تابعنا
يدقّ أهالي الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال "جدرانَ الخزّان"، ويطالبون بالإفراج عن ذويهم قبل وقوع الكارثة.

فُجِع الشارع الفلسطيني صباح الأربعاء، بنبأ إصابة الأسير المحرر نور الدين صرصور بفيروس كورونا (كوفيد-19)، بعد أن أجرَت وزارة الصحة الفلسطينية الفحوصات اللازمة للتأكد من سلامته وخلوّه من المرض عقب خروجه مباشرة من سجون الاحتلال الإسرائيلي، ليُكتشف عكسَ ذلك.

وحصلت TRT عربي على معلومات حصرية من داخل سجن (عوفر) الذي كان يمكث فيه الأسير المحرّر خلال فترة سجنه، لتكشف عن اللحظات الأخيرة التي عايشها "صرصور" قبل خروجه، إذ احتكّ بالعشرات من الأسرى احتكاكًا مباشرًا، فجهزّه بعضهم للخروج وساعدوه في إنجاز أموره لمغادرة السجن.

السلطة الفلسطينية ومركز الأسرى والجمعيات المختصة ومؤسسات حقوقية سارعت للوقوف على معطيات الأمر الذي يشكل تهديدًا حقيقيًا على حياة الأسرى.

في هذا السياق، تواصلت TRT عربي مع جمعية (واعد) للأسرى والمحررين التي تقف هي الأخرى عند تبعات الأمر الذي هزّ الشارع الفلسطيني كله، ومركز إعلام الأسرى الفلسطينيين وجهات معنية أخرى، فكشفت عن كارثة تدّق ناقوس الخطر داخل سجون الاحتلال.

وأنبأ علي المغربي المتحدث باسم إعلام الأسرى في اتصال مع TRT عربي، بكارثةٍ حقيقية في الطريق تحتاج إلى تدخّل عاجل لإنقاذ الأسرى "إذ خالط الأسير نور الدين جلّ الأسرى الذين يقبعون معه في زنزانة واحدة (قسم 14) وكان بعضهم قد ساعده في قصّ شعره وتجهيزه للمغادرة".

وليس هذا فحسب بل "قام الأسير بتوديع أربعين أسيراً على الأقل قبل خروجه، في مكان يعتبر ممرًا لكل من في السجن، بالإضافة إلى تواصله مع ممثل الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال وممثل حركة حماس هناك". اللذين يمران دورياً على جميع أقسام السجن، يطمئنان على الأسرى ويتواصلان معهم في شتى أمورهم واحتياجاتهم باتفاق مع إدارة مصلحة سجون الاحتلال.

"وهذا يعني أننا أمام مأساة حقيقية"، يقول علي المغربي، فالعدوى قد تتفشى في كل أقسام سجن (عوفر) ببساطة، وبخاصة في (قسم 14) الذي مكث فيه الأسير نور الدين وخالط كل الأسرى فيه اختلاطاً مباشراً.

وطرح علي المغربي الاحتمالات والفرضيات التي يمكن أن تكون الطريقة التي انتقل بها الفيروس إلى الأسير، إذ إنه بطبيعة الحال أيٌّ من الأسرى يقبعون داخل السجون منذ شهور على الأقل وأكثرهم منذ سنوات طويلة، ولم يخالطوا أحدًا -مع شحّ الزيارات العائلية لهم- عدا جنود الاحتلال الإسرائيلي، والعاملين في إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية.

الأسير دخل سليماً معافى إلى السجن، وعليه فإن الإصابة وصلت إلى الأسير نور الدين إما عن طريق "جنود الجيش الإسرائيلي الذين اعتقلوه، وقد أصيب الكثير منهم كما أعلن الجيش، أو من ضباط المخابرات والشاباك أثناء التحقيق معه، أو من السّجانين هناك، وسجن (عوفر) الذي يمكث فيه الأسير شهد إصابة ثلاثة من السجانين".

كانت رواية مصلحة سجون الاحتلال تقول إنّ "السّجانين الثلاثة من سجن (عوفر) الذين أُعلنت إصابتهم بالفيروس يقبعون في الحجر الصحي ولم يمارسوا العمل داخل السجن منذ 14 يوماً"، لكن إصابة الأسير تضع استفسارات كثيرة حول مصدر الإصابة، ومصير الأسرى الفلسطينيين في سجن (عوفر) والسجون الأخرى مع الكشف المستمر عن إصابة سجانين آخرين، آخرهم سجانة في سجن (نتسان) هذا بالإضافة إلى تفشي المرض بين الجنود والضباط أنفسهم.

يأتي هذا في وقت أكدت فيه مصلحة السجون الإسرائيلية سلبيّة الفحوصات التي قالت إنّها أجرتها للأسير قبل خروجه من السجن مباشرةً، وكانت فحوصات شكلية كقياس درجة الحرارة وغيرها، لكن "الفحوصات الأخرى التي أجرتها وزارة الصحة الفلسطينية بعد خروجه، أثبتت عكس ذلك وجاءت إيجابية، ولم يكن يفصل بين النتيجتين إلا وقت قليل جداً".

بضع ساعاتٍ فصلت بين الفحوصات التي قالت إدارة سجون الاحتلال إنها أجرتها للأسير المحرر قبل خروجه من سجن (عوفر) مؤكدة خلوه من الفيروس، وبين الفحوصات التي أجرتها وزارة الصحة الفلسطينية عقب خروجه التي جاءت (إيجابية) وأكدت إصابة الأسير من فيروس كورونا.

في هذا السياق، طالب عبد الله قنديل رئيس جمعية (واعد) للأسرى والمحررين بتدخلٍ سريعٍ وإجراءات وقائية وفحوصات عاجلة جداً للأسرى الفلسطينيين في (سجن عوفر) على وجه الخصوص، لأن "تفشِّي المرض بين الأسرى مسألة وقت فقط في ظل مصادرة المعقمات ومواد التنظيف، وعدم إجراء سبل الوقاية، واكتظاظ الأسرى في الأقسام".

قلوب أهالي الأسرى باتت أكثر قلقاً وخوفاً

على جانب آخر، وبمجرد سماع خبر إصابة الأسير نور الدين، دبّ الرعب في قلوب الشارع الفلسطيني عموماً، وفي قلوب أهالي الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال على وجه الخصوص، كلٌّ منهم يتوجه إلى الله ليحمي والده أو والدته أو شقيقه أو أخته أو نجله أو كريمته أو جده؛ من هذا الفيروس الذي بات يهدد العالم كله.

في لقاء لـTRT عربي مع عائلة الأسيرة نسرين أبو كميل التي تقبع في سجون الاحتلال منذ أكثر من أربع سنوات تاركةً وراءها سبعة أطفال، غادرتهم ولم يكن يتجاوز أصغرهم عامين، فيما تعاني الأسيرة أبو كميل من مشاكل صحية عديدة، منها ضعف في عضلة القلب ورعشة في الأطراف ومياه على الرئتين، وكانت قد أجريت لها عملية جراحية في مستشفيات الاحتلال في وقت سابق.

طفلة الأسيرة (ملك) الكبرى التي استقبلتنا فيما كانت تجهز لإخوتها الصغار طعام الغداء، باتت تخاف أكثر على أمها من انتقال العدوى إليها.

تقول: "المفروض الكل يقف معنا ويساعدنا عشان يطلع أمهاتنا، وكل واحدة تروح لأحضان أمهاتنا، وإحنا خايفين عليهم من المرض".

أما طفلتها (نادين) الأصغر سناً فعبرت بصوتها الرقيق الشجي: "أنا بدي أمي ترجع لي وتضلها جنبي، بحبها كتير، راحت وأنا لسه صغيرة كان عمري ثلاث سنوات ونصف، أنا خايفة عليها من مرض كورونا".

على الصعيد نفسه، وبعد تلقّي الأسرى خبر إصابة الأسير نور الدين، أعلنت الحركة الأسيرة حالة استنفار قصوى في السجون كافة، وقبل حتى خروجه قامت بخطوات نضالية تصعيدية للمطالبة بإجراءات وقائية في السجون، ومنع إصابة الأسرى مبكراً قبل أن تقع كارثة، فإصابة أسير واحد داخل السجن تعني انتشار المرض كالنار في الهشيم بين الأسرى.

يذكر أن تحرير السجناء في ظروف الوباء الحالي؛ باتت مطلباً ملحّاً، والكثير من الجهات الحقوقية طالبت بذلك، واستجابت دول عديدة، وقامت بخطوات إيجابية، وأطلقت سراح الكثير من السجناء والأسرى.

في القوانين الإسرائيلية يوجد قانون يعرف بـ(شليشي) يُفرج بمقتضاه عن السجناء الذين قضوا ثلثَي مدة الحكم، لكن سلطات الاحتلال قصرت عمل القانون على السجناء الإسرائيليين فقط من أصحاب الجنح والجرائم، وحجبت سريانه على الأسرى الفلسطينيين، وتوجد مطالب حالية بتفعيل هذا القانون على الأقل لمنع تفشي الفيروس.

في السياق ذاته، عرض يحيى السنوار قائد حركة حماس خلال لقاء متلفز ليلة الخميس الماضي، الإفراج عن الأسرى كبار السن والنساء والأطفال والمرضى مقابل تحريك ملف في ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة.

طفلة الأسيرة (ملك) الكبرى التي استقبلتنا فيما كانت تجهز لإخوتها الصغار طعام الغداء، باتت تخاف أكثر على أمها من انتقال العدوى إليها (TRT Arabi)
عائلة الأسيرة نسرين أبو كميل التي تقبع في سجون الاحتلال منذ أكثر من أربع سنوات تاركةً وراءها سبعة أطفال (TRT Arabi)
السلطة الفلسطينية ومركز الأسرى والجمعيات المختصة ومؤسسات حقوقية سارعت للوقوف على معطيات الأمر الذي يشكل تهديدًا حقيقيًا على حياة الأسرى (TRT Arabi)
كانت رواية مصلحة سجون الاحتلال تقول إنّ "السّجانين الثلاثة من سجن (عوفر) الذين أُعلنت إصابتهم بالفيروس يقبعون في الحجر الصحي (TRT Arabi)
قام الأسير المصاب بالفيروس بتوديع أربعين أسيراً على الأقل قبل خروجه، في مكان يعتبر ممرًا لكل من في السجن، بالإضافة إلى تواصله مع ممثل الحركة الأسيرة (TRT Arabi)
TRT عربي