤكد أن "الفريق الأفضل خسر في تلك الليلة ولكن كرة القدم لا تعترف سوى بالنتائج".

وتوقع أن تنظم تركيا نهائياً رائعاً في 2023 بوجود فريقين مدججين بالنجوم، خاصة مع موقعة إنجليزية إيطالية جديدة على الأراضي التركية تعيد إلى الأذهان نهائي 2005.

الأفضل بالعقد الماضي

بدوره يعتقد المختص في الكرة الأوروبية، معتصم يونس، أن نهائي إسطنبول 2005 كان "الأفضل والأبرز في العقد الماضي بعدما حفل النهائي بأحداث مثيرة وتراجيدية لا تزال راسخة في أذهان عشاق كرة القدم العالمية".

ويوضح يونس في حديثه لـTRT عربي حول تلك الليلة الكروية، أنه ليس كل "نهائي يكون فيه تفاصيل ومنعرجات في ثنايا اللقاء ترسخ في ذهن محبي كرة القدم"، مشيراً إلى أن تلك "الأحداث التي عرفها نهائي 2005 رسّخت أهمية استاد أتاتورك الأولمبي وبات له وزن وثقل كبيرين على المستويين التركي والأوروبي".

وربط بين نهائي إسطنبول 2005 و2023، مبيناً وجود فريق إنجليزي وآخر إيطالي في الموقعتين، وهو ما قد يكون فأل خير لعشاق الكرة الإنجليزية من خلال تحقيق مانشستر سيتي اللقب بعد أن حقق مواطنه ليفربول النسخة الأولى قبل 18 عاماً.

ويعتقد أن الاستضافة التركية لهذا الحدث الكبير "ستكون على أفضل ما يرام"، ولفت إلى أن المباراة النهائية الأوروبية تعد فرصة مثالية "حتى يرى العالم بأسره قدرات الدولة التركية في تنظيم أبرز الأحداث الرياضية وأعرقها".

وفيما يتعلق بالعائدات المنتظرة من استضافة إسطنبول للنهائي الكروي القاري، بيّن يونس أن الكثير من المنافع الرياضية ستعود على تركيا واتحادها في إطار سعيها لتنظيم بطولة كأس الأمم الأوروبية سواءً نسخة 2028 أو 2032، إضافة إلى أن الاقتصاد التركي سيكون من ضمن المستفيدين بخاصة مع قدوم الجماهير من كل حدب وصوب وزيادة الترويج لإسطنبول كوجهة سياحية واستثمارية جذابة.

يشار إلى أن مانشستر سيتي يطمح لتحقيق ثلاثية تاريخية بعد تتويجه هذا الموسم بلقبي الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزي، فيما يُمنّي إنتر ميلان النفس بالثنائية بعد فوزه بكأس إيطاليا على حساب فيورنتينا.

TRT عربي