Boris Johnson - Emmanuel Macron interview (Mustafa Yalcin/AA)
تابعنا

وقّعَت بريطانيا وفرنسا في 20 يوليو/تموز الماضي، اتفاقاً بينهما من أجل الحدّ من ظاهرة الهجرة السريَّة الكثيفة التي يعرفها بحر المانش والقناة البريطانية. اتفاق بموجبه تلقت فرنسا من جارتها الشمالية حزمة مالية بلغ قدرها 74 مليون دولار، إعانات لمنع قوارب المهاجرين من الانطلاق من شواطئها الشمالية.

بالتزامن مع ذلك كان بحر المانش الفاصل بين البلدين يعرف توتُّراً غير مسبوق، إثر تضييق لندن على نشاط الصيد البحري الفرنسي بسواحل جزيرة جيرزي التابعة للعرش البريطاني. قرارٌ رأت فيه فرنسا خرقاً من الحكومة البريطانية لما أتى به اتفاق بريكسيت.

الغريب أنه بعد توقيع اتفاقية التعاون للحدّ من الهجرة، تغيَّر جذرياً خطابُ العاصمتين، فهل ابتزت باريس لندن بملفّ الهجرة، كي تفك الخناق على ملفّ الصيد؟

توتُّر على بحر المانش!

هو إذاً توتر ذو وجهين، ذلك الذي يعرفه الحيز المائي بين فرنسا وبريطانيا، البلدين اللذين تجمعهما حدود بحرية، ويفرقهما اختلاف في الرؤى، آخرها ما تفتقت عنه اتفاقية بريكسيت في ما يخصّ الصيد البحري، الذي يشدّد الخناق على نشاط الصيَّادة الفرنسيين في مياه بحر المانش.

من أهمّ البنود التي أتى بها ذلك الاتفاق في هذا الصدد، كان أن تتخلى قوارب الاتحاد الأوروبي تدريجياً عن 25% من حصصها الحالية خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات ونصف سنة. سابقاً، في شهر مايو/أيار، قصرت السلطات البريطانية السماح بالصيد قبالة سواحل جزيرة جيرزي التابعة لها على قائمة لا تضم إلا أسماء 41 سفينة فرنسية،مقابلَ 344 سفينة تصر باريس على ضرورة توسيع هذه القائمة لكي تشملها.

الأمر التي احتجت عليه الحكومة الفرنسية وقتها، معتبرة أن لندن تخرق ما اتُّفق عليه مسبقاً من بنود معاهدة خروجها من الاتحاد الأوروبي، كما أثار تحركات احتجاجية بين صيادي منطقة النورماندي (شمال فرنسا) الذين "سجلوا موقفهم" الرافض للقرار والضاغط على حكومة جيرزي، عبر احتشاد لسفن الصيد بميناء الجزيرة البريطانية بغرض إقلاق الحركة فيه.

اتفاقيتان في عشية واحدة؟

وصولًا إلى الـ20 يوليو/تموز، إذ أعلنت حكومة جيرزي موافقتها على تمديد فترة سماحها للسفن الفرنسية بالصيد في سواحل الجزيرة لمدة ثلاثة أشهر أخرى. موافقة تلقاها الجانب الفرنسي بارتياح، معتبراً إياها "نفساً قد ينعش قطاع الصيد" شمال البلاد، حسب ما صرّحت به وزيرة الصيد البحري الفرنسية آنيك جيراردان.

هذا السماح الذي كان قد أتى مسبقاً عبر اتفاق بين جونسون وماكرون، والذي شمل فقط السفن المتوفرة على تكنولوجيا تعقُّب الكميات المصطادة والتحكُّم بها.

في المقابل، وفي نفس اليوم، كان بحر المانش موضوع اتفاقية أخرى، وقّعتها باريس ولندن، هذه المرة حول الهجرة السرية التي تعرفها سواحلهما. بموجب هذه الاتفاقية تشدّد باريس الخناق على سواحلها الشمالية، التي تعد المنصة التي تنطلق منها رحلات المهاجرين السريين نحو جارتها الشمالية. في المقابل تدفع لندن حزمة مالية تقدَّر بـ74 مليون دولار لفرنسا، إعانات لتدعيم منظومة حمايتها تلك السواحل وتجديد تكنولوجيتها المستخدمة في ذلك.

بحر المانش الذي يعرف سنوياً عبور أكثر من 8 آلاف مرشح للهجرة السرية، يعرف في الآونة الأخيرة تزايداً غير مسبوق لهذه الرحلات، لتبلغ 430 مهاجراً حاولوا عبور المانش في يوم واحد مطلع هذا الأسبوع، في وضع يربطه مراقبون بالتوتر المذكور حول ملف الصيد البحري.

إشارة أخرى، هي تغيُّر نبرة الخطاب بين باريس ولندن منذ توقيع الاتفاقيتين، بشكل بلغت به أهدأ مستوياتها منذ أشهر، يغلب عليها الارتياح حول ما حُقّق من اتفاقيات، فيما يرى باحثون بريطانيون أن ماكرون سيمثل "المشكلة الكبرى" لجونسون خلال التصعيد بينه وبين الاتحاد الأوروبي حول اتفاق إيرلندا الشمالية، و "رأينا هذا خلال حملة الصيد البحري".

ويضيف ذات المصدر أن الرئيس الفرنسي "ممتعض من سياسة جونسون، وأصبح بريكسيت همَّ كل خلية من جسده"، في إشارة إلى التشدد الماكروني الكبير في علاقته مع قرارات الحكومة البريطانية، مما يدفع إلى التفكير: هل ابتزت فرنسا بريطانيا في ملف الصيد باستخدام قضيَّة الهجرة؟

TRT عربي