بوادر أزمة بين مصر والسودان بعد استدعاء الخرطوم للسفير المصري لديها  (AP)
تابعنا

تلوح بوادر توتر بين مصر والسودان مجدداً بعد استدعاء السودان للسفير المصري في الخرطوم، أمس، على خلفية إعلان وزارة البترول المصرية فتح عطاء دولي للتنقيب عن النفط في منطقة مثلث حلايب الحدودية المتنازع عليها بين البلدين منذ عقود.

وزارة الخارجية السودانية أكدت أن مصر لا تمتلك أي حقوق للتنقيب عن الثروات في مثلث حلايب، وفقاً للقانون الدولي، ويعد انتهاكاً لأراضٍ سودانية، وفي بيانها طالبت مصر بوقف جميع الإجراءات المتعلقة بالعطاءات نظراً إلى وضع المنطقة.

وزير النفط والغاز السوداني سعد البشري صرّح في بيانه بأن امتياز منطقة حلايب يقع في نطاق صلاحيات وزارة النفط السودانية، وفق الخرائط المعتمدة من قبل الهيئة العامة للمساحة السودانية ووزارة الدفاع، وأن طرح شركة جنوب الوادي المملوكة لوزارة البترول المصرية لأربعة مربعات داخل الأراضي السودانية بمنطقة حلايب غير قانوني، وتدخُّل مباشر في صلاحيات وزارته المخولة بهذا العمل

كما دعت المفوضية القومية للحدود السودانية الشركات العاملة في مجال التنقيب عن النفط لعدم التقدم إلى أي عطاءات في منطقة متنازع عليها دولياً، إذ سيعرضهم للمساءلة القانونية.

وكانت شركة جنوب الوادي القابضة المملوكة للحكومة المصرية أعلنت في 10 مارس/آذار الجاري عن عطاءات لعشر مربعات للتنقيب عن النفط والغاز بمياه البحر الأحمر في حلايب، أقصى المنطقة الجنوبية الشرقية لمصر.

إقليم حلايب يقع تحت السيادة المصرية فهو أمر غير قابل للنقاش، وأنه لم يكن يوماً يقع ضمن السيادة السودانية، وبموجب اتفاقية 1899 فهو يخضع للدولة المصرية

عادل سليمان - الخبير القانوني

يشير عادل سليمان، الخبير القانوني، في مقابلة مع TRT عربي، إلى أن إقليم حلايب يقع تحت السيادة المصرية فهو أمر غير قابل للنقاش، وأنه لم يكن يوماً يقع ضمن السيادة السودانية، وبموجب اتفاقية 1899 فهو يخضع لسيادة الدولة المصرية.

وفي هذا الإطار يفيد بأن الحكومة السودانية تسعى للفت النظر حول أزمتها الداخلية بافتعال أزمة خارجية وتصعيد دبلوماسي غير مبرر، كذلك فإن التحرك المصري يأتي في إطار سيادته على الإقليم وأن الجانب المصري لديه كامل الحق في التنقيب عن ثرواته في الأقاليم التي تقع تحت سيادته.

هل يستغل النظام المصري أزمة البشير؟

السودان يعاني من أزمة داخلية متصاعدة منذ اندلاع احتجاجات 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 تطالب برحيل البشير على خلفية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية.

وعلاقاته مع النظام المصري تشوبها الكثير من الخلافات، ففي فبراير/شباط الماضي اتهمت وسائل إعلام مصرية السودان بإيوائه أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، في حين رفض السودان المزاعم الإعلامية المصرية.

وفي أوائل عام 2017، شهدت العلاقات تدهوراً، عندما اتهم الرئيس السوداني عمر البشير مصر بدعم المتمردين في إقليم دارفور، وشهدت تصعيداً من جانب السودان، عندما قرر وقف استيراد المنتجات الحيوانية والزراعية المصرية في مايو/أيار من نفس العام.

إلا أن العلاقات عادت إلى التحسن من جديد ورُفع الحظر بعد محادثات بين البشير والسيسي في قمة الخرطوم، أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وعلى الرغم من تأكيد مصر دعمها الحكومة السودانية، بعد زيارة البشير إلى القاهرة يناير/كانون الثاني الماضي، فإن الأزمة الحالية أربكت الوضع مجدداً.

يرى الدكتور كامل إدريس، المختص في الشأن السوداني، في مقابلة مع TRT عربي، أن مسألة حلايب لا بد أن تخضع لتحكيم دولي للتوصل إلى حل نهائي، وعلى الدولتين السعي لحل النزاع وفق قواعد القانون الدولي، غير أن الحكومة السودانية الآن في ذروة ضعفها وتخلخلها، وأن زيارة البشير لمصر في يناير/كانون الثاني الماضي كانت في إطار بحث الحكومة عن دعم إقليمي ومخرج من الأزمة المتصاعدة التي يمر بها داخلياً، غير أن التصعيد الدبلوماسي مع مصر في ذلك التوقيت يشير إلى تخبط الحكومة السودانية في إدارة علاقاتها الخارجية.

خلفية النزاع على حلايب

يقع مثلث حلايب الحدودي بين مصر والسودان أقصى الركن الجنوبي الشرقي لمصر على ساحل البحر الأحمر، وتبلغ مساحته 20.580 كيلومتراً ويقع ضمن نطاق السيادة المصرية الآن، فيما تؤكد السودان أحقية سيادتها عليه.

النزاع يعود إلى خمسينيات القرن الماضي ويتجدد مع ادعاء كل طرف أحقيته بالمنطقة، بموجب اتفاقية 1899 التي تحدد الحد الفاصل بين الأراضي المصرية والسودانية عند خط عرض 22 شمال خط الاستواء، ولذلك تقع حلايب داخل الأراضي المصرية.

بعد استقلال السودان عن مصر عام 1956 بدأ النزاع بين البلدين بشكل فعلي عندما وضعت السودان الإقليم ضمن دوائرها الانتخابية في عام 1958، منذ هذا الحدث وهي تؤكد سيادتها على المنطقة، وتقوض استناد الحكومة المصرية إلى اتفاقية 1899 وحجتها أنها لا تعد اتفاقية دولية بموجب القانون الدولي.

عاد الخلاف ليبرز على السطح مجدداً عام 1995 مع محاولة السودان التنقيب عن النفط في المنطقة، إلى أن دخلها الجيش المصري ليحكم سيطرته العسكرية على حلايب بالكامل.

إلى أن تفجر النزاع من جديد في أبريل/نيسان 2016 عقب توقيع القاهرة والرياض اتفاقية ترسيم الحدود المائية، والتي بموجبها تنازلت مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، مما دفع السودان للتحرك لحسم قضية حلايب، ولكن رفضت القاهرة طلبها للتفاوض أو اللجوء إلى التحكيم الدولي، ما دفع السودان إلى تقديم مذكرة إلى مجلس الأمن يطالب بأحقيته في منطقة حلايب.

في الوقت ذاته كان السودان يسعى لتعزيز علاقاته مع جارته الشمالية لتجاوز الأزمة التي يمر بها ولدعم إستراتيجي أقوى، لكن التصعيد الحالي يبقى حلقة من سلسلة الخلافات التي تمر بها العلاقات المصرية السودانية.

منطقة مثلث حلايب المتنازع عليه بين مصر والسودان (AA)
TRT عربي