صيادون فرنسيون يحتجون في ميناء جزيرة جيرزي البريطانية ( Siegfried Modola/Getty Images) (Siegfried Modola/Others)
تابعنا

في تطور جديد تعرفه قضية الصيد في بحر المانش، احتجزت السلطات الفرنسية سفينة بريطانية ووجهت تحذيرات شفهية إلى أخرى بحجة عدم توفرهما على رخصة صيد في مياه فرنسا، الأمر الذي أشعل لهيب ملاسنات بين الحكومتين، يُضاف إلى مسلسل التوتر الذي يعرفه الملف منذ توقيع اتفاق مغادرة المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

فيما يبقى هذا الخلاف مفتوحاً لتصعيد يمسّ ملفات شراكة أخرى بين البلدين، على رأسها ملف الهجرة الذي دأبت فرنسا تصريف الخلاف حول الصيد البحري من خلاله، كما يأتي بعد أسابيع قليلة من تدهور العلاقات الدبلوماسية بين باريس ولندن إثر استثناء الأولى من حلف "أوكوس" و"الصفعة" التي تبعت ذلك بتخلي أستراليا عن صفقة الغواصات الفرنسية.

تحذير سفن واعتقال صيادين

نقلاً عن وكالات أنباء دولية، احتجزت فرنسا الخميس، سفينة صيد بريطانية دخلت مياهها الإقليمية بلا ترخيص وأصدرت تحذيراً شفهياً لسفينة أخرى. قبلها كانت باريس أعلنت إجراءات انتقائية ضدّ السفن البريطانية، ردّاً على رفض هذه الأخيرة منح الصيادين الفرنسيين العدد الكامل من تراخيص العمل داخل المياه البريطانية.

وسبق أن قالت فرنسا إنها ستفرض في 2 نوفمبر/تشرين الثاني ضوابط جمركية إضافية على البضائع البريطانية التي تدخل أراضيها، مما يزيد احتمالية تزايد الضغوط الاقتصادية قُبيل عيد الميلاد في بريطانيا، التي تعاني أساساً نقص العمالة وتصاعد أسعار الطاقة.

فيما قال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي كليمنت بون، إن بلاده "ستستخدم الآن لغة القوة التي يبدو أنها اللغة الوحيدة التي تفهمها بريطانيا"، في إشارة إلى سلسلة عقوبات أخرى تعتزم حكومة ماكرون طرحها ضدّ لندن، لا يستبعد أن يكون ضمنها مراجعة فرنسا صادراتها من الكهرباء نحو المملكة. وعلّقَت وزيرة البحار الفرنسية أنيك جيراردان في حديثها لإذاعة "RTL"، واصفة الأمر بقولها: "هذه ليست حرباً، بل معركة".

وتحتجّ فرنسا على تعثُّر المحادثات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حول ملف الصيد، ولم يردّ مكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على الفور على طلب التعليق على احتجاز السفينة. وعلّق ديفيد فروست، الوزير "البريكسيت" البريطاني، على الموضوع قائلاً إنه "من المخيب للآمال للغاية أن فرنسا شعرت بضرورة توجيه تهديدات في وقت متأخر من هذا المساء ضدّ صناعة صيد الأسماك في المملكة المتحدة والتجار على ما يبدو على نطاق أوسع".

ليست حرب بل معركة؟

يأتي التوتر بين فرنسا وبريطانيا امتداداً لسلسلة من التصعيدات نتيجة عدم التوصل إلى اتفاق مُرضٍ بين الجانبين الأوروبي والبريطاني حول ملف الصيد، إذ سبق أن احتجّ صيادون فرنسيون في شهر يوليو/تموز الماضي في ميناء جزيرة جيرزي البريطانية وعرقلوا الحركة فيه، فيما تحصلت فرنسا إثر هذا الضغط على اتفاقين في عشيَّة واحدة، موافقة حكومة جيرزي على تمديد فترة سماحها للسفن الفرنسية بالصيد في سواحل الجزيرة لمدة ثلاثة أشهر أخرى، وحزمة إعانات مالية بريطانية إلى فرنسا من أجل تمويل جهودها في مكافحة الهجرة غير النظامية.

هجرة غير نظامية دأبت باريس على تحريكها كورقة ضغط في ملف الصيد، إذ يعرف بحر المانش سنوياً عبور أكثر من 8 آلاف مرشح للهجرة السرية، ويتزايد هذا الرقم كلما ارتفعت لهجة التصعيد بين البلدين. فتزامناً مع احتجاج الصيادين استقبلت الشطآن البريطانية 430 مهاجراً خلال يوم واحد، بعدها مع تأخر لندن في دفع حزمات الإعانات المالية التي وعدت بها السلطات الفرنسية عبر أزيد من 1500 مهاجر مضيق المانش نحو ضفته الشمالية.

يُضاف هذا إلى حزمة العقوبات الأخيرة التي أعلنتها فرنسا ضد بريطانيا، وتضمنت منع أسطول الصيد البريطاني من الرسوّ بمرافئها، وتشديد عمليات التفتيش الحدودية والتفتيش الصحي على البضائع القادمة من بريطانيا خصوصاً. بالتالي يرى مراقبون أن المعركة التي تحدثت عنها وزيرة البحار الفرنسية ستكون بتوظيف هذه الأوراق في تصعيدها ضدّ جارتها الشمالية من خلال احتجاجات الصيادين، وعبور المهاجرين والعقوبات الثقيلة.

TRT عربي