مجموعة قدامى المحاربين الأوكرانيين في كتيبة آزوف خلال مسيرة في كييف في 14 مارس/آذار 2020. (Getty) (Others)
تابعنا

لا تختلف مقدمة الحرب الهجومية في القرن الحادي والعشرين عن المرحلة الافتتاحية للحروب في العصور السابقة. قبل أن تدحرج الدول ما أسماه بسمارك "النرد الحديدي" للحرب، عادة يكون لديها أسبابها المنطقية، وتبريراتها الخاصة، والإعداد، بالإضافة إلى الإيمان بالنصر. روسيا لديها الثلاثة الأولى، وربما الرابع أيضاً. ويعود الفضل في ذلك إلى كتيبة "آزوف" الأوكرانية.

فإلى جانب الناتو واستفزازهم بضم أوكرانيا إلى الحلف، كانت كتيبة "آزوف" على رأس قائمة الذرائع التي استخدمها بوتين لبدء هجومه الواسع على الأراضي الأوكرانية صباح 24 فبراير/شباط الماضي، مشيراً إلى أن روسيا تقاتل "نازيين جدداً" من أجل إنقاذ الروس والأوكرانيين، معتبراً أن هؤلاء "شعب واحد".

بعد دخول الحرب الاوكرانية أسبوعها الرابع، ما زالت كتيبة "آزوف" القومية تقاتل وتدافع بشراسة عن مدينة ماريوبول، بالإضافة إلى العاصمة كييف وخاركيف ثاني أكبر مدن البلاد. لكن ما قصة هذه الكتيبة؟ ولماذا تثير كل هذا الجدل واللغط منذ تأسيسها عام 2014؟ ومن يقف وراءها؟

"آزوف" حاملة راية النازية

و"آزوف" وحدة مشاة عسكرية جميع منتسبيها من الجناح القومي اليميني المتطرف، متهمين بتبني أيديولوجية النازيين الجدد التي تنادي بتفوق العرق الأوروبي الأبيض. تضم الكتيبة بين صفوفها أكثر من 10 آلاف عضو نشط، حسب أولينا سيمينياكا السكرتيرة الدولية للجناح السياسي في "آزوف".

وإلى جانب آيديولوجيتها المتطرفة، ترفع الكتيبة رايات وأعلام عليها رموز تعود إلى العهد النازي، مثل رمز Wolfsangel الوثني الذي استخدمه النازيون سابقاً وله له دلالة يمينية متطرفة.

ولعل أحد أبرز الأدلة على تبنيهم أفكاراً دينية متطرفة، هو مقطع الفيديو الذي نشره الحرس الوطني الأوكراني على موقع تويتر خلال أيام الحرب الأولى، والذي يظهر مقاتلي "آزوف" وهم يضعون الرصاص بدهن الخنزير لاستخدامه على ما يُزعم ضد المسلمين الشيشان، حلفاء روسيا، المنتشرين في بلادهم.

2014 عام التأسيس

تأسست كتيبة "آزوف" في البداية كمجموعة تطوعية في مايو/أيار 2014 من عصابة "باتريوت أوكرانيا" القومية المتطرفة، ومجموعة "الجمعية الوطنية الاجتماعية النازية الجديدة" (SNA). وفيما بعد بدأت الوحدة اليمينية المتطرفة تكتسب نفوذاً واسعاً بين القوميين المتطرفين بعدما انخرطت في أعمال اعتداء على المهاجرين الأجانب والأشخاص المعارضين لآرائهم.

ظهرت الكتيبة، التي قاتلت على الخطوط الأمامية ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، لأول مرة في مدينة ماريوبول على ساحل بحر آزوف.

فيما شهدت ماريوبول أول تجربة قتالية حقيقية لكتيبة "آزوف"، وذلك بعدما خرجت لمحاربة الانفصاليين الموالين لروسيا بعد سيطرتهم على المدينة في يونيو/حزيران 2014. وتمكنت بعد اندلاع مواجهات عنيفة من استرجاع ماريوبول.

وتثميناً لجهودهم في استعادة مدينة ماريوبول الإستراتيجية الساحلية، دمجت الوحدة رسمياً في الحرس الوطني الأوكراني في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وحصلت على إشادة كبيرة من الرئيس، آنذاك، بترو بوروشينكو. حتى باتت تشكل جزءاً أساسياً من القوات الأوكرانية، ولديها أهداف لقيادة البلاد.

صلاتها بالمتطرفين الأوروبيين

نشرت صحيفة The Guardian البريطانية في 22 فبراير/شباط 2020 تقريراً أشارت فيه إلى أن "آزوف" لم تكتفِ بتصدير ايديولوجيتها المتطرفة إلى الغرب، بل قامت بنشر مقاطع فيديو دعائية على طريقة تنظيمات إرهابية مثل "داعش" لاستقطاب أنصار اليمين المتطرف في أوروبا وتجنيدهم للقتال في أوكرانيا ضد روسيا.

في سياق متصل، نقلت صحيفة The New York Times الأمريكية عن مجموعة "سايت إنتلجنس"، وهي منظمة أمريكية خاصة متخصصة في تعقب الجماعات المتطرفة، تقريراً بحثياً أشارت من خلاله إلى أن الهجوم الروسي على أوكرانيا استنفر قادة ميليشيات أوروبية من اليمين المتطرف، إذ شهد الإنترنت مع بداية الحرب موجة كبيرة لجمع الأموال وتجنيد المقاتلين العازمين على السفر إلى جبهات القتال في أوكرانيا.

تجدر الإشارة أنه على الرغم من أن كتيبة "آزوف"، التي تعتبر أقلية بين القوات الأوكرانية، تتبنى أفكار متطرفة للغاية، فإنها غير معادية لروسيا، بل على العكس، فإن اللغة المشتركة للكتيبة هي الروسية، ومعظم منتسبيها يستخدم الروسية كلغة أولى.

TRT عربي