تابعنا
يبدو أن محاولة الحوثيين امتصاص الغضب السعودي بعد عملية أرامكو التي أحدثت أضراراً بالغة بمنشآت النفط والغاز لم تحقق أهدافها، خصوصاً وأنّ شرط المبادرة الأول يتضمن وقف الغارات السعودية على اليمن.

يبدو أن لا مؤشر على وقف الحرب في اليمن، على الرغم من إعلان حركة "أنصار الله" وقف استهداف السعودية بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، فإن الرياض كثفت من غاراتها على المناطق اليمنية بعد مبادرة الحوثيين للسلام.

لم تتأخر السعودية كثيراً في الرد على مبادرة الحوثيين للسلام، وبعد ساعات من إعلان رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط وقف الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية على السعودية، أمطرت الأخيرة مناطق في صعدة والجوف وحجة بعشرات الغارات، التطورات العسكرية جاءت على الرغم من ترحيب الرياض ضمنياً بمبادرة الحوثيين، وعلى لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية للسعودية عادل الجبير الذي أكد أن الرياض "تراقب جدية تطبيق مبادرة السلام التي طرحها الحوثيون".

غير أن التطورات العسكرية سواء عبر الغارات الجوية أو المواجهات بمختلف الأسلحة الثقيلة في مدينة الحديدة بين القوات التابعة لـ"التحالف" من جهة وقوات الحوثيين من جهة أخرى، كل تلك التطورات تؤكد فشل مبادرة السلام التي أعلنتها حركة "أنصار الله".

ويبدو أن محاولة الحوثيين امتصاص الغضب السعودي بعد عملية أرامكو التي أحدثت أضراراً بالغة بمنشآت النفط والغاز لم تحقق أهدافها، خصوصاً وأنّ شرط المبادرة الأول يتضمن وقف الغارات السعودية على اليمن وفك الحصار على المواني والمطارات لم يتحقق.

وعلى العكس من ذلك صعدت السعودية من غاراتها ووصلت خلال الساعات الأولى إلى إعلان المبادرة إلى أكثر من 35 غارة، وهو ما يؤكد أن الرياض ترفض المبادرة.

الأمر الذي أكده أيضاً رئيس تحرير "صحيفة الجيش" التابعة لحركة "أنصار الله" الحوثيين عبد الغني الزبيدي في حديث لـTRT عربي، بأن "الرياض لم تتلقف المبادرة، واستمرت في القصف على أحياء سكنية في مدينة عمران، الأمر الذي يؤكد أن السعودية لم تتعاطَ مع المبادرة بشكل إيجابي"، معتبراً أن "استهداف أرامكو لم يكن غير رد على الحرب السعودية على اليمن، فإذا أوقف التحالف الحرب والحصار فإن الصواريخ والطائرات ستتوقف عن استهداف العمق السعودي".

وخلص إلى أن "المبادرة تهدف إلى قطع الطريق على الرئيس الأمريكي ترمب، الذي حاول استغلال السعودية بعد استهداف أرامكو". في موازة ذلك أعلنت حركة "أنصار الله"، استعدادها لضرب أهداف سعودية "أكثر إيلاماً"، في حال رفضت الرياض مبادرة مهدي المشاط للسلام، وقال عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي في تصريح إننا "نحمل العزيمة والإصرار وبإمكاننا أن نضرب أي مكان ولدينا تطور في القدرات العسكرية"، محذراً "التحالف من رفض مبادرة السلام (لأننا) سنؤلمهم أكثر ولن نستسلم".

ويتوقع مراقبون رفض التحالف مبادرة وقف الحرب، خصوصاً أن المبادرة ليست الأولى التي تطلقها حركة "أنصار الله".

وقد سبق أن أعلن الرئيس السابق لـ"المجلس السياسي" للحوثيين صالح الصماد في العام 2016، عن مبادرة شبيهة للمبادرة التي أعلنها المشاط قبل أيام، غير أن المبادرة الأخيرة جاءت بعد عملية أرامكو النوعية والتي تُعد أكبر عملية ينفذها الحوثيون ضد السعودية منذ بدء الحرب عام 2015، خصوصاً أن العملية استهدفت أكبر منشأة نفطية في العالم، وأوقفت الرياض عن تصدير 5 ملايين برميل نفط يومياً، الأمر الذي أعطى للمبادرة زخماً ولاقت ترحيباً أممياً عبّر عنه المبعوث الدولي لليمن مارتن جريفيث، الذي وصف المبادرة بـ"الرسالة القوية لإرادة وقف الحرب"، متمنياً "الاستفادة من هذه الفرصة لتحقيق مزيد من الانفتاح وتطبيق بنود المبادرة كحسن نية من قِبل أنصار الله".

ويستبعد محللون أن تكون المبادرة نقطة انطلاقة لوقف الحرب في اليمن، خصوصاً أن الأهداف التي أعلنتها السعودية فور تدخلها في اليمن، المتمثلة في تدمير القدرات العسكرية للحوثيين وعودة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى العاصمة صنعاء لم تتحقق، وبات الحوثيون يمتلكون قدرات عسكرية تؤهلهم لتحقيق توازن ردع مع السعودية.

ويتوقع الناشط السياسي أزال الجاوي في حديث لـTRT عربي أن "السعودية ستستمر في حربها على اليمن، على الرغم من فشلها لسنوات في تحقيق انتصار"، مشيراً إلى أن "مبادرة مهدي المشاط، كانت تهدف إلى إثبات أن العملية العسكرية الأخيرة على أرامكو، نفذها أنصار الله وليس إيران، فضلاً عن الرسالة التي تؤكد الأخذ بزمام المبادرة من قبل أنصار الله، سواء فيما يتعلق بالحرب أو بالسلام".

وأوضح الجاوي أن "وضع السعودية بات أكثر خطراً في حال لم تستجب للمبادرة، لأن استمرار ضرب المنشآت الاقتصادية السعودية، سيفاقم من أزمات الرياض وستتورط أكثر بسبب استمرار حربها على اليمن"، لافتاً إلى أن "الرياض لن تجد مخرجاً لوقف الحرب خصوصاً أنها قد استنجدت بالولايات المتحدة والدول العظمى للوقوف معها بعد حادثة أرامكو، ولم تلاقِ استجابة عملية تحميها من الطيران المسير والصواريخ البالستية التي ستنهال عليها أيضاً في المستقبل".

TRT عربي