ماذا يجري في جزيرة كورسيكا الفرنسية؟ (Pascal Pochard-Casabianca/AFP)
تابعنا

حاملين رايات الاستقلال التي يتوسطها رأس أسود بعصابة بيضاء، هاتفين بسقوط الجمهورية وواصفين الدولة الفرنسية بـ"السفَّاحة"، كانت مشاهد المظاهرات التي تهزّ جزيرة كورسيكا منذ 2 مارس/آذار الجاري، احتجاجاً على الاعتداء الذي طال الناشط الانفصالي إيفان كولونا داخل أحد السجون الفرنسية.

مظاهرات سرعان ما تحولت إلى صدامات عنيفة ليلة الخميس، استُخدم فيها التراشق بالحجارة بين رجال الشرطة والمتظاهرين، كما هوجمت المباني الحكومية وخُرّبت البنوك، وأُضرِمَت النار في في الطرقات منعاً للشرطة من التقدم نحو الأحياء.

ليلة مشتعلة في كورسيكا

بدأت أطوار ليلة الخميس المشتعلة في جزيرة كورسيكا بخروج أكثر من 400 شخص، قال الإعلام الفرنسي إنهم كانوا طلاب مرحلة ثانوية بمدينة أجاكسيو، حاملين لافتة كبيرة كُتب عليها "من أجل إيفان، الدولة الفرنسية سفاحة!"، بعضهم ملثَّم أو مسلَّح بمضارب التنس، في إشارة إلى استعدادهم للاشتباك مع رجال الشرطة. هذا لولا أن بعض البالغين كان في المكان وحالوا دون ذلك.

وإن كانت مظاهرات أجاكسيو انتهت في هدوء، لم يكن الحال مماثلاً في باستيا، ثانية أكبر مدن الجزيرة. حيث اندلعت مواجهات بين رجال الشرطة والمتظاهرين، رُشقت فيها قوات حفظ الأمن الفرنسية بالحجارة، فردّت بالقنابل المسيلة للدموع والمطاردات، لنتقل العدوى مجدداً إلى أجاكسيو.

وحسب بلدية منطقة كورسيكا العليا فإن "نحو ثلاثين شخصاً هاجموا بشكل سريع رجال الأمن بقنابل المولوتوف والحجارة والألعاب النارية"، وأكد رئيس المجلس الإداري لكورسيكا جيل سيميوني أن "الاحتجاجات يجب أن تكون سلمية وتبقى سلمية".

ووثّقَت مقاطع فيديو اشتعال اللهب في مبنى محكمة أجاكسيو، كما وثّقت متظاهرين يجوبون تلك الشوارع تتقدمهم جرافة يستعملونها لتخريب البنوك والصرافات الآلية. وقالت السلطات المحلية إن 14 شخصاً أصيبوا في أجاكسيو وحدها، بينهم صحافي في محطة "TF1" التليفزيونية الفرنسية أصيب في ساقه.

احتجاجات قومية

واشتعلت الاحتجاجات أول الأمر في 2 مارس/آذار الجاري، إذ كانت شرارتها الاعتداء على المناضل الانفصالي الكورسيكي إيفان كولونا في أحد السجون الفرنسية، الذي نُقل إثرها إلى المشفى في حالة خطيرة بين الحياة والموت، فيما يتهم المحتجون الدولة الفرنسية في تلك الواقعة، ويحمّلونها المسؤولية.

ودخل إيفان كولونا السجن سنة 2003 مُداناً في قضية اغتيال المسؤول الإقليمي في كورسيكا كلود إيرينياك عام 1998، ومنذ ذلك الحين يُعَدّ شخصية قومية للانفصاليين بالجزيرة الواقعة في عُرض البحر الأبيض متوسط.

وسارعت الحكومة الفرنسية، المشغولة هذه الأيام بالهجوم الروسي على أوكرانيا، إلى اتخاذ إجراءات في حق السجناء الانفصاليين من أجل احتواء غضب الشارع، فأسقطت عنهم الوضع الخاص الذي كان يحرمهم الزيارة في المعتقل، وحثّ سيميوني الحكومة الفرنسية على أن تفتح "نقاشاً سياسياً جديداً وتعترف بأن في كورسيكا مسألة عالقة".

TRT عربي
الأكثر تداولاً