شطاء يرددون شعارات معادية للحكومة ويرفعون أعلاماً عراقية كبيرة في ميدان التحرير ، في بغداد ، العراق ، الثلاثاء ، 10 كانون الأول (ديسمبر) 2019. (AP)
تابعنا

وحسب المادة 76 من الدستور العراقي تستطيع حكومة العراق الحالية لمدة 30 يوماً الاستمرار في تسيير أعمالها، وعلى رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح، خلال 15 يوماًمن تلك المدة التكليف بتشكيل حكومة جديدة.

رئاسة الجمهورية: الانصياع لمطالب الشارع

حول محاولات رئيس جمهورية العراق برهم صالح، قال الناطق باسم رئاسة الجمهورية سارلار محمود لـTRT عربي: "إن الرئيس يتعامل مع الأزمة بالطرق الدستورية، وقد وصل إليه كتاب من رئاسة البرلمان باليد، ليقوم حسب سلطته الدستورية باختيار من سيتولى تشكيل الحكومة".

وأضاف محمود: "حسب الدستور العراقي، فعلى الكتلة الكبرى سائرون بقيادة مقتدى الصدر، وكتلة الفتح بقيادة هادي العامري، أن تختار مرشَّحاً مناسباً لا سيما أن الوضع حساس. ورئاسة الجمهورية تريد تلبية مطالب المتظاهرين بطريقة تضمن قبول البرلمان العراقي".

وتابع الناطق باسم رئاسة الجمهورية: "كان اختيار رئيس الحكومة العراقية في الـ17 سنة الماضية باتفاق بين الأطراف السياسية ومساومة القوات الخارجية بخاصة إيران وأمريكا، وهذه المرة لن يكون اختيار رئيس وزراء مقبولاً إلا برضا الشعب. ورغم كل ذلك فعدد من النواب العراقيين قاموا بمبادرات لترشيح أنفسهم، وأبرزهم النائب قصي السهيل والنائب محمد شياع السوداني".

الكتل السياسية.. خلافات مستحكمة

وفي تعقيبه على الموقف أدلى النائب عن كتلة سائرون عباس عليوي لموقع TRT عربي قائلاً: "بما أننا الكتلة الكبرى، فقد قدمنا إلى رئيس الجمهورية كتاباً يخوِّل إلى الشعب اختيار رئيس الوزراء وليس الأطراف السياسية، وبالنتيجة لا بُد من اختيار رئيس وزراء يلبي طموح الشارع العراقي".

وأكد عليوي أن "التظاهرات الكبيرة التي انطلقت في عموم العراق، أعطت رسائل ودلائل على أن أداء الكتل السياسية ضعيفة وغير كفأة، لذلك على الكتل السياسية أن تختار رئيس وزراء مطابقاً لمواصفات الشارع العراقي، إضافة إلى تناغم آراء المرجعية مع آراء المتظاهرين".

في ذات السياق كان للكتلة الثانية الأكبر في البرلمان رأي آخر، إذ كشف النائب عن كتلة الفتح عدي عواد، عن ترشيح كتلته وزير التعليم الحالي قصي السهيل، لمنصب رئيس الوزراء الجديد خلفاً لعادل عبد المهدي المستقيل، وهو ما رد عليه الرئيس برهم صالح بالرفض.

وعلى أثر رفض الرئيس العراقي لمرشَّح الفتح برزت أزمة جديدة، إذ عبَّر عواد في تصريحه لـTRT عربي مستاءً بقوله: "إن رئيس الجمهورية حنث باليمين ولم يحترم التوقيتات الدستورية"، لافتاً إلى أن "واجب رئيس الجمهورية الأساسي هو حماية الدستور وهيبته، لكن الرئيس تحايل على التوقيتات الدستورية، ولم يسمِّ رئيساً للوزراء على الرغم من انتهاء المهلة الدستورية".

وعلى صعيد متصل تحدثت الناطقة الرسمية باسم تحالف النصر آيات مظفر لـTRT عربي قائلة: "يجب تحديد شخصية جديدة تكون مستقلة، ويجب عدم اختياره حسب تلك الآليات التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة المضطربة، وتحالف النصر ليس لديهم مرشَّح، والخطة طويلة الأمد لتحالف النصر هي إجراء انتخابات مبكِّرة احتراماً لمطالب الشعب".

من جانبه هدد تيار الحكمة بابتعاده عن المشهد السياسي في حال اختيار شخصية سياسية بحتة، وعدم مراعاة طلبات الشارع المنتفض، وقال مسؤول مكتب العلاقات الوطنية والسياسية في التيار محمد حسام الحسيني لـTRT عربي: "التيار حدّد خياراته منذ البداية بالقبول برئيس وزراء مستقل ولديه مقبولية لدى أبناء الشعب".

وجهة نظر الكتل الكردية كانت اتخاذ دور المحايد للمشهد السياسي في الحكومة المركزية في بغداد، وفي هذا الصدد تَحدَّث النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ديار برواري لـTRT عربي داعياً الكتل السياسية إلى "الأخذ برأي الشارع العراقي في اختيار رئيس الوزراء، وهو الحل الوحيد للخلاص من الأزمة، وتحول الحكومة إلى حكومة خدمات لتلبية مطالب الشعب".

خبراء يعربون عن قلقهم

الباحث في الشأن السياسي أحمد العبيدي، قال لـTRT عربي، إن "رئيس الجمهورية يدرك معنى ترشيح شخصيات سياسية سابقة لرئاسة الحكومة في ظل الغضب الشعبي المتصاعد من الطبقة الحاكمة، وهو يسعى إلى الضغط لتقديم مرشَّحين مستقلين قادرين على ترتيب الأمور في البلاد".

وأضاف العبيدي: "اختيار شخصيات مستقلة غير ممكن، فالدستور العراقي نص على أن يكون رئيس الوزراء من الكتلة النيابية الأكثر عدداً في البرلمان. لكن قد يكون لبعض الموادّ تفسيرات تسمح بتكليف المرشَّح بعيداً عن الكتل، وهذا ينطوي على مخاطر كبيرة تتعلق بكيفية تمريره في البرلمان".

في غضون ذلك قال الخبير القانوني طارق حرب لـTRT عربي: "الوضع أصبح معقداً، لا سيما بعد أن قدّم رئيس الجمهورية طلباً لرئاسة البرلمان بشأن الكتلة الكبرى، وهذا مؤشر خطير ينخر الديمقراطية ويتعارض مع المد الشعبي العراقي".

وأضاف حرب: "لا توجد كتلة نيابية أكبر منذ بداية الدورة البرلمانية الحالية، وأن الكتلة الأكبر هي النصف زائد واحد وهذا لم يحصل طيلة الدورات السابقة".

وأكد حرب لـTRT عربي أنه "يمكن لأي كتلة أن تكون هي الكبرى بغض النظر عن عدد مقاعدها إذا لم يحصل أي اعتراض عليها"، متوقعاً أن يتكرر المشهد السياسي في العراق ونكون أمام أمر واقع كما حصل في حكومة نوري المالكي 2008 التي استمرت 8 أشهُر رغم إتمام ولايتها الدستورية، وقد تستمر حكومة تصريف الأعمال الحالية حتى تكليف رئيس جديد للحكومة، فلا يمكن بقاء الدولة بلا إدارة".

كلمة المتظاهرين الأخيرة

من جانبهم هدّد المتظاهرون بمواصلة التظاهرات الاحتجاجية في حال طرحت الكتل السياسية مرشَّحاً من بينها لشغل منصب رئيس الوزراء المقبل، معتبرين ذلك قفزاً على مطالبهم الرامية إلى أن يكون رئيس الوزراء المقبل مستقلّاً ومؤهَّلاً لإدارة البلاد في الفترة الانتقالية.

وفي هذا السياق قال الناشط المدني زمن الشيخلي لـTRT عربي، إن "المنظومة السياسية والأحزاب التي تحاصصت ثروات البلد لا يمكن أن تفرز رئيس حكومة جديداً ينسجم مع مطالب الشعب".

كما أشار الشيخلي إلى أن "من الضروري أن يكون رئيس الحكومة القادم ممثلاً للشعب محارباً للفساد وأن يكون عراقيّاً غير مزدوج الجنسية. ونطالب بمحاكمة كل المتورطين في قتل المتظاهرين، وإنشاء محاكم علنية خاصة بأحداث الاحتجاجات الشعبية الأخيرة".

من جانبها، تحدثت الناشطة زينب الدليمي لـTRT عربي قائلةً: "من الصعب علينا كمتظاهرين ترشيح شخصية مناسبة لشغل منصب رئيس الوزراء، وذلك لعدم وصول المتظاهرين إلى اتفاق محدَّد، فالتظاهرات تضمّ مكونات مختلفة من الشعب، وهذا تَحَدٍّ كبير يواجههنا في الفترة الحالية".

وأضافت الدليمي: "لا داعي أن تفرض الحكومة العراقية مرشَّحاً من الكتلة الكبرى، أي من الأحزاب السياسية الفاسدة التي حكمت العراق منذ 2003، فالحكومة تريد إعادة تدوير الأسطوانة المشروخة، وفرض الدستور الذي وضعه الأمريكان، الذي لا ينسجم مع آمال الشعب وطموحاته بالتغيير والإصلاح".

كما أكَّدَت الناشطة المدنية أن "علينا أن نسرع بترشيح شخصية مستقلة لا تنتمي إلى الأحزاب السابقة، كي لا نعطي الحكومة العراقية فرصة لفرض الأمر الواقع، وبصراحة نعتبر ذلك تهديداً لمستقبلنا، لذلك على المتظاهرين أن يتفقوا ويحددوا المسار".

TRT عربي